الشرق اليوم– حلّ الرئيس السوري أحمد الشرع، ضيفاً في مقابلة ضمن البودكاست السياسي البريطاني ” THE REST IS POLITICS “، الذي يقدمانه أليستر كامبل وروي ستيوارت. وقال الشرع، إنّ “زيارته إلى الرياض جاءت تلبية لدعوة ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، مشيراً إلى أن المملكة كانت الدولة التي وُلد فيها، وكان دائماً يتطلع للعودة إليها على المستوى الشخصي”. واعتبر الشرع أن زيارته الأولى كرئيس يجب أن تكون إلى دولة عربية ذات ثقل إقليمي، مما جعله يختار السعودية لهذا الدور.
وتطرق الشرع إلى مسيرته التي بدأت بالمقاومة ضد النظام السوري، مشدداً على أن دخوله المعترك السياسي لم يكن خياراً شخصياً، بل جاء نتيجة الظروف التي مرت بها سوريا. وأشار إلى القمع الذي تعرض له السوريون طيلة العقود الماضية، وكيف أن النظام رفض جميع الحلول السياسية، مما أدى إلى تصاعد النزاع المسلح.
كما تحدث الشرع عن طفولته التي قضاها بين السعودية ودمشق والعراق، منوهاً إلى تأثير الانتفاضة الفلسطينية في بداية الألفية على وعيه السياسي. وأضاف أن عائلته تنحدر من الجولان السوري المحتل، و كشف الشرع عن أن والده كان لاجئاً سياسياً في العراق، وكان له دور في مناقشة القضايا السياسية في الصحف السعودية والسورية، ما أسهم في تشكيل وعيه السياسي المبكر.
السجن في العراق
وأوضح الشرع أنه انتقل إلى العراق في سن مبكرة، مدفوعاً برغبته في التعلم والمشاركة في مقاومة الاحتلال الأميركي، مؤكدا أنه لم يكن جزءً من الصراع الطائفي الذي اندلع في البلاد. ما تحدث الرئيس السوري عن فترة سجنه التي امتدت لخمس سنوات في عدة معتقلات عراقية، موضحاً أنها كانت محطة فارقة في حياته، حيث تعرّف على العديد من الشخصيات المؤثرة وصقل أفكاره السياسية. كما كشف الشرع أنه بعد خروجه من السجن عاد إلى سوريا مع مجموعة صغيرة من المقاتلين، سرعان ما توسعت لتشمل الآلاف. وأوضح أنه رفض تكرار تجربة العراق في سوريا، مما أدى إلى صراع مع تنظيم القاعدة وداعش، حيث فقد أكثر من 1200 من عناصره في المواجهات معهم.
وحول المرحلة الحالية، أكد الشرع أن حكومته تعمل على تثبيت مؤسسات الدولة ومنع انهيارها، مؤكداً أنه سيتم الإعلان عن مؤتمر للحوار الوطني قريباً، يليه تشكيل لجنة دستورية لوضع دستور جديد للبلاد. كما أشار إلى أن الأولوية الآن هي إعادة الإعمار وتحقيق التنمية الاقتصادية، مشدداً على ضرورة رفع العقوبات المفروضة على سوريا.
وحول رؤيته للعلاقات الخارجية، أوضح الشرع أنه يسعى إلى بناء علاقات متوازنة مع القوى الإقليمية والدولية، بحيث أن لا تكون سوريا ساحة للصراعات الدولية بعد الآن. أما على الصعيد الاقتصادي، فقد أشار إلى أنه استلهم من تجارب دول مثل سنغافورة والبرازيل ورواندا، لكنه يسعى إلى تطوير نموذج اقتصادي يناسب خصوصية سوريا.
التحديات الأمنية والجيش الجديد
تحدث الشرع عن خططه لإعادة هيكلة الجيش السوري، وأشار بدوره إلى أنه جلب معه مؤسسة عسكرية منظمة، بديلة عن الجيش السابق الذي وصفه بأنه “مجرد ميليشيات تتبع لإيران وروسيا”. وأكد من جهته أن التجنيد في الجيش الجديد سيكون طوعياً ، مع انضمام الآلاف من المتطوعين يومياً.
كما انتقد الشرع ضمن المقابلة، العقوبات الأميركية المفروضة على سوريا، معتبراً أنها لم تعد مبررة بعد سقوط النظام السابق. كما أعرب عن قلقه من تصريحات الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب حول تهجير الفلسطينيين، مؤكداً أن التاريخ أثبت أن محاولات التهجير القسري لن تنجح.
في ختام حديثه، أكد الشرع أن عقليته الثورية لم تعد كافية لإدارة دولة، مشيراً إلى أن المرحلة الحالية تتطلب تركيزاً على إعادة الإعمار والاستقرار السياسي. وأضاف: “لم أسعَ للرئاسة، لكن المسؤولية فرضت نفسها، والهدف الآن هو بناء سوريا جديدة قوية ومستقرة”.