الشرق اليوم– تتجه إيران في مسارات عدة بالتوازي، تزامناً مع اقتراب الضربة الإسرائيلية المتوقعة نحوها رداً على الهجمات الصاروخية في الأول من أكتوبر (تشرين الأول) الجاري.
المسارات الإيرانية ما بين السعي الدبلوماسي إلى حشد إقليمي لتخفيف وطأة الضربة الإسرائيلية من جهة، ومن أجل الحصول على دعم إقليمي عربي يحيد الموقف العربي ولا يعزل إيران عن محيطها الإقليمي، وإضافة إلى الدبلوماسية الإيرانية في المحيط العربي، توجه إيران رسائل للغرب من أجل زيادة الضغط عليه في الملف النووي.
مع استمرار الإنذارات بتوجيه الضربة الإسرائيلية لإيران قال وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي إنه يحذر إسرائيل من الاستخفاف بعزيمة طهران، معتبراً أن أي عدوان سيقابل برد أقوى من ذي قبل.
في السياق ذاته وصل عراقجي إلى القاهرة بعد مناقشات مع كبار المسؤولين في الأردن لمواصلة مهمته الدبلوماسية، إذ أجرى مناقشات مع العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني، مؤكداً على الحاجة الملحة إلى تعزيز التعاون بين الدول الإسلامية لمواجهة العمليات العسكرية الإسرائيلية المستمرة.
وتعد زيارة عراقجي إلى الأردن جزءاً من جولة دبلوماسية أوسع نطاقاً تهدف إلى تهدئة التوترات في المنطقة، وهو ما عكسته رحلاته الأخيرة إلى سوريا والسعودية ولبنان وقطر والعراق وعمان، إذ سعى إلى تشكيل تحالفات وبناء إجماع حول سبل إنهاء الهجمات العسكرية الإسرائيلية على المدنيين الفلسطينيين واللبنانيين، كما يصرح.
لكن جزءاً من هذه الدبلوماسية هو الحشد الإقليمي، لاسيما وأن تلك الدول لديها علاقات قوية وطيبة مع الولايات المتحدة، ومن ثم هناك سعى إيراني إلى توظيف تلك العلاقات لتخفيف وطأة الضربة الإسرائيلية، لكن المؤكد أنه على إيران أن تعي أنه حينما تشتد المواجهات الإسرائيلية ضدها فلن يكن مجدياً لها سوى توطيد علاقاتها الدبلوماسية مع محيطها العربي.
وهو ما يجب أن يدفع طهران لاتخاذ خطوات حقيقية لبناء الثقة مع جيرانها وتحسين العلاقات معهم، وأن العزلة الإقليمية تدفع طهران إلى الوقوف وحدها أمام الضربات الإسرائيلية المدعومة أميركياً والكابحة للرد الإيراني.
من جهة أخرى تسعى إيران في ظل ضعف قدرات الردع لديها إلى أن تعيد بناء تلك القوة من خلال التلويح بإمكان تغيير إستراتيجيتها النووية، التي أعلنت من خلالها أن برنامجها النووي سلمي فقط، إلا أنه بعد أن ضعفت قدرات الردع لديها أمام الضربات الإسرائيلية والتفوق الاستخباري الإسرائيلي والأمني لكثير من الأهداف في الداخل الإيراني، واستهداف قدرات “حزب الله” التسليحية واغتيال قائد محور المقاومة، بعد قاسم سليماني، حسن نصرالله، وكذلك أمين “حزب الله” اللبناني، مما جعل إيران تعاني أزمات تتعلق بالقيادات المرتبطة بالمحور، واهتزاز صورتها أمام تابعيها، وتعثر قدرتها على التوفيق بين حاجاتها الداخلية وحاجتها إلى تحسين وضعها الاقتصادي عبر إعادة مفاوضات الاتفاق النووي، وما بين التصعيد الإقليمي في مواجهة إسرائيل واستعراض القوة.
لذا تحاول إيران أن تلوح بورقة إمكان تطوير سلاح نووي يمكن أن تضغط به على الغرب، إذ بدأت الترويج عبر وسائل الإعلام على أنها بصدد التفكير بتغيير عقيدتها النووية، وأن هناك إجماعاً وطنياً وقومياً يطالب بتطوير قدرات طهران النووية وزيادة قدرات الردع بعد الاعتداءات الإسرائيلية على لبنان وغزة وإيران.
ونشر كثير من وسائل الإعلام الإيرانية عن تضاعف عدد المواطنين الإيرانيين الذين دافعوا عن تطوير الأسلحة النووية، وأنه حينما ضرب زلزال منطقة سمنان بوسط إيران، أثار تكهنات على وسائل التواصل الاجتماعي حول إمكان ارتباطه بتجربة نووية أجرتها الحكومة الإيرانية، لكن نفى الادعاءات كل من علماء الزلازل والسلطات الإيرانية.
وقال مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية وليام بيرنز أيضاً إنه لا يوجد دليل على أن إيران قررت بناء سلاح نووي، وأن الولايات المتحدة ستكتشف أن طهران غيرت عقيدتها النووية قبل أن تتمكن البلاد من تطوير الأسلحة النووية، ومع ذلك أثارت تلك الإشاعة مناقشات مكثفة بين الإيرانيين في الأيام الأخيرة، وأن أكثر شرائح المجتمع الإيراني تسامحاً في دعم فكرة أن طهران يجب أن تمتلك السلاح النووي.
ويروج الإعلام الإيراني إلى أن الإيرانيين أصبحوا أكثر قلقاً بصورة متزايدة في شأن ما إذا كانت بلادهم تتمتع بالقدر الكافي من الردع لمنع إسرائيل من تكرار هذه الإجراءات ضد طهران، كما يروج الإعلام الإيراني أن الرغبة في تعزيز الردع ضد إسرائيل تلقى صدى لدى الدوائر الأكثر نفوذاً ونخبوية في الداخل الإيراني.
المصدر: independent