بقلم: سميح صعب- النهار العربي
الشرق اليوم– بعد أيام تحل الذكرى السنوية الأولى لهجمات “حماس” على غلاف غزة، وبدء الحرب الإسرائيلية المدمرة على القطاع. وأخفق بايدن طوال هذه المدة في الضغط على رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، كي يقبل بوقف للنار وإنجاز صفقة لتبادل الأسرى.
كان واضحاً منذ البداية أن نتنياهو المتمسك ببقائه السياسي، قد لعب على عامل الوقت، كي يحتوي الإخفاق الكبير الذي أصاب إسرائيل في 7 تشرين الأول (أكتوبر). ولم يحل تصلبه وضربه عرض الحائط بمناشدات بايدن، دون تمتعه بالحماية العسكرية والديبلوماسية الأميركية.
وأعنف انتقاد وجهه بايدن لنتنياهو، اقتصر على القول إن رئيس الوزراء الإسرائيلي قد “تجاوز الحدود”، أو أنه “لا يفعل ما يكفي” للتوصل إلى صفقة لوقف النار وتبادل الرهائن. وعندما كان محللون ومسؤولون سابقون يقارنون بين الصدامات التي حصلت بين رؤساء أميركيين ورؤساء وزراء إسرائيليين منذ 1956 ولغاية التسعينيات، وكيف أنه عندما يلجأ قادة أميركا إلى الضغط الجدي، يتراجع المسؤولون الإسرائيليون، كان يأتي التبرير بأن البيت الأبيض لم يعد يتمتع بالسلطة التي تمتع بها في الماضي، وتالياً فَقَدَ التأثير القوي على القرارات التي تتخذها حكومة نتنياهو.
يحصل هذا بينما إسرائيل لا تزال تستورد 80 في المئة من أسلحتها من الولايات المتحدة، وتحظى بمساعدة عسكرية سنوية تفوق الثلاثة مليارات دولار، هذا عدا عن مليارات أخرى أعلنت عنها إدارة بايدن منذ عام وحتى الآن. ألا يشكل كل ذلك رافعة أميركية للضغط على نتنياهو؟
وتبين منذ 7 تشرين الأول وحربي غزة ولبنان، أن إسرائيل تبادر لشن الهجمات لوحدها من دون إذن من الولايات المتحدة، لكن عندما تتعرض للهجمات تكون في حاجة إلى مساعدة أميركية وأوروبية. وهذا ما حدث في 13 نيسان (أبريل) الماضي مع الهجوم الإيراني رداً على تدمير القنصلية الإيرانية في دمشق، وكما حصل ليل الثلاثاء مع القصف الصاروخي الإيراني رداً على اغتيال الأمين العام لـ”حزب الله” حسن نصرالله الجمعة الماضي في الضاحية الجنوبية لبيروت وعلى اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة “حماس” إسماعيل هنية في 31 تموز (يوليو) الماضي في طهران.
وأميركا تقول علناً إنها تدعم رداً إسرائيلياً على إيران وتغلفه بالدعوة إلى أن يكون رداً “مدروساً”، وذلك تفادياً لاستجرار رد إيراني آخر، أو انفلات الصراع إلى مديات تتورط فيها الولايات المتحدة مباشرة.
هذه السياسات الأميركية المتقلبة هي ذاتها التي قادت إلى 7 تشرين الأول، بعدما تركت الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي بلا حل، واكتفت بإدارة هذا الصراع الذي انفجر حرباً شاملة على غزة وحرباً تتسع يوماً بعد يوم على لبنان.
وفي ما تبقى له من أشهر معدودات في البيت الأبيض، لن يكون في مستطاع بايدن أن يلجم جنون نتنياهو أو يتحكم بما يمكن أن يذهب إليه الأخير، الذي ينتقل من حرب إلى حرب، وسيلة لبقائه في السلطة من دون أن يعير أدنى اكتراث لما يزهق من أرواح.
وعندما ينظر نتنياهو إلى القوات الأميركية المحتشدة في المنطقة للدفاع عن إسرائيل، فإن ذلك يغريه بقرارات تصعيدية بلا سقف، خصوصاً وأنه يشعر بنشوة التمكن من الإفلات من المحاسبة على اخفاق 7 تشرين الأول، والتفاخر بما حققه من مكاسب في حربه على “حزب الله” منذ أواسط أيلول (سبتمبر).
وإذا ما كان نتنياهو تمكن من البقاء السياسي حتى الآن، فإن الفضل في ذلك، يعزى إلى بايدن العاجز أو غير الراغب بالقول له “كفى”.