الرئيسية / مقالات رأي / التقارب الصيني الأمريكي

التقارب الصيني الأمريكي

بقلم: علي قباجة – الخليج

الشرق اليوم- تسعى إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن فيما تبقى لها من أيام، إلى إيجاد تقارب ما، مع الصين، التي تخوض معها صراعاً اقتصادياً وتجارياً وجيوسياسياً، وعلى النفوذ العالمي، إضافة إلى تقديم الدعم العسكري لأنداد بكين، خصوصاً تايوان، حيث ترى واشنطن في الصين قطباً عالمياً مقبلاً، لابد من مواجهته أو إخماد جذوته، وإيقاف صعوده، كما أن العملاق الآسيوي، يُعدُّ مادة دسمة في الدعاية الانتخابية للحزبين الديمقراطي والجمهوري.

يحث الحزبان الخطى لإيجاد ما يدعم برنامجيهما، لذا فإن إدارة بايدن أرادت أن تُظهر للناخب الأمريكي أن الديمقراطيين يسعون إلى إيجاد علاقات متوازنة مع بكين، وهدفت من خلال ذلك لأمرين، أولهما الرد على ترامب الذي يتهمها بالضعف وعدم القدرة على التعامل مع الملف الصيني، وثانيهما البحث عن إنجاز ما، لتقدمه إلى جمهورها تدعم فيه موقف مرشحتها كامالا هاريس أمام منافسها الشرس دونالد ترامب، البارع في اقتناص الفرص، لذا أوفدت مستشار الأمن القومي للبيت الأبيض جايك سوليفان للصين، حيث تسعى من خلال هذه الزيارة لتحقيق أمور عدة، أبرزها: إيجاد صيغ مشتركة مع بكين، بحيث تحتوي أي سوء فهم وتبقي التنافس ضمن أُطر محددة تروّجه للناخب الأمريكي على أنه إنجاز، وبهذا تخفف من حدة التوتر بين الجانبين مع اقتراب موعد الانتخابات الأمريكية في نوفمبر المقبل، إذ إن التصعيد مع الصين راهناً، قد يجعل الأمور تنفلت من عقالها، بتوترات لا تحمد عقباها، ما يرتد سلباً على حملة كامالا هاريس.

بجانب ما سبق فإن الديمقراطيين أرادوا عبر زيارة سوليفان التأكيد للأمريكيين أن علاقتهم مع الصين تنطلق من موقف قوي، فسوليفان أكد أن بايدن ملتزم إدارة هذه العلاقة المهمة بشكل مسؤول مع المحافظة على ثوابت واشنطن فيما يتعلق بتايوان وقضايا استراتيجية أخرى، كما أراد بعيداً عن الانتخابات أن يغازل بكين بهدف إبعادها عن موسكو، بحيث يتمكن الغرب من عزل الأخيرة وإبقائها وحيدة.

لكن يحسب للصين سياساتها الواضحة والمتزنة، خصوصاً في الأمور المتعلقة بسيادتها في بحر الصين الجنوبي وتايوان أو علاقاتها مع الدول، حيث ترفض المساس بها، مع إبدائها مرونة في انفتاح اقتصادي أو تجاري، والوصول إلى توافقات معينة، تجعلها تتجنب مواجهة أمريكية شرسة، وهو ما أكده شي بالقول: «إن هدف الصين بالتنمية المستقرة والسليمة والمستدامة للعلاقات الصينية-الأمريكية لم يتغير»، آملاً من واشنطن التعاون للوصول إلى توافقات.

الصين تسير بخطى ثابتة، ونفس طويل، وصبر استراتيجي، جعلها تتقدم خطوات إلى الأمام، غير آبهة بالحزبين الأمريكيين اللذين يتشاركان الموقف تجاهها، وهو ما لا ترغب فيه أمريكا، لذا فإنها تلجأ إلى كل وسيلة لإيقافها ومنها الضغط الدبلوماسي، لكن ذلك لن يثني «التنين» عن لعب دوره البارز في العالم.

شاهد أيضاً

الصين الماسية

الشرق اليوم- في مطلع أكتوبر 1949 أعلن ماو تسي تونغ، تأسيس جمهورية الصين الشعبية، حيث …