الرئيسية / مقالات رأي / جبهة غضب من تحالف «أمريكا – إسرائيل»

جبهة غضب من تحالف «أمريكا – إسرائيل»

بقلم- عاطف الغمري – صحيفة الخليج

الشرق اليوم- أياً من سيكون الرئيس القادم للولايات المتحدة، سواء استقرت الأمور لصالح ترامب، أو حدثت مفاجآت غير متوقعة غيرت من صورة المشهد الانتخابي، إلا أن ذلك لا ينفي ما يحدث الآن من بروز واقع جديد من الغضب الجماعي، كان قد بدأ يتشكل داخل الولايات المتحدة، ويجمع في صفوفه العديد من الشخصيات السياسية التي تدعو لإعادة النظر في استمرارية الانحياز لإسرائيل، من زاوية النظر إلى مصالح أمريكا أولاً، بدلاً من تكرار القول إن ما يربطهما هو علاقة تحالف استراتيجي، وهو المصطلح الذي تبرر به كل رئاسة أمريكية انحيازها المطلق لإسرائيل.

وأياً ما سيكون عليه موقف الرئيس القادم من هذه العلاقة، إلا أن تنامي هذا الاتجاه، واتساع دائرة المنخرطين فيه، سوف يشكل جبهة معارضة غير تقليدية لسياسات الانحياز لإسرائيل.

أنتوني كوردسمان المحلل السياسي المرموق، وعضو مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في واشنطن، قام بتلخيص ضعف هذه العلاقة بقوله: «إن إسرائيل لها استراتيجية تخصها وتنفرد بقرارتها، وبالتالي فإن التزامات أمريكا تجاه إسرائيل حسب مقولة التحالف الاستراتيجي ليس لها ما يبررها، لأن تصرفات حكومة إسرائيل لا تجيز استمرارية هذا التحالف، ولا تبرر لأمريكا تقديم دعم لإسرائيل، بينما تتبع حكوماتها سياسات فاشلة تجاه تحقيق السلام مع جيرانها».

وأضاف: «كما أنه لا يعني ألا يكون لأمريكا موقف من المستوطنات في الضفة الغربية، أو برفض محاولات تهويد القدس، كما لا يعني سلبية الموقف، بينما إسرائيل تتبع استراتيجية خطيرة ومتخبطة».

ثم قال إن «التحالفات بين الدول لها مساران، وليس مساراً واحداً، ولقد حان الوقت لتتيقن إسرائيل من أن التزاماتها تجاه أمريكا، وأيضاً التزام أمريكا تجاهها، لها حدود وصبر».

هناك أيضاً جيفرى غولد برج المحلل السياسي بمركز أتلانتيك والمعروف بأنه من الصقور الملتزمين بالتعصب لإسرائيل، فهو القائل: «الآن لا يوجد سبب معقول لأن تجعل إسرائيل من نفسها شوكة في حلق أمريكا.

ويقول روبرت ليير الأستاذ بجامعة جورج تاون «إن إسرائيل لا يمكنها أن تضع إصبعها في عين أمريكا، لكنها تفعل ذلك».

ثم إن كثيراً من المحللين، ومن رجال مؤسسة السياسة الخارجية يقولون إن أهداف سياسة أمريكا الخارجية، قد أعاقتها أخطاء السياسة الإسرائيلية، وتصرفاتها الخاطئة، وهذا يعني أن مفهوم أو عقيدة التحالف الاستراتيجي بينهما، أصبح في وضع شديد التعقيد، وينحرف مع مرور السنوات عن أهدافه، فلم يعد هناك قدر معقول من التفاهم حول العديد من الأمور، خاصة حل القضية الفلسطينية، وما ظهر من عدم إعطاء إسرائيل أي اهتمام لقلق واشنطن من أخطاء السياسة الإسرائيلية، واليوم، وبناء على السياسات العدائية تجاه سكان غزة، فإن الولايات المتحدة تتعرض لضغوط دولية هائلة لكي تدفع إسرائيل نحو إيقاف تصرفاتها هناك، في حين أن قادة إسرائيل لهم تفسير يخصهم لمعنى التحالف الاستراتيجي، فهم يرون أن أي تنازلات من جانبهم لا تتفق مع معنى هذا التحالف.

وكما يقول البروفيسور روبرت ليير بجامعة جورج تاون إن أحد السياسيين البارزين والمعروف بتأييده القوى لإسرائيل، والذي طلب عدم ذكر اسمه، قال إنني لا أرى أية علامة تشير إلى ما يثبت أن إسرائيل تتصرف بناء على ما هو مطلوب منها كطرف في التحالف الاستراتيجي، كما أن العالم قد طرأت عليه تغييرات كثيرة منذ استخدام تعبير التحالف الاستراتيجي مع إسرائيل.

نفس المعاني أثيرت في جلسة للكنيست الإسرائيلي، حين تحدث مائير واغان الرئيس السابق لجهاز الموساد، وقال إن إسرائيل تتحول تدريجياً من رصيد لأمريكا، إلى عبء عليها، وقد نقلت صحيفة «ها آرتس» نفس كلام داغان.

الصحيفة اليهودية «نيويورك جويش ويك» نشرت مقالاً تحت عنوان «نقاش متجدد حول التحالف الاستراتيجي بين الولايات المتحدة وإسرائيل» قالت فيه إن العلاقة بينهما بنيت على فكرة عامة وغامضة بأن إسرائيل هي رصيد استراتيجي أساسي لأمريكا، لكن هذه الفكرة تزداد الآن ضعفاً مع زيادة الآراء والتحليلات التي أصبحت تتفق على أن إسرائيل صارت أكثر انفراداً بقراراتها في السياسة الخارجية.

وحول نفس القضية، أجرى «مركز نيكسون للسلام» والذي يديره جيفري كمب مستشار الأمن القومي السابق في إدارة ريغان، مناقشة عنوانها «الأكذوبة الكبرى: إسرائيل رصيد استراتيجي لأمريكا». وتحدث فيها السفير شاس فريمان السفير السابق في السعودية، ونائب مساعد وزير الخارجية للشؤون الإفريقية، والمدير التنفيذي السابق لمعهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى الموالي لإسرائيل قائلاً: «السؤال المثير هذه الأيام هو: هل إسرائيل تعتبر في الحقيقة رصيداً استراتيجياً لأمريكا؟».

صحيح أن هناك أسباباً تجعل العلاقة مع دولة أخرى تمثل رصيداً استراتيجياً حقيقياً، لكن ذلك ليس له وجود في العلاقة مع إسرائيل، رغم سخاء أمريكا فيما تقدمه لها من دعم اقتصادي وسياسي وعسكري.

وعلى ضوء ذلك وغيره من المواقف، فإن مقولة عفا عليها الزمن تنطبق على هذه العلاقة.

الكاتب أندرياس كلوث في مقال بموقع «بلومبرغ» قال: «إذا استمر تأييد أمريكا لإسرائيل بلا شروط، فإن أمريكا هي التي ستدفع الثمن، خاصة وأن تأثير أمريكا على قرارات إسرائيل قد تضاءل بأكثر مما كان متوقعاً، بالرغم من أنهم في إسرائيل يعتمدون على أمريكا في حماية دولتهم».

شاهد أيضاً

حكومة نتنياهو..تأزم داخلي وتجاذب خارجي

العربية- طارق فهمي الشرق اليوم– تواجه الحكومة الإسرائيلية أزمة جديدة متعلقة بتسريب معلومات أمنية تورط …