الشرق اليوم– بعد ثلاثة أسابيع من الاضطرابات والصدامات الدامية بين المتظاهرين وقوات الشرطة التي أودت بحياة أكثر من 300 شخص واعتقال الآلاف، غادرت رئيسة وزراء بنغلاديش الشيخة حسينة واجد البلاد إلى الهند مع شقيقتها الصغرى على متن مروحية، لتسدل الستار على 15 عاماً من الحكم، حيث بدأت عملها باعتبارها أيقونة مناصرة للديمقراطية، كما ينسب إليها الإشراف على تنمية الاقتصاد البنغالي في السنوات الأخيرة، حيث بلغ النمو نحو 6 في المئة، لكنها رغم ذلك واجهت خلال السنوات الأخيرة اتهامات بالتحول إلى الاستبداد، وعمليات اختفاء، وتضييق الخناق على المعارضة واعتقال قادتها، ومن بينهم رئيسة الوزراء السابقة خالدة ضياء التي تم إطلاق سراحها بعد مغادرة الشيخة حسينة بقرار من الرئيس محمد شهاب الدين.
وكانت الاضطرابات الأخيرة التي تميزت بالعنف بدأت في 11 يوليو/تموز الماضي، وشملت العديد من المدن، واندلعت بسبب نظام شغل الوظائف الحكومية القائم على الحصص، ما يجعل من الصعب بالنسبة لخريجي الجامعات الحصول على وظيفة. ورغم أن المحكمة العليا ألغت معظم الحصص، فإن التظاهرات والصدامات تواصلت للمطالبة بالعدالة للقتلى واستقالة الشيخة حسينة.
بعد مغادرة الشيخة حسينة، أعلن جيش بنغلاديش استقالتها، وطالب المواطنين بوقف العنف ووضع ثقتهم بالمؤسسة العسكرية. وأكد قائد الجيش وقر زمان إجراء محادثات مع الأحزاب السياسية والطلاب لتشكيل حكومة انتقالية، كما تم رفع حظر التجول، والدعوة لفتح المصانع والمدارس والكليات والمكاتب.
بعد أن وضع الجيش يده على السلطة، ليس من الواضح ما إذا كان وعده بتشكيل حكومة جديدة سوف يتحقق في المدى القريب أو أن المرحلة الانتقالية سوف تطول بذريعة عدم استتباب الأمن. ويُعرف عن بنغلاديش، مثلها مثل باكستان، تاريخها الطويل في الانقلابات. ففي يناير/كانون الثاني عام 2007، وعقب اضطرابات سياسية واسعة وشلل للحكومة، أعلن الجيش حالة الطوارئ، وشكّل حكومة تصريف أعمال استمرت في الحكم لمدة عامين.
هناك خشية من دخول بنغلاديش في المجهول، إذا لم يسارع الجيش إلى تشكيل حكومة مدنية جديدة بأسرع وقت ممكن، والعمل من أجل الانتقال السلمي المنظم والديمقراطي للسلطة، لأن البديل قد يكون عودة الاضطرابات.
بعد تنحي الشيخة حسينة، دعا الطلاب الذين قادوا التظاهرات طوال الأسابيع الأخيرة إلى تشكيل حكومة مؤقتة برئاسة محمد يونس الحائز على جائزة نوبل للسلام. وقال أحد قادة الطلبة: «أي حكومة غير التي أوصينا بها لن تكون مقبولة.. ولن نقبل حكومة يدعمها الجيش أو يقودها».
وكان يونس حصل عام 2006 على جائزة نوبل لعمله على انتشال ملايين البنغال من الفقر عبر منح قروض صغيرة تقل قيمتها عن مئة دولار للفقراء في المناطق الريفية النائية، من خلال «بنك الفقراء» الذي أسسه.
يونس الموجود في باريس من الواضح أنه مؤيد للانتفاضة الأخيرة في بلاده، فقد وصفها في حديث مسجل لقناة «تايمز ناو» الهندية، بأنها «يوم التحرير الثاني» لبنغلاديش، بعد حرب الاستقلال عن باكستان عام 1971.
كيف تخرج بنغلاديش من أزمتها؟ هذا ما يمكن أن يتضح خلال أيام.
المصدر: صحيفة الخليج