الشرق اليوم– على الرغم من الاعتقاد السائد بأن الإنسان يحتاج إلى ثماني ساعات من النوم المتواصل يوميًا، يشير خبراء النوم إلى أن هذه الفرضية ليست دقيقة. وفقًا لهم، تختلف عدد ساعات النوم اللازمة من شخص لآخر بناءً على عوامل مثل العمر والحالة البدنية والعقلية، وحتى نمط النوم قد يختلف بين الأفراد.
ساعات النوم بين الخرافة والحقيقة
فإذا أردت معرفة قدر احتياجك وطبيعة نمطك، يمكنك تحقيق ذلك من خلال الاحتفاظ بمذكرات للنوم على مدى أسبوع أو اثنين، وتسجيل عدد ساعات النوم الخالصة بعيدا عن الوقت المُستغرَق بالاستلقاء على الفراش.
هذا الإجراء عادة ما يُنصحُ به الكثيرون من المهتمين بالحصول على 8 ساعات من النوم كل ليلة، مع أنهم قد لا يكونون بحاجة إلى ذلك، وقد يشعرون بالقلق في حال عدم تحقق هدفهم من النوم.
وبخصوص أنماط النوم، هل سبق لك الاستيقاظ في الواحدة بعد منتصف الليل ولم تستطع معاودة النوم بسهولة، فقررت مغادرة فراشك لعدة ساعات قبل أن تحاول النوم مرة أخرى؟ إذا كنت فعلت هذا من قبل، فقد مررت بتجربة النوم ثنائي الطور.
النوم ثنائي الطور
يوصف النوم لفترة واحدة طويلة خلال الليل من دون انقطاع بـ”النوم أحادي الطور”، أما “النوم ثنائي الطور” فهو “النوم المجزأ” وفيه يقوم الشخص بتقسيم غفوته إلى فترتين مختلفتين.
وفقا لبعض السجلات ومقالات خبيرة النوم الدكتورة ريبيكا روبنز، فإن غالبية البشر اعتادوا هذا النمط من النوم قبل الثورة الصناعية والإضاءة الكهربائية، حين كان البشر ينامون بعد وقت قصير من غروب الشمس، ومن ثمّ يستيقظون بعد 4 أو 5 ساعات للبقاء مع أسرهم أو إنجاز بعض الأمور، ثم يعودون إلى النوم بضع ساعات أخرى.
ظل هذا النمط متبعا حتى بداية القرن الـ19، ومع انتشار الثورة الصناعية والتحرك نحو الاعتماد على الوقت والساعة، بالإضافة بالطبع إلى انتشار الإضاءة الاصطناعية ثم الكهربائية مع نهاية ذلك القرن، تغيّر إيقاع الساعة البيولوجية للبشر، وسمحت لهم الإضاءة الاصطناعية بالبقاء مستيقظين حتى وقت متأخر.
ولمّا كان عليهم الاستيقاظ في الوقت نفسه صباحا للعمل، سرعان ما شرعوا في اقتطاع ما يحتاجونه من فترة النوم الأولى التي اختفت تماما مع الوقت، وصار الإنسان ينام ليلا فقط.
وحسب ما ذكرت أستاذة العلوم المعرفية في جامعة كاليفورنيا سارة ميدنيك، فإن البشر هم الثدييات الوحيدة التي تنام ليلا بشكل روتيني، وهي الفكرة التي يمكن وصفها بالحداثة، على عكس كافة الثدييات الأخرى التي تنام نهارا وتستيقظ ليلا.
أنواع النوم ثنائي الطور
للنوم ثنائي الطور نوعان، الأول يندرج تحت مسمى “النوم الأول والنوم الثاني” وفيه يذهب الشخص للفراش مبكرا وينام بضع ساعات، ثم يستيقظ بفاصل 1-3 ساعات، وهي الفترة التي تُعرف باسم “المُراقبة أو اليقظة”، قبل أن ينام عدة ساعات من جديد، فيصل إجمالي ساعات نومه إلى 7-9 ساعات.
أما النوع الثاني فيحمل اسم “القيلولة/القيلولة”، الأولى عبارة عن غفوة خلال النهار لمدة ساعة أو أكثر، أما الثانية فتكون ليلا لمدة 5-6 ساعات على الأقل، هذا النمط شائع في العديد من البلدان مثل إيطاليا وإسبانيا.
فوائد النوم ثنائي الطور
تُشير العديد من الأبحاث إلى فوائد النوع الثاني من النوم ثنائي الطور، المعتمد على مرحلتين من القيلولة، من بينها:
تحسين الإدراك والذاكرة.
إنعاش العقل.
الحصول على ذاكرة لفظية ومكانية أفضل.
القدرة على الانتباه أكثر.
التخفيف من الشعور بالنعاس أثناء النهار.
تعزيز الأداء الرياضي قصير المدى.
زيادة القدرة على التحمل وتنمية بعض المهارات.
إن نمط النوم الأول/الثاني يقع فيه الكثيرون بعد الأربعين -خاصة النساء إذ يعانين من اضطرابات النوم قبل انقطاع الطمث-، وبسببه يشعر البعض بالفزع، بل إنه قد يصبح عقبة نفسية حقيقية وبمثابة تحدٍ غير مرغوب فيه لهؤلاء غير القادرين على الدخول في مرحلة عميقة من النوم في أي من الجزءين.
نصائح للحصول على نوم أفضل
من جهتها ترى روبنز أن هذا النمط من النوم المتقطع له بعض المخاطر، التي يمكن حصرها في:
الشعور شبه الدائم بالنعاس.
ضعف الأداء، سواء في الدراسة أو العمل.
الإعياء.
التعرّض لحوادث السيارات أو المرض.
ورغم أن روبنز تُصنف نمط “النوم الموحّد” باعتباره الأفضل من وجهة نظرها، كونه له فوائد أكثر للصحة العقلية والجسدية والنفسية والعاطفية، فإنها لا تملك في النهاية إلا أن تنصح الراغبين باتباع منهج النوم ثنائي الطور -أيا كان نوعه- بمجموعة من نصائح:
النصيحة الأولى: أن يصل إجمالي عدد ساعات نومهم إلى 7 ساعات على الأقل يوميا، أما القيلولة فيجب ألا تقل عن ساعة حتى تكون بالمثالية، وأن تُتيح الدخول في مرحلة “الموجة البطيئة” الأكثر إنعاشا.
كما أنه من المهم النوم لفترة كافية للوصول إلى مرحلة “حركة العين السريعة” المهمة للإبداع والتي يسهل الاستيقاظ منها.
النصيحة الثانية: تتمثّل في ضرورة الحفاظ على الإضاءة المنخفضة أثناء النوم، وعدم استخدام الهاتف المحمول أو الحاسوب خلال فترة اليقظة بين النوم الأول والثاني، لأن الضوء الصادر عنهما يُرسل إلى المخ رسائل تُخبره أن موعد الاستيقاظ اليومي قد حان.
أما ساعات منتصف الليل فيُفضّل قضاؤها بعدم النهوض من الفراش والقيام بشيء هادئ مثل قراءة كتاب أو الاستماع إلى الكتب الصوتية أو ممارسة التأمل أو اليوغا.
وأخيرا يجب الحفاظ على نمط النوم كيفما كان ثابتا، والذهاب إلى الفراش والاستيقاظ كل صباح بالتوقيت نفسه حتى أيام العطلات الأسبوعية، مما يمنح الجسد روتينا منتظما يفهمه ويستطيع الاستجابة له.
لكن في سبيل ذلك، عليك أولا معرفة الوقت الذي تحتاج للاستيقاظ فيه خلال أيام العمل، ومن ثمّ بناء روتين حوله يعتمد على طرح عدد ساعات النوم المطلوبة لتحديد الوقت المثالي للذهاب إلى الفراش، على ألا تذهب إلى الفراش قبل ذلك أبدا إلا إذا كنت منهكا بالفعل وغير قادر على البقاء مستيقظا.
المصدر: الجزيرة