بقلم: إنجي مجدي- اندبندنت
الشرق اليوم– عقب توليه منصبه في دوانينغ ستريت وسط لندن ألغى رئيس الوزراء البريطاني الجديد كير ستارمر خطط ترحيل المهاجرين غير الشرعيين إلى رواندا، ذلك المشروع المثير للجدل الذي أعده حزب المحافظين الحاكم سابقاً.
وقال ستارمر في أول مؤتمر صحافي له الأسبوع الماضي إن “خطة رواندا ماتت ودفنت قبل أن تبدأ. ولم تشكل رادعاً أبداً ’للمهاجرين غير الشرعيين‘”.
ويتعلق “قانون رواندا” الذي وافق عليه البرلمان البريطاني خلال الـ22 من أبريل (نيسان) الماضي باتفاق مع الدولة الواقعة شرق أفريقيا مدته خمسة أعوام، لاستقبال المهاجرين الذين ترفض طلبات لجوئهم في المملكة المتحدة. وكجزء من الصفقة كان من المقرر أن تمنح بريطانيا رواندا ما يصل إلى نصف مليار جنيه استرليني من تمويل التنمية مقابل استقبال المهاجرين. لكن حزب العمال سيشكل بدلاً من ذلك قيادة لأمن الحدود “لسحق العصابات الإجرامية التي تجني الملايين من معابر القوارب الصغيرة”.
وخلال الأسبوع الماضي أمرت وزيرة الداخلية الجديدة إيفيت كوبر بمراجعة المخطط على أمل استرداد بعض الأموال التي أنفقت عليه. ووفق هيئة مراقبة الإنفاق العام البريطانية المستقلة في مارس (آذار) الماضي فإن البلاد دفعت بالفعل لرواندا نحو 270 مليون جنيه استرليني، على رغم عدم ترحيل أي طالبي لجوء إلى الدولة الأفريقية سوى شخص وحيد وافق على الانتقال طوعاً مقابل حصوله على ثلاثة آلاف جنيه استرليني.
وبعد إلغاء الخطط بالفعل من جانب الحكومة البريطانية الجديدة بزعامة حزب العمال يتردد السؤال في شأن مصير تلك الملايين التي تكبدتها الدولة بالفعل.
“حظاً سعيداً”
وفي شأن استرداد تلك الأموال جاءت الإجابة المختصرة من جانب رواندا بـ”لا”، فالحكومة الرواندية “ليست ملزمة” بإعادة الأموال لبريطانيا لأنها التزمت من جانبها بالاتفاق، هكذا ردت كيغالي في بيان.
وأوضحت الحكومة “لقد بدأت هذه الشراكة من قبل حكومة المملكة المتحدة من أجل معالجة أزمة الهجرة غير الشرعية التي تؤثر في المملكة المتحدة، وهي مشكلة المملكة المتحدة وليس رواندا.. والتزمت رواندا بالكامل إلى جانبها من الاتفاق بما في ذلك ما يتعلق بالتمويل، وتظل ملتزمة بإيجاد حلول لأزمة الهجرة العالمية بما في ذلك توفير السلامة والكرامة والفرصة للاجئين والمهاجرين الذين يأتون إلى بلدنا”.
وقال نائب المتحدث باسم الحكومة الرواندية آلان موكوراليندا إن الاتفاق لم يتضمن بند الاسترداد. وأوضح في مقطع فيديو نشرته وكالة الإذاعة الرواندية على مواقع التواصل الاجتماعي “قرر البريطانيون طلب التعاون لفترة طويلة، مما أسفر عن اتفاق بين البلدين أصبح معاهدة… والآن إذا أتيت وطلبت التعاون ثم انسحبت فهذا قرارك”، “حظاً سعيداً”.
وأكدت منسقة شراكة الهجرة مع بريطانيا دوريس أوفيسيزا بيكارد على تصريحات موكوراليندا قائلة في تعليقات لهيئة الإذاعة البريطانية “لقد أحطنا علماً بقرار المملكة المتحدة إنهاء الاتفاق. هناك بند للتوقف يعني أنه يمكن للمملكة المتحدة الانسحاب من دفع 50 مليون جنيه استرليني إضافية خلال عام 2025 ومرة أخرى خلال عام 2026”.
وأشارت إلى التزام بلادها بالاتفاق والعمل على توفير أماكن إقامة لآلاف المهاجرين وطالبي اللجوء. وبينما لفتت إلى تفهم كيغالي للتغيرات في الحكومة البريطانية وتبدل الأولويات والسياسات في ظل وجود قيادة جديدة، لكنها شددت على أن “الاتفاق كان بين بلدين.. ونحن نعتقد أن حسن النية سيبقى”.
إشعار مسبق
ووفق وسائل إعلام بريطانية دفعت المملكة المتحدة لرواندا 270 مليون جنيه استرليني حتى الآن، ولكن بموجب شروط الاتفاق يمكن لأي من الجانبين إلغاء الشراكة مع تقديم إشعار قبل ثلاثة أشهر. وبموجب الاتفاق كان من المقرر أن تدفع المملكة المتحدة لرواندا 50 مليون جنيه استرليني لكل عام من الأعوام الثلاثة المقبلة، مع مبلغ 120 مليون جنيه استرليني لمرة واحدة بمجرد نقل أول 300 مهاجر و171 ألف جنيه استرليني عن كل فرد يُرحل.
وجاءت تصريحات المسؤولين الروانديين على رغم تصريح سابق للرئيس الرواندي بول كاغامي لهيئة الإذاعة البريطانية، يفيد بأن كيغالي ربما تعيد الأموال إلى بريطانيا إذا لم يتم إرسال أي طالب لجوء بموجب الاتفاق، قائلاً في يناير (كانون الثاني) الماضي “إذا لم يأتوا ’المهاجرون‘ يمكننا إعادة الأموال”.
ولم يتضح بعد ما إذا كانت بريطانيا أرسلت إشعاراً إلى رواندا بالفعل، لكن وزيرة الداخلية البريطانية أوضحت في تصريحات للصحافيين في لندن أن مكتبها يعمل على مراجعة جميع التفاصيل الخاصة بالأموال والقانون والإجراءات المتعلقة، وأنها ستقدم تفاصيل للبرلمان.
ويقول المسؤولون الروانديون إن الأموال المرسلة من بريطانيا بموجب الاتفاق استخدمت لتغطية الكلف التشغيلية للتحضير لوصول المهاجرين المتوقع ودعم النمو الاقتصادي. واستخدم جزء من الأموال أيضاً لتطوير وحدات سكنية طويلة الأجل في جاهانجا، وهو حي يقع على مشارف العاصمة كيغالي، إذ كان من المتوقع أن يعيش المهاجرون جنباً إلى جنب مع الروانديين. وعلى رغم إلغاء شراكة الهجرة، قالت بيكارد إن الحكومة الرواندية ستكمل المشروع وتستخدمه للإسكان الاجتماعي للروانديين.