الشرق اليوم- بينما تتجه القارة الأوروبية نحو اليمين في انتخاباتها التشريعية المحلية وانتخابات البرلمان الأوروبي، إلا أن بريطانيا اختارت الاتجاه يساراً في انتخابات مجلس العموم يوم أمس الأول، بعدما مني حزب المحافظين بهزيمة ساحقة وفوز حزب العمال بأغلبية برلمانية، منهياً 14 عاماً من حكم المحافظين، وبذلك تم فتح باب «10 داونينغ ستريت» أمام زعيم حزب العمال كير ستارمر لتشكيل حكومة جديدة.
فقد حصل حزب العمال على 410 مقاعد من مجموع 650 مقعداً بينما حصل المحافظون على 119 مقعداً، وحصل الديمقراطيون الأحرار على 71 مقعداً، واكتفى الحزب الوطني الاسكتلندى بثمانية مقاعد، بينما حافظ حزب «شين فين» على مقاعده السبعة، وتوزعت المقاعد الأخرى على مرشحين مستقلين وأحزاب صغيرة.
زعيم حزب المحافظين رئيس الوزراء ريشي سوناك اعترف بالهزيمة، وهنأ ستارمر، وقال «سيتم اليوم تداول السلطة بطريقة سلمية ومنظمة وبحسن نية من جميع الأطراف، وهذا أمر ينبغي أن يمنحنا الثقة جميعاً في استقرار بلدنا واستمرارها»، وأضاف «الشعب البريطاني أصدر حكمه، وأنا أتحمل المسؤولية»، فيما قال ستارمر «الناخبون قالوا كلمتهم، وهم مستعدون للتغيير، وإنهاء سياسة الاستعراض والعودة إلى السياسة بوصفها خدمة للجمهور».
لكن، لماذا اتجهت بريطانيا يساراً ؟ هذا سؤال يتم طرحه على ضوء نتائج الانتخابات الأخيرة على عكس ما هو حاصل في أوروبا.
الحقيقة أن سوناك لا يتحمل وحده إرث الأزمات المتلاحقة التي عصفت ببريطانيا خلال السنوات الماضية، خصوصاً تلك المتعلقة بالقضايا الاجتماعية والاقتصادية، أو بملف الهجرة، ذلك أن هذه الأزمات ترافقت مع خمسة رؤساء حكومات منذ عام 2016، وأخيراً انفجرت في وجه سوناك الذي تولى الحكم في أكتوبر(تشرين الأول) 2022، حيث لم يتمكن من إقناع الناخبين بأدائه مع تزايد الإخفاقات التي وقع فيها، ما أدى إلى تراجع شعبية حزب المحافظين وتزايد الضغوط على حكومته، خصوصاً مع تدهور الوضع الاقتصادي، وارتفاع تكلفة المعيشة وزيادة أسعار الوقود والغذاء والإسكان، وتآكل القدرة الشرائية، ونظام الصحة المتهالك، كما لم يحقق سوناك الوعود التي كان وعد بها لمعالجة أزمة المهاجرين.
كل هذه العوامل لعبت دوراً في توجه الناخب البريطاني نحو حزب العمال على أمل التغيير. وقد اعترف ستارمر بأن مهمته صعبة، وعليه أن يعمل على إيجاد حلول للأزمات واتخاذ خيارات صعبة في مواجهة التحديات التي تواجه البلاد.
من الطبيعي أن يعلن سوناك استقالته من منصبه بعد الهزيمة المدوية لحزبه، وتكليف ستارمر بتشكيل الحكومة الجديدة، لتنتقل بريطانيا إلى حضن حزب العمال، وبذلك تطوي صفحة ثقيلة لحزب المحافطين استمرت 14 عاماً.
وبهذا يكون وجه بريطانيا قد تغير، على أمل أن يحقق العمال ما فشل فيه المحافظون، وعلى أمل أن تتغير سياسة بريطانيا تجاه قضايا المنطقة العربية، وتحديداً ما يتعلق بالقضية الفلسطينية والعدوان الإسرائيلي على غزة، والاعتراف بالدولة الفلسطينية.
المصدر: صحيفة الخليج