الرئيسية / مقالات رأي / السياسة في القضاء الأمريكي

السياسة في القضاء الأمريكي

الشرق اليوم– قرار المحكمة العليا الأمريكية الأخير بأن الرئيس السابق مرشح الحزب الجمهوري للانتخابات الرئاسية في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل يتمتع بنوع من «الحصانة الجنائية»، حسم الجدل حول التهم الجنائية التي وجهت إليه، ما ينهي احتمالات محاكمته قبيل موعد الانتخابات، لكنه أثار الجدل حول تسييس القضاء في الولايات المتحدة، ذلك أن أعلى هيئة قضائية أمريكية، دائماً ما كانت محل خلاف بين الحزبين الديمقراطي والجمهوري خصوصاً بما يتعلق بتعيين قضاتها التسعة (الرئيس وثمانية قضاة معاونين)، ويعيّنهم الرئيس بموافقة تصويت مجلس الشيوخ بالأغلبيىة، ويظل القضاة في مناصبهم مدى الحياة ما دام سلوكهم جيداً، ولا تنتهي خدمتهم إلا بالوفاة أو التقاعد أو الإدانة، ولكل قاضٍ الحق في صوت واحد.

وفي قضية ترامب، فإن رئيس المحكمة الحالي هو جون روبرتس الذي يتولى منصبه منذ عام 2005، وهو محسوب على المحافظين مع خمسة قضاة آخرين أيدوا قرار«حصانة ترامب»، فيما عارضه ثلاثة قضاة ليبراليين، بمعنى أن القرار اتخذ على أسس حزبية، وليس استناداً إلى وقائع جرمية، بعدما كانت محكمة الاستئناف الفيدرالية وجدت في فبراير (شباط) الماضي أن ترامب لا يتمتع بأي حصانة من الجرائم التي ارتكبها خلال رئاسته لتغيير نتيجة انتخابات 2020، الأمر الذي جعل الرئيس جو بايدن يرى أن حكم المحكمة العليا «سابقة خطرة» يمكن أن تحوّل الرؤساء إلى ملوك، داعياً الشعب الأمريكي إلى الاعتراض على ذلك برفض دونالد ترامب في انتخابات نوفمبر، وأضاف «كلنا متساوون أمام القانون، لا أحد فوق القانون، ولا حتى رئيس الولايات المتحدة»، في حين هلل ترامب للقرار معتبراً أنه «انتصار كبير لديمقراطيتنا ودستورنا»، وحمل رئيس مجلس النواب مايك جونسون (جمهوري ) على تصريح بايدن، معتبراً أنه «جدير بالازدراء»، واتهمه بأنه «يحاول تقويض المحكمة العليا».

هذا الجدل حول قرار المحكمة العليا انعكس على موقف الصحف الأمريكية، إذ رأت صحيفة «نيويورك تايمز» أنه كان من الأفضل للمحكمة عدم قبول النظر في الطعن الذي قدمه مرشح رئاسي، وقالت صحيفة واشنطن بوست: إن القرار سيزيد من الانقسام في البلاد، في حين رأى المحامي في القانون الدولي كاروب سابا أن الأسباب الموجبة لهذه الحصانة المدنية هي ليست حصانة لشخص، وإنما لحماية مركز، وأشار إلى أن قرار المحكمة العليا يعد «انتصاراً لترامب».

من المتوقع أن يؤدي قرار المحكمة العليا إلى إعادة القضية إلى المحكمة الابتدائية لتحديد متى وما إذا كان ترامب سيمثل للمحاكمة،؟ حيث تؤدي الإجراءات القانونية الطويلة المتبعة في مثل هذه القضايا إلى تأجيل محاكمته، ما ينهي محاكمة الرئيس السابق قبل انتخابات نوفمبر، وحتى لو جرت محاكمته فإن قرارات هذه المحكمة قابلىة للاستئناف، وفي حال انتخب ترامب من جديد فيمكنه فور تنصيبه في يناير (كانون الثاني) أن يأمر بإنهاء المحاكمات الفيدرالية في حقه.

إن المحكمة العليا الأمريكية منذ إنشائها عام 1789 في إطار فصل السلطات، كانت تلعب باستمرار دوراً سياسياً من خلال تشكيلها على أسس حزبية، ما أخل بدورها، حيث يحاول كل حزب أن يفرض نفوذه وسيطرته في تعيين القضاة. لذلك عاد الجدل حول قرارها بحصانة ترامب.

المصدر: صحيفة الخليج

شاهد أيضاً

مع ترمب… هل العالم أكثر استقراراً؟

العربية- محمد الرميحي الشرق اليوم– الكثير من التحليل السياسي يرى أن السيد دونالد ترمب قد …