بقلم: رامي الخليفة العلي- العربية
الشرق اليوم– قال قائد عملية الاتحاد الأوروبي في البحر الأحمر «أسبيدس»، فاسيليوس جريباريس، إن القوة البحرية التي ينشرها التكتل لحماية السفن في البحر الأحمر، تحتاج إلى «أكثر من ضعف العدد»، بسبب تصاعد الهجمات من قبل جماعة «الحوثي» في اليمن. بينما أشارت تقارير أمريكية إلى أن العاملين على حاملة الطائرات الأمريكية آيزنهاور المتواجدة في البحر الأحمر مصابون بالإرهاق والتعب بعد التوتر والاستنفار المستمر على امتداد الأسابيع الماضية، بل إن جماعة الحوثي زعمت بأنها حاولت استهداف حاملة الطائرات وهذا ما نفته وزارة الدفاع الأمريكية، لكن السؤال الذي يطرح نفسه أين وصلت عملية حارس الازدهار التي تقودها الولايات المتحدة الأمريكية بمشاركة دول عديدة لها مصلحة لاستمرار انسياب التجارة العالمية في مضيق باب المندب والبحر الأحمر؟ وإذا كانت الأمور تؤخذ بنتائجها فإن واقع الحال يشير إلى تخبط دولي في التعامل مع هذا الخطر وعلى رأس المسؤولين عن هذا الواقع الولايات المتحدة الأمريكية التي بنت إستراتيجية هزيلة أدت إلى تقوية التهديد الحوثي أكثر من محاولة انتزاع الخطر من جذوره.
وتكمن نقاط الضعف الأمريكية في عدة عوامل أهمها أن الإدارة الديمقراطية الحالية بقيادة جو بايدن لم تأخذ هذا الخطر على محمل الجد منذ وصولها إلى سدة الحكم في البيت الأبيض، فكان من أول القرارات أنها رفعت اسم تنظيم الحوثي عن قائمة التنظيمات الإرهابية التي تصدرها وزارة الخارجية الأمريكية، ثم سعت خلال السنوات الماضية إلى التأقلم مع هذا الخطر واعتبار أن ذلك مسألة ثانوية يمكن التعامل معها، بل إن كل التحذيرات التي استمع إليها البيت الأبيض ألقي بها عرض الحائط. أما العامل الآخر فهو الرسالة التي أوصلتها الإدارة الأمريكية بأنها لن تتعامل وحلفاؤها بشكل حازم مع الخطر الحوثي باعتبار أنها لا تريد توسيع الحرب القائمة في قطاع غزة. وهذا يعتبر خطيئة سياسية؛ أولا لأنه ينساق مع الدعاية الحوثية بأن ما يحدث هو رد على ما تقوم به إسرائيل في قطاع غزة وهذا خاطئ تماماً، فالهجمات الحوثية لم تؤثر على مسار الصراع في قطاع غزة، كما أن الذي تضرر من تلك الهجمات هو الاقتصاد الدولي بما فيه اقتصاد دول المنطقة، ثانياً تلك الرسالة الأمريكية كانت رسالة اطمئنان لجماعة الحوثي ومن يقف وراءها بأن ردود الفعل الأمريكية والدولية سوف تكون منضبطة وتحت سقف منخفض لن يؤثر على قوة الجماعة داخل اليمن أو خارجه.
أما العامل الأهم فهو ضعف النهج العسكري الذي اتبعته الولايات المتحدة وحلفاؤها الغربيون ومنهم الأوروبيون الذين حاولوا صد الصواريخ المضادة للسفن والصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة دون ضرب مصدرها، وحتى بعض الهجمات الضعيفة التي استهدفت مواقع لجماعة الحوثي داخل اليمن كانت هزيلة لم تؤثر عملياً في قوة الجماعة وقدرتها على تهديد التجارة الدولية، ومع ازدحام البحر الأحمر بالقوات والسفن الحربية إلا أن الإرادة الغربية لم تصل لفرض حصار ومنع وصول الإمدادات من داعمي جماعة الحوثي، وبالتالي بدأنا نشهد نوعية جديدة من الأسلحة التي تبدو أكثر تطوراً في استهداف السفن، ولم يعد الأمر مقتصراً على التجارة الدولية التي تمر عبر مضيق باب المندب، بل إن الجماعة تحاول استهداف السفن التجارية في البحر الأبيض المتوسط وفي بحر العرب وحتى بالقرب من رأس الرجاء الصالح، وبالتالي تضيف الولايات المتحدة الأمريكية فشلاً جديداً إلى سياستها الشرق أوسطية المضطربة خلال السنوات الماضية.