الشرق اليوم– مثقلة بالجوع والحزن على فقدان زوجها وطفليها، وصلت عائشة إسحق إلى أحد معسكرات النزوح المتهالكة قرب منطقة جبل مرة، حيث تعمل حركات مسلحة تتخذ موقف الحياد في الحرب المستمرة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، على تأمين خروج عشرات الآلاف من السكان العالقين في مناطق القتال بمدينة الفاشر عاصمة إقليم دارفور.
وتصل يوميا عشرات الأسر الفارة من القتال في الفاشر ومناطق أخرى من الإقليم عبر الشاحنات والدواب ومشيا على الأرجل وفي ظروف إنسانية قاهرة، إلى مناطق آمنة نسبيا داخل دارفور، في حين يفضل آخرون الاتجاه غربا إلى حدود تشاد، لكنهم يواجهون مصاعب كبيرة أيضا.
وقالت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، في بيان الثلاثاء، إن النزاع في السودان أجبر أكثر من 600 ألف غالبيتهم العظمى من النساء والأطفال، على الفرار إلى تشاد، من دون أي علامات على تراجع هذا التدفق.
ودعت المفوضية إلى تقديم دعم دولي عاجل مع وصول الأزمة الإنسانية إلى نقطة حرجة. وطالبت المفوضية جميع الأطراف للسماح للمدنيين الراغبين في الانتقال داخل الفاشر وخارجها إلى مناطق أكثر أمانا بالقيام بذلك.
وضع مأساوي
قتل وأصيب الآلاف في الفاشر منذ اندلاع القتال بالمدينة الاستراتيجية، التي تعتبر الوحيدة في إقليم دارفور التي لا يزال للجيش وجود فيها، بعد سيطرة قوات الدعم السريع على أكثر من 90 بالمئة من مناطق الإقليم.
ورغم قرار أصدره مجلس الأمن الدولي قبل نحو أسبوعين بوقف القتال وإنهاء التصعيد وسحب المقاتلين من الفاشر، تشهد المدينة اشتباكات يومية دامية وضربات جوية مكثفة تحدث خسائر كبيرة في الأرواح والممتلكات.
ويستخدم طرفا القتال الأسلحة الثقيلة والمسيرات وعمليات القصف المكثف التي أحدثت دمارا كبيرا في المستشفيات والمنشآت العامة والأحياء السكنية، في حين يتبادل الطرفان مسؤولية التصعيد الخطير.
وفشلت حتى الآن كافة الجهود الإقليمية والدولية والمحلية في وقف القتال في المدينة.
وفي أعقاب اندلاع القتال، طرحت حركات مسلحة محايدة خطة لتشكيل قوة مشتركة لحماية المدنيين ومساعدة المنظمات الإنسانية لتوصيل المساعدات للعالقين، لكن الخطة لم تنفذ حتى الآن.
مساع محلية
قال محمد الناير، الناطق باسم حركة جيش تحرير السودان بقيادة عبد الواحد محمد نور، لموقع “سكاي نيوز عربية”: “تؤمن قواتنا الطريق لمئات الأسر يوميا وتصحبهم إلى مناطق آمنة”.
وأشار إلى أن قوات حركة جيش تحرير السودان التي تسيطر على منطقة طويلة ومعظم المناطق جنوب الفاشر وجبل ومرة والطرق التي تؤدي إليه، استقبلت أكثر من 45 ألف شخص منذ اندلاع الصراع هناك قبل نحو 6 أسابيع، معظمهم من الأطفال والنساء.
لكن الناير حذر من صعوبة الأوضاع، وأوضح: “يعيش النازحين ظروفا إنسانية حرجة للغاية وهنالك فجوة غذائية لا تستطيع الحركة معالجتها لأن أعداد النازحين فوق طاقة الحركة التي وفرت لهم المأوى والأمان. أيضا هنالك انعدام للدواء في ظل تفشي الأمراض وعدم وجود مستشفيات وأطباء متخصصين، ويعاني الأطفال والنساء الحوامل وكبار السن سوء تغذية حادا”.
وأضاف: “يموت العشرات يوميا من جراء سوء التغذية وانعدام الدواء. إننا أمام كارثة إنسانية حقيقية تستدعي التدخل العاجل من المجتمع الدولي والمنظمات الإنسانية”.
وفي ذات السياق، قال عضو مجلس السيادة المقال رئيس تجمع قوى تحرير السودان عضو الهيئة القيادية لتنسيقية القوى الديمقراطية المدنية “تقدم” الطاهر حجر، إن حركته تمكنت بالتنسيق مع حركة جيش تحرير السودان من تأمين ممر آمن لخروج آلاف المدنيين الفارين من الحرب بمدينة الفاشر تحديدا، حيث تم تجميع مئات السيارات المحملة بالنازحين بمعسكر “زمزم”، وبعد ذلك رافقتهم القوات لتأمينهم.
وجدد حجر دعوته لطرفي الحرب إلى “تحكيم صوت العقل والنزوع نحو وقف وإنهاء الحرب عبر الحلول السلمية التفاوضية”.
3 خيارات
عقب اندلاع القتال في الفاشر، طرحت الحركات المحايدة 3 خيارات هي وقف الحرب عبر اتفاق وقف العدائيات، أو خروج الجيش والدعم السريع من المدينة على أن تؤول مسؤولية حفظ الأمن للقوة المشتركة للحركات المسلحة، أو فتح ممرات آمنة تضمن خروج المدنيين من مناطق الاشتباك.
طلبت مجموعة مكونة من 118 مجموعة ومنظمة نسوية وحقوقية للمرأة وحقوق الإنسان، من الأمم المتحدة العمل فورا لإنهاء الفظائع الجماعية والمجاعة الناجمة عن الصراع في السودان، ودعت إلى اتخاذ تدابير ملموسة لحماية المدنيين.
كانت مدينة الفاشر تحتضن قبل اندلاع القتال ربع سكان إقليم دارفور البالغ عددهم نحو 6 مليون نسمة.
المصدر: سكاي نيوز