بقلم: سايه رحيمي- اندبندنت
الشرق اليوم– أصبحت ردود الفعل المشكوك فيها وغير الواضحة لمرشحي الانتخابات الرئاسية الإيرانية المزمع اجراؤها في الـ28 من يونيو (حزيران) الجاري، على قضية الحجاب الإلزامي، ورفضهم إعلان موافقتهم الصريحة على عمل شرطة الأخلاق في الشوارع الإيرانية، موضوعاً ساخناً على وسائل التواصل الاجتماعي والفضاء الإلكتروني.
ورأى مستخدمو وسائل التواصل الاجتماعي وبعض الناشطين السياسيين أن “حتى المرشحين للانتخابات الرئاسية الذين وافق النظام على أهليتهم عبر مجلس صيانة الدستور ليسوا مستعدين لتحمل مسؤولية المواجهات العنيفة مع النساء اللواتي يعارضن الحجاب الإلزامي، لعل وعسى يحصلون على مزيد من الأصوات”.
وانتشرت خلال الأيام الماضية، آراء المرشحين الستة للانتخابات الرئاسية في مقابلات عبر وسائل الإعلام، وكشفت تجنبهم الإجابة الواضحة والصريحة حول قضية الحجاب ومشاركة المرأة في المشهد السياسي والاجتماعي.
وفي موازاة صمت المرشحين عن حقوق النساء، انتشرت مقاطع فيديو على مواقع التواصل تظهر مواجهات عنيفة بين عناصر شرطة الأخلاق ونساء مناهضات للحجاب الإلزامي في إيران. وأصبحت هذه المقاطع حديث العديد من مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي والناشطين، إذ اعتبروا أنه بغض النظر عمن يصبح رئيساً للبلاد، فإن أساس عمل النظام هو محاربة المرأة وحرمانها من الحريات المدينة.
زاكاني وتوظيف النساء لفرض الحجاب في المترو
قبل عام تقريباً، أفادت صحيفة “فراز” الإلكترونية في تقرير حصري نقلاً عن مصادر مطلعة في بلدية طهران، أنه تم توظيف ما لا يقل عن 400 امرأة لفرض الحجاب في محطات المترو في العاصمة طهران براتب شهري قدره 12 مليون تومان (200 دولار).
ونفى مسؤولون في بلدية طهران هذا الخبر عند انتشاره في البداية، إلا أنه وبعد مرور بعض الوقت، أصبحت محطات مترو طهران مليئة بعناصر نسائية يرتدين الشادور الأسود لدرجة أن البعض من مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي شبه محطات المترو بـ “أنفاق الرعب”.
وعندما واجه عمدة طهران علي رضا زاكاني المرشح للانتخابات الرئاسية، سؤالاً عن تدخلات البلدية في مسألة فرض الحجاب الإلزامي في طهران، خلال ندوة حوارية تلفزيونية، نظر إلى المشاهدين وقال “لا يوجد شيء اسمه فرض الحجاب في البلدية، وما ينشر على وسائل الإعلام غير صحيح أبداً”، مدعياً أن العناصر المتمركزة في مترو طهران لفرض الحجاب هم من عامة الناس.
مصطفى بور محمدي: عضو لجنة الموت
وأما بور محمدي الذي كان عضواً في “لجنة الموت” ولعب دوراً مهماً في الاغتيالات المتسلسلة في إيران، فرفض أن يتخذ موقفاً واضحاً من قضية فرض الحجاب الإلزامي على النساء. وتحدث عن الوعود المتكررة، إذ قال إن “نظرتنا للمرأة لا يجب أن تقتصر على الحجاب واللباس، بل يجب أن تكون لدينا رؤية شاملة وكاملة للمرأة”.
أمير حسين قاضي زادة: إسناد المناصب الإدارية للنساء
أمير حسين قاضي زادة، الرئيس الحالي لـ “مؤسسة الشهيد” (بنياد شهيد) والذي شارك في الانتخابات الرئاسية السابقة وانسحب لمصلحة إبراهيم رئيسي، كان قد رفض إسناد أي مناصب إدارية للنساء، لكن في الحوار التلفزيوني الأخير ادعى أنه يرى أن الرجال والنساء سواسية في المناصب الإدارية. وتجنب قاضي زادة الحديث عن قضية فرض الحجاب الإلزامي، وقال إن “النساء أكثر موثوقية وأقل تورطاً في قضايا الفساد”.
محمد باقر قاليباف: من مشروع قانون الحجاب إلى التدخل في شؤون المواطنين
محمد باقر قاليباف، الرئيس الحالي للبرلمان، الذي تم تمرير مشروع قانون “الحجاب والعفة” خلال فترة رئاسته، تجنب أيضاً التعليق على قضية الحجاب الإلزامي وحاول استمالة الأصوات من خلال التركيز على القضايا الاقتصادية والوعد بحل الأزمات المعيشية.
سعيد جليلي: العمق الاستراتيجي
أهم ردود الفعل في الأيام الماضية على أراء المرشحين للانتخابات الرئاسية بشأن قضية الحجاب في البلاد، كانت مرتبطة بما قاله سعيد جليلي ومسعود بزشكيان.
وأصبحت إجابة سعيد جليلي على سؤال الخبير حسين انتظامي حول الحجاب الإلزامي في الندوة الحوارية للقناة الثانية الرسمية، مصدراً للسخرية والدعابة في وسائل التواصل الاجتماعي ومفاجأة لمراقبي الانتخابات الرئاسية الإيرانية. إذ سأل انتظامي، سعيد جليلي عن إغلاق المطاعم وتوقيف سيارات الأجرة التي تقدم خدمة للنساء اللواتي يعارضن الحجاب الإلزامي، فأجاب جليلي إنه “إذا لم نفهم العمق الاستراتيجي، فلن نفهم ما هو على السطح. لا يمكننا أن نفهم ماذا يعني هذا”.
وسرعان ما انتشرت هذه الإجابة الغامضة، التي كانت بمثابة نوع من التهرب من الرد الواضح والشفاف على السؤال المتعلق بقضية الحجاب الإلزامي، على وسائل التواصل الاجتماعي. إذ قال مستخدمو وسائل التواصل الاجتماعي أنه حتى أكثر أعضاء النظام تشدداً ليسوا مستعدين لتحمل مسؤولية أعمال شرطة الأخلاق وأطلقوا هاشتاغ اسموه بـ “العمق الاستراتيجي”.
مسعود بزشكيان “يعشق الولاية”
وأكثر التصريحات إثارة للجدل حول شرطة الأخلاق ومعاملة النساء المعارضات للحجاب الإلزامي، كان تصريح للمرشح الإصلاحي مسعود بزشكيان الذي حصل على موافقة مجلس صيانة الدستور، إذ اعترف بنفسه بأنه رشح نفسه للانتخابات الرئاسية لزيادة نسبة المشاركة. ووصف بزشكيان مشروع “نور” الخاص بالحجاب، بـ “الأسود”.
وعندما ذكر اسم علي خامنئي في جامعة طهران واحتج الطلاب عليه، رد عليهم قائلاً بإنه يعشق المرشد ولن يسمح لهم بإهانة الشخص الذي يكن له كل الاحترام والمقبولية. كما قال بزشكيان في أول لقاء تلفزيوني وبوضح إنه ليست لديه خطة، وإذا ما انتُخب رئيساً للجمهورية تسير حكومته على السياسات العامة التي رسمها المرشد خامنئي.