الشرق اليوم– انطلق من هولندا، أمس، قطار انتخابات البرلمان الأوروبي، لينتقل بعدها ولمدة أربعة أيام إلى أيرلندا اليوم (الجمعة)، ثم إلى لاتفيا ومالطا وسلوفاكيا يوم غد (السبت)، وتصوت تشيكيا يومي 7 و8، وإيطاليا يومي 8و9، وفي بقية دول الاتحاد الأوروبي يوم الأحد.
هذه الانتخابات لا تشبه غيرها منذ أول انتخابات جرت عام 1979، فهي أشرس انتخابات تشهدها دول الاتحاد ال 27، لأنها ستحدد المستقبل السياسي للاتحاد على خلفية تنامي نفوذ الأحزاب اليمينية واليمينية المتطرفة التي تؤيد الأجندات المعارضة للمهاجرين والعولمة، وتشكك بمؤسسات الاتحاد الأوروبي، ما قد يعرقل تبني القوانين والسياسات الأوروبية، وإقرار الميزانيات، بما في ذلك الموقف الأوروبي من الحرب الأوكرانية.
سوف يختار نحو 370 مليون ناخب ممثليهم ال 720 نائباً في البرلمان الأوروبي، حيث يتنافس نحو 200 حزب. ومن المتوقع أن يعقد البرلمان دورته الأولى بتشكيلته الجديدة في منتصف يوليو/ تموز المقبل، حيث يجتمع زعماء الاتحاد، لاختيار الرئيس الجديد للمفوضية الأوروبية، وهو أقوى منصب تنفيذي في الاتحاد، وتسعى رئيسة المفوضية الحالية الألمانية أورسولا فون ديرلاين إلى الفوز بولاية ثانية، ولتحقيق ذلك عليها أن تحصل على تأييد أغلبية زعماء الاتحاد، وعلى موافقة أغلبية أعضاء البرلمان الجديد (ما لا يقل عن 361 صوتاً).
بعد انتهاء التصويت وظهور النتائج، ستشكل الأحزاب السياسية الفائزة مجموعات نيابية مختلفة، ويعدّ «حزب الشعب الأوروبي» (يمين الوسط) أكبر مجموعة على مدى السنوات ال25 الماضية، لكن هذه المرة قد يختلف الوضع تبعاً للنتائج،حيث من المتوقع أن تحقق الأحزاب اليمينية نتائج قد تغير صورة التحالفات في البرلمان.
وتعتبر هولندا التي بدأت فيها الانتخابات، واحدة من الدول التي يتوقع أن تتصدر فيها الأحزاب اليمينية المتطرفة وغيرها من القوى المشككة بالاتحاد الأوروبي النتائج، وخصوصاً «حزب الحرية» بقيادة اليميني المتطرف خيرت فيلدرز، الفائز في انتخابات
نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، كما يتوقع أن تحقق الأحزاب الأوروبية المماثلة كحزب «أخوة إيطاليا»، و«التجمع الوطني» اليميني الفرنسي أرقاماً قياسية، فيما يتوقع أن يشهد «حزب النهضة» الذي يترأسه الرئيس مانويل ماكرون انتكاسة انتخابية.
انتخابات البرلمان الأوروبي تجري هذه السنة وسط أزمة اقتصادية خانقة، أدت إلى ارتفاع نسبة التضخم وأسعار المواد الغذائية، ما أدى إلى تدهور القدرة الشرائية للمواطنين الأوروبيين، إضافة إلى تداعيات الحرب الأوكرانية التي ألقت بثقلها على الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية والسياسية في معظم الدول الأوروبية، جراء ضخ أموال ودعم عسكري لأوكرانيا على حساب الخدمات الاجتماعية، ما أدى إلى نفور قطاعات شعبية واسعة من السياسات التي تتبعها الأحزاب السياسية الحاكمة، والاتجاه نحو خيار تأييد الأحزاب الأخرى.
تشير التوقعات إلى أن الأحزاب اليمينية والمتطرفة قد لا تتمكن من الحصول على الأغلبية البرلمانية، لكنها قد تحصل على أكثر من 80 مقعداً، بعدما كانت تمتلك 59 مقعداً في البرلمان السابق، لكن هذه النتيجة سوف تشكل هزة سياسية في البرلمان، وسوف تؤثر في مجمل القرارات التي يتخذها البرلمان بشأن السياسات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية المتعلقة بالاتحاد، وخصوصاً ما يتعلق بالهجرة والميزانية، والموقف من الحرب الأوكرانية، والعلاقات عبر الأطلسي، والوضع في الشرق الأوسط.
أيام ويتحدد وجه أوروبا ومستقبلها ودورها، على ضوء ما تقرره صناديق الاقتراع.
المصدر: صحيفة الخليج