الشرق اليوم– اعتبرت رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني اليوم السبت خلال التجمع الأخير لحزبها في روما أن الانتخابات الأوروبية المقررة الأسبوع المقبل يمكن أن تشكل “نقطة تحول” بفوز أحزاب أقصى اليمين.
وقالت ميلوني التي يقود حزبها “إخوة إيطاليا” الحكومة منذ أن تصدر نتائج الانتخابات الوطنية في سبتمبر )أيلول (2022، “لدينا هدف واضح، نريد أن نفعل في بروكسل ما فعلناه في روما”.
وأوضحت أنها تريد “بناء حكومة يمينية في أوروبا أيضاً وإحالة اليسار بصورة نهائية إلى المعارضة… بعدما ألحق كثيراً من الضرر بقارتنا طوال هذه الأعوام”.
تغيير مسار أوروبا
وحضّت ميلوني الناخبين الإيطاليين على دعمها في كلمتها التي استمرت ساعة أمام حشد في ساحة “بيازا ديل بوبولو” التاريخية في روما، أمام لافتة كتب عليها “مع جورجيا، إيطاليا تغيّر أوروبا”، مضيفة أنه “إذا أخبرنا الإيطاليون بأنهم ما زالوا إلى جانبنا… فسنمتلك القوة اللازمة لمحاولة القيام بمهمة لم يكن ممكناً تصورها حتى قبل بضعة أشهر”.
وتابعت أن “هذا يعني أنه بعد جعل إيطاليا تغيّر مسارها، يجب أن تغيّر أوروبا مسارها أيضاً”.
وتتوقع استطلاعات الرأي أن تحقق أحزاب أقصى اليمين مكاسب في الانتخابات الأوروبية التي دعي إلى المشاركة فيها نحو 370 مليون ناخب في 27 دولة في الفترة من السادس إلى التاسع من يونيو (حزيران) الجاري.
لكن من المرجح أيضاً أن تبقى الأحزاب التقليدية في الصدارة.
وانتقدت رئيسة الوزراء الإيطالية قوانين الاتحاد الأوروبي، خصوصاً في ما يتعلق بقضايا البيئة، واتهمت التكتل بأنه أصبح “جنة للبيروقراطيين” و”جحيماً لمن يمارسون التجارة”، مؤكدة “نحن عند نقطة تحول ويبدو الأمر بمثابة استفتاء بين رؤيتين متعارضتين لأوروبا”.
كتل اليمين
واعتبرت جورجيا ميلوني، وهي زعيمة كتلة “المحافظين والإصلاحيين الأوروبيين”، إحدى المجموعتين اليمينيتين في البرلمان الأوروبي، أن “على الاتحاد الأوروبي أن يكون شريكاً للدول القومية، وليس بنية فوقية تخنق الدول القومية”.
أما المجموعة اليمينية الأخرى في البرلمان الأوروبي، فهي كتلة “الهوية والديمقراطية” التي تضم حزب “التجمع الوطني” الفرنسي بزعامة مارين لوبن و”حزب الرابطة” الإيطالي الذي يتزعمه ماتيو سالفيني حليف مليوني.
وطردت كتلة “الهوية والديمقراطية” حزب “البديل من أجل ألمانيا” الشهر الماضي بعد سلسلة فضائح تورط فيها النائب ماكسيميليان كراه الذي يجري التحقيق معه لصلاته المشبوهة بروسيا والصين.
وهناك انقسام ملحوظ بين الكتلتين حول الموقف تجاه روسيا، إذ تدعم الكتلة التي تتزعمها ميلوني أوكرانيا.
وقالت ميلوني إن كثيرين توقعوا أن تكون روما “الحلقة الأضعف في الوحدة الغربية”، لكنها أكدت أنها صمدت و”أعادت الجدية إلى علاقاتنا”.
مواقف ميلوني
كثير من أنصار رئيسة الوزراء الإيطالية معجبون بموقفها القوي من الشؤون العالمية.
وقال ماركو أرنابولدي (64 سنة) الذي حضر التجمع “لقد أعادت إيطاليا إلى مركز النقاشات الدولية”.
وميلوني مرشحة في الانتخابات الأوروبية على رغم أنها لن تتمكن من شغل مقعدها باعتبار أنها عضو في البرلمان الإيطالي، مما يجعل ترشحها استفتاءً على الفترة التي قضتها في المنصب.
وتخللت خطابها في روما هتافات “جورجيا، جورجيا”، وكان عدد من أنصارها يضعون قبعات يوزعها حزبها كتب عليها “فخر إيطاليا”.
وغطى الخطاب كل شيء من الاقتصاد إلى الهجرة والإجهاض وما سمته ميلوني “الأسلمة الزاحفة”.
وقالت ميلوني إنها تريد الحصول على نسبة مماثلة لتلك التي حصدها حزبها في الاقتراع الوطني عام 2022 والبالغة 26 في المئة، متقدمة بفارق كبير على حلفائها في الائتلاف.
ويهدف حزب الرابطة بزعامة سالفيني إلى الحصول على نحو تسعة في المئة، ويهدف حزب “فورتسا إيطاليا” اليميني إلى الحصول على نحو 10 في المئة.
وتناهز نسبة تأييد الحزب الديمقراطي اليساري الوسطي حالياً 21 في المئة، بينما يتوقع أن تحصد حركة “خمس نجوم” الشعبوية نحو 15.5 في المئة من الأصوات.
مسيرة السلام
في موازاة ذلك، شارك عشرات الآلاف من أنصار رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان اليوم في “مسيرة السلام” في العاصمة بودابست قبل أسبوع من الانتخابات الأوروبية.
ويكتسب هذا الحدث الذي يقام بصورة منتظمة منذ عودة أوربان للسلطة عام 2010، صدى خاصاً هذا العام في ظل حرب روسيا على أوكرانيا.
وفيما انتقد أوربان زعماء الاتحاد الأوروبي قائلاً إنهم “مؤيدون للحرب”، وصف الانتخابات الأوروبية المقررة في التاسع من يونيو الجاري بأنها استفتاء على الصراع، وأضاف أنه الآن “يقاتل وحده من أجل السلام” في التكتل.
وأعلن أمام الحشود التي لوّحت بأعلام المجر أنه “لدينا أكبر جيش انتخابي، نحن أكبر قوة لحفظ السلام في أوروبا”، متوقعاً أن يحقق معسكره “انتصاراً كبيراً”.
وعلى ضفتَي نهر الدانوب، وُضعت لافتة ضخمة كُتب عليها “لا للحرب”.
ويرفض أوربان (61 سنة) الذي بقي مقرباً من الكرملين، إرسال أسلحة إلى أوكرانيا المجاورة، ويعرقل حالياً إرسال مساعدات عسكرية أوروبية، مكرراً أن كييف “لا يمكنها الانتصار” على موسكو وعليها قبول وقف إطلاق النار على الفور.
واتهم رئيس الوزراء المجري أمس الجمعة، حلفاءه الغربيين بالرغبة في جر بلاده إلى صراع مسلح، كما حدث خلال الحرب العالمية الثانية، حتى إنه ذهب إلى حد إجراء مقارنة مع الضغط الذي مارسه أدولف هتلر على المجر آنذاك.
هجوم سيبراني
من ناحية أخرى، أعلنت ألمانيا اليوم أنها تكافح هجوماً سيبرانياً “خطراً” استهدف حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي المحافظ الذي تنتمي إليه رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين قبل أيام من انتخابات البرلمان الأوروبي.
وقال متحدث باسم وزارة الداخلية إن خبراء من المكتب الاتحادي لأمن المعلومات وجهاز الاستخبارات المحلي “يشاركون بصورة مكثفة في مكافحة الهجوم”، مضيفاً أن طبيعة الهجوم تشير إلى ضلوع “فاعل محترف جداً”، ولفت إلى أن المحققين يعملون على منع وقوع مزيد من الأضرار.
ولم ترغب الوزارة في تقديم معلومات حول الأضرار التي سببها الهجوم السيبراني.
ويعتزم جهاز الاستخبارات الداخلية في ألمانيا إصدار تحذير للأحزاب السياسية الممثلة في البرلمان في وقت لاحق اليوم.
وتابع المتحدث باسم الوزارة أن “سلطاتنا الأمنية عززت تدابير الحماية ضد التهديدات الرقمية والهجينة” و”نشهد أهميتها من جديد قبل الانتخابات”.
وتعرض “الحزب الاشتراكي الديمقراطي” الذي يتزعمه المستشار أولاف شولتز وشركات ألمانية عدة عام 2023 لهجوم سيبراني نسبه المحققون الألمان إلى مجموعة تُعرف باسم “أي بي تي28” تقودها أجهزة الاستخبارات العسكرية الروسية.
وطاول الهجوم حينها عدداً من حسابات البريد الإلكتروني التابعة لأعضاء الحزب الاشتراكي الديمقراطي، وفقاً للوزارة الألمانية.
وتُتهم مجموعة “أي بي تي28” المعروفة أيضاً باسم فانسي بير (Fancy Bear) بشنّ عشرات الهجمات السيبرانية حول العالم.
وتعود آخر أكبر تلك المحاولات التي يُتهم بها قراصنة روس، لهجوم الكتروني عام 2015 شلّ شبكة الكمبيوتر الخاصة بالـ”بوندستاغ” (مجلس النواب الألماني)، مما أدى إلى انقطاع الإنترنت عن المجلس برمته لأيام ريثما تم إصلاح الشبكة. وتنفي روسيا الوقوف خلف تلك الأنشطة.
المصدر:اندبندنت