بقلم: أمال شحادة- اندبندنت
الشرق اليوم– على رغم عدم التفاؤل بين أعضاء الوفد الإسرائيلي المفاوض لصفقة الأسرى والمطلعين على سير المفاوضات والخلافات الإسرائيلية الداخلية، إلا أن الكابينت بمشاركة أعضاء الوفد ناقش مقترحات عدة لصفقة تتيح إمكان التوصل إلى اتفاق خلال فترة قريبة.
المتوقع بحسب مسؤول إسرائيلي أن تتسلم حركة “حماس” المقترح الإسرائيلي الثلاثاء، لكن الإسرائيليين يخشون من أن تنفذ الحركة تهديدات قيادتها بعدم التوجه نحو المفاوضات ما دام القتال في رفح مستمراً. وأكد أكثر من أمني وسياسي أن العملية في رفح التي أدت إلى مقتل أبرياء من نساء وأطفال نازحين في الخيام، ومن ثم مقتل الجندي المصري وإصابة آخرين في تبادل لإطلاق النار عند معبر فيلادلفيا، يشكلان عائقاً كبيراً أمام المفاوضات “على رغم المحادثات التي أجراها ممثلون عن الجيشين المصري والإسرائيلي بعد ظهر الإثنين، لمنع اتساع هذا التدهور”.
استعداد لزيادة فترة وقف النار
وفي ظل الخلاف بين أعضاء الكابينت وأيضاً بين المؤسستين السياسية والعسكرية حول سياسة الحكومة تجاه صفقة الأسرى وعدم تفضيلها على استمرار القتال في غزة، نقل الوفد مقترحين من إسرائيل بخلاف بسيط بينهما. بلورة المقترحين جاءت وفق رغبة رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، بالإصرار على عدم الموافقة على شرط “حماس” بوقف مطلق للنار.
أحد المقترحين عملياً هو ما سبق ووافقت عليه إسرائيل ثم أعلنت حركة “حماس” موافقتها عليه، إلا أن التقارير كانت تحدثت عن إجراء تعديل في المقترح جعله مختلفاً عما وافقت عليه إسرائيل، مما أدى إلى تجميد المفاوضات من جديد. المقترح الثاني الذي ناقشته إسرائيل بعد نشر فيديو احتجاز وأسر مجندات إسرائيليات في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023 من القاعدة العسكرية “ناحل عوز”، يتضمن تعديلات في شأن الأسرى الإسرائيليين الذين ستشملهم الصفقة وعددهم. وتطالب إسرائيل بألا يكون العدد أقل من 33 أسيراً على أن يشمل أيضاً النساء المجندات اللاتي كان شملهن الاتفاق خلال فترة المفاوضات السابقة في المرحلة الأخيرة من الصفقة.
أما بالنسبة إلى وقف إطلاق النار وضعت إسرائيل أمام الوفد المفاوض خطاً أحمر بعدم الموافقة على وقف مطلق للنار، وعرضت استعدادها لزيادة فترة وقف النار أكثر مما كان عليه الاتفاق السابق في حال زاد عدد الأسرى الأحياء الذين ستشملهم الصفقة.
وشكل بند الرفض لوقف مطلق للنار خلافاً عميقاً بين رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو والوفد المفاوض، كما اختلفت حوله المؤسستان السياسية والأمنية.
بنيامين نتنياهو يرفض رفضاً قاطعاً وقف إطلاق النار، ويؤكد أن الجيش سيواصل عملياته في رفح ومختلف المناطق في القطاع من أجل تحقيق أهداف الحرب بالقضاء على “حماس” ونظامها في غزة وتدمير البنى العسكرية والتحتية، أما الوفد المفاوض فيرى هناك حاجة إلى وضع خطة تضمن وقفاً مطلقاً للنار. وفي أعقاب هذا الخلاف اعتبر عضو الوفد المفاوض الجنرال الاحتياط نيتسان الون أنه بوجود حكومة بتركيبتها الحالية لن تنجح إسرائيل في التوصل إلى اتفاق للصفقة، ورأى أن الأمل شبه مفقود حالياً.
الخلاف الآخر بين المؤسسة الأمنية ونتنياهو ووزراء حزبه وداعميه في الكابينت الإسرائيلي والمجلس الوزاري الأمني المصغر، ويعتبر هؤلاء بند الوقف المطلق للنار مكسباً كبيراً لحركة “حماس”، وعملياً إنهاء الحرب من دون أن تحقق إسرائيل أهدافها. أما المؤسسة الأمنية فترى بهذا الرفض عقبة كبيرة أمام تقدم صفقة الأسرى، مما يسهم بفقدان مزيد من الأسرى الأحياء.
في بند آخر في المقترح الإسرائيلي هناك رفض تام للتوصل إلى اتفاق يشمل 18 أسيراً وأسيرة.
ونقلت قناة “كان” الإخبارية عن مسؤول مقرب من سير المفاوضات أن إسرائيل تبحث في فترة الوقف الموقت لإطلاق النار، وتقول “كلما زاد عدد المختطفين الأحياء الذين عرضتهم ’حماس‘، زاد عدد أيام وقف إطلاق النار وعدد الأسرى الأمنيين الفلسطينيين الذين سيطلق سراحهم كجزء من الصفقة”.
وفي هذا الجانب يحذر أمنيون وسياسيون إسرائيليون من احتمالات قتل مزيد من الأسرى الأحياء مع تكثيف وتوسيع القتال في غزة، خصوصاً في رفح. وبحسب الرئيس السابق لقسم العمليات في هيئة الأركان الجنرال الاحتياط يسرائيل زيف، فإن تعميق الخلاف والتوتر مع مصر يشكل عرقلة كبيرة وخطرة أمام صفقة تبادل الأسرى.
ويرى زيف أن عمليتي معبر فيلادلفيا ومقتل النازحين في الخيام ستلحقان ضرراً كبيراً لإسرائيل إذا ما واصلت تعنتها في تنفيذ العمليات والسيطرة على المعبر، وبرأيه فإن الجيش “لن يحقق إنجازات أكثر مما حقق، ولو كانت رفح مهمة إلى هذا الحد لكان الجيش باشر عمليته البرية فيها”.
“كذب وفضيحة”
مساء الإثنين خصص بنيامين نتنياهو بداية خطابه في الكنيست عن الأبحاث التي تجريها إسرائيل حول صفقة الأسرى، واصفاً ما يتسرب من الجلسات والحديث عن عرقلته للصفقة بالكذب والفضيحة. ونفى أن يكون النهج الذي يتبعه هو العائق الأساسي الذي يحول دون التوصل إلى صفقة تضمن الإفراج عن أسرى إسرائيليين في قطاع غزة، وزعم أنه “منذ نهاية ديسمبر (كانون الأول) وحتى الآن، تلقى خمسة طلبات من فريق التفاوض لإبداء مزيد من المرونة في الشروط الإسرائيلية وبأنه صادق عليها كلها”.
ومن دون أن يسميه رد نتنياهو على عضو الوفد المفاوض الون نيتسان، الذي قال إنهم في حالة يأس من التوصل إلى صفقة أسرى، قائلاً “أولئك الذين يئسوا مدعوون لرفع راية سوداء، أو راية استسلام بيضاء”.
وأضاف نتنياهو أن “التصريحات المتكررة بأنه العقبة أمام التوصل إلى الصفقة هي كذب وخدعة وفضيحة، لا تلحق الأذى بعائلات الأسرى فحسب، بل تجعل عملية الإفراج عنهم بعيدة المنال”.
وأكد نتنياهو أنه في المقترحات المقدمة للوسطاء التي من المتوقع مناقشتها، قدمت إسرائيل تنازلات كثيرة سيكون من الصعب تقديم أكثر من ذلك.
وعاد نتنياهو وكرر استمرار وتوسيع القتال حتى النصر المطلق قائلاً “لست مستعداً للاستسلام لأعدئنا، هذا يمنح إيران ومحور الشر نصراً هائلاً. إنني أتصدى للضغوط من الداخل والخارج، ليس هناك بديل عن النصر المطلق”.
حديث نتنياهو أثار من جديد عائلات الأسرى التي حضرت في جلسة الكنيست، ونقل عن مسؤول مطلع على سير المفاوضات أن التطورات التي شهدناها خلال الساعات الـ24 الأخيرة لا تبشر باحتمال استئناف قريب للمفاوضات، “فسبب التوترات والتطورات الأخيرة في القتال يمكن أن تطرح حركة ’حماس‘ مطالب أخرى، إذا شعرت أنها في موقف الأفضلية. وكما يقول عدد كبير من كبار جهاز الأمن إن إسرائيل وصلت إلى مفترق طرق لا يتيح لها سوى خيارين إما إبرام صفقة أو الاستمرار في الحرب، لا وجود لمسار ثالث”.