الشرق اليوم– ينتشر الضّوء في كلّ مكان من حولنا، ولكن كم تعرف حقّا عن الفوتونات التي تتجاوزك بسرعة؟ هناك المزيد من الضّوء ممّا لا تراه العين، وإليكم هنا ثمانية حقائق قيّمة عن الفوتونات:
يمكن للفوتونات (Photons) أن تنتج موجات صدمة (shock waves) في الماء أو الهواء مشابهة للقنابل الصّوتيّة. لا شيء يمكن أن ينتقل أسرع من الضّوء في الفراغ. ولكنّه يتباطأ في الهواء والماء والزّجاج وموادّ أخرى، كما أنّ الفوتونات تتفاعل مع الذرّات معطية نتائج مثيرة للاهتمام. تضرب أشعّة غامّا -الأعلى طاقة- الغلاف الجوّي للأرض من الفضاء بسرعة أكبر من سرعة الضّوء في الهواء، وتُنتج فوتونات الضّوء حينها موجات صدمة في الهواء على غرار القنابل الصّوتيّة، لكن هذا التّأثير ينتج فوتونات أكثر، بدلا من الصّوت. تبحث المراصد مثل مرصد فيريتاس VERITAS في أريزونا عن تلك الفوتونات الثّانويّة التي تُعرف باسم إشعاع شيرينكوف (Cherenkov radiation)؛ وتنطلق هذه الأشعّة أيضا في المياه المحيطة بالوقود النّووي- مياه تبريد المفاعلات النوويّة.
معظم أنواع الضّوء غير مرئي لأعيننا إنّ الألوان هي الطّريقة الّتي تفسّر بها أدمغتنا الطّول الموجيّ للضّوء، الذي يُعرّف على أنّه المسافة الّتي يسافر بها الضوء قبل أن يكرر نمط الموجة ذاته. ولكن الألوان التي نراها -والمسماة بالضوء المرئي- ليست سوى عينة صغيرة من مجموع الطيف الكهرومغناطيسي. الأحمر هو أطول الأمواج الضوئية التي نراها، ولكنّ الأمواج تمتد أكثر ونحصل بذلك على الأشعة تحت الحمراء والأمواج الميكروية (microwaves) (الّتي تنتجها أداة الطبخ المعروفة بالاسم نفسه: ميكروويف) وأمواج الراديو. أما الموجات الأقصر من اللون البنفسجي فتتدرّج إلى الأشعة فوق البنفسجية والأشعة السينية وأشعة غاما.يعبر الطول الموجي عن الطاقة: فالأمواج الطويلة كأمواج الراديو ذات طاقة منخفضة، والأمواج القصيرة كأشعة غاما لديها الطاقة الأعلى، وهذا سبب رئيسي لاعتبار أشعة غامّا خطرة على الأنسجة الحية.
يمكن للعلماء إجراء القياسات على فوتون واحد! يتكوّن الضوء من جسيمات تسمى الفوتونات وحزم من المجال الكهرومغناطيسي تحمل كمية محددة من الطاقة. ومع تجارب حساسة بما يكفي يمكنك عد الفوتونات أو حتى إجراء القياسات على أحدها. بل إن الباحثين قد جمدوا الضوء مؤقتا! لا يمكنك تشبيه الفوتونات بكرات البلياردو. فهي ذات سلوك موجي أيضا (wave-like)! حيث يمكنها أن تتداخل مع بعضها لتنتج أنماطا من الضوء والظلام. وقد كان نموذج الفوتون واحداً من الانتصارات الأولى لفيزياء الكم (quantum physics)، وظهر لاحقا أن الالكترونات وجسيمات أخرى من المادّة لديها سلوك موجي أيضا.
تستخدم الفوتونات من مسرعات الجسيمات في الكيمياء وعلم الأحياء إن موجات الضوء المرئي أكبر من الذرات والجزيئات، ولذلك لا نرى حرفيا مكونات المادة، ومع ذلك، فالأطوال الموجية القصيرة للأشعة السينيّة والأشعة فوق البنفسجية مناسبة لعرض البنى الصغيرة. وقد لجأ العلماء إلى هذه الأنواع ذات الطاقة العالية لإلقاء نظرة على العالم الذري. يمكن لمسرعات الجسيمات (Particle accelerators) أن تنتج فوتونات ذات أطوال موجية محددة عن طريق تسريع الالكترونات باستخدام المجالات المغناطيسية، وهذا ما يسميه الباحثون بإشعاع سينكروترون (synchrotron radiation). ويستخدم الباحثون الأشعة السينية وفوق البنفسجية التي تنتجها مسرعات الجسيمات لدراسة بنية الجزيئات والفيروسات وحتى صناعة أفلام التفاعلات الكيميائية.
الضوء أحد مظاهر قوى الطبيعة الأربعة الأساسية تحمل الفوتونات القوة الكهرومغناطيسية (electromagnetic force)، وهي إحدى القوى الأربعة الأساسية في الطبيعة (إلى جانب القوة الضعيفة والقوية والجاذبية). عندما يتحرك الالكترون في الفضاء، يترتب على الجسيمات المشحونة الأخرى الاستجابة بالجذب أو التنافر. ونظرا لأن التأثير محددٌ بسرعة الضوء، فإن الجسيمات تتفاعل عمليا مع الموقع الذي كان الالكترون متواجدا فيه بدلا من مكان تواجده الفعلي. تفسر فيزياء الكم هذا بوصف المنطقة الفارغة من الفضاء كحساء تغلي فيه الجسيمات الافتراضية؛ حيث تصطدم الالكترونات مع الفوتونات الافتراضية، والتي بدورها تنتقل بسرعة الضوء وتصدم جسيمات أخرى، متبادلة معها الزخم (كمية الحركة) والطاقة.
يمكن للفوتونات أن تنشأ وتُدمر بسهولة على عكس المتوقع، يمكن لكل أنواع الأشياء توليدَ الفوتونات أو تدميرها. إذا كنت تقرأ هذا المقال على شاشة الحاسوب، فإن ضوء الخلفية يُنتج فوتونات تنتقل إلى عينك حيث يجري امتصاص الفوتونات وتدميرها. إنّ حركة الالكترونات هي المسؤولة عن إنشاء الفوتونات وتدميرها، وهذا هو الحال بالنسبة لمعظم حالات إنتاج الضوء وامتصاصه. إن الالكترون المتحرك في مجال مغناطيسي سيولد فوتونات نتيجةً لتسارعه فقط. وبالمثل عندما يصدم فوتون ما بالطول الموجي المناسب ذرّة ما فإنّه سيختفي بعد أن يستخدم كل طاقته في صدم الالكترون ونقله إلى مستوى طاقي جديد. وعندما يعود الالكترون إلى حالته الأصلية يتولّد فوتون جديد وينبعث من الذرّة. إن الامتصاص والإصدار مسؤولين عن الطيف (spectrum) الفريد للضّوء والذي يميّز كل نوعٍ من الذرات والجزيئات. يُعد هذا الطيف الطريقة الرئيسية للكيميائيين والفيزيائيين وعلماء الفلك من أجل تحديد المواد الكيميائية.
عندما تُفني المادة والمادة المضادة بعضهما ينشأ الضوء كناتج ثانوي للالكترون والبوزيترون (positron) الكتلة نفسها، ولكنّهما يتعاكسان بالخصائص الكمومية، مثل الشحنة الكهربائية. عندما يتلاقيان تلغي الخصائص المتعاكسة بعضها، وتتحول كتلة الجسيمان إلى طاقة على شكل زوج من فوتونات أشعة غاما.
يمكنك صدم الفوتونات لتكوين جسيمات الفوتونات هي الجسيمات المضادّة لنفسها. وهنا تكمن المتعة: إذ أنّ قوانين الفيزياء التي تحكم الفوتونات متماثلة في الوقت نفسه. وهذا يعني أنه إذا كان تصادم الكترون وبوزترون يعطي فوتونين من أشعة غاما، فإنّ تصادم فوتونين عند المستوى المناسب من الطاقة يجب أن يعطي الكترونا وبوزترونا. في الواقع من الصّعب القيام بذلك! فالتجارب الناجحة تنطوي بصفة عامة على جسيمات أخرى عدا الضوء. على كل حال، تمّ انتاج عدد هائل من الفوتونات داخل مصادم الهيدرونات الكبير LHC من خلال تصادم البروتونات، وهذا يعني أنّ بعض الفوتونات قد ضرب بعضها الآخر أحيانا. يفكّر بعض علماء الفيزياء في بناء مصادم فوتون-فوتون، من شأنه إطلاق أشعّة من الفوتونات إلى داخل تجويف مليء بالفوتونات لدراسة الجسيمات الناتجة عن هذا التصادم.
المصدر: ناسا بالعربي