بقلم: وليد عثمان – صحيفة الخليج
الشرق اليوم- على ضفاف الأزمات التي تتفاقم في المنطقة، اكتسبت قضية اللجوء، ومعها الهجرة غير الشرعية باعتبارها أحد روافده، حضوراً إضافياً، وظهرت لها وجوه جديدة. لم تعد القضية شاغل الحكومات والمؤسسات المعنية في الدول، أو حول العالم، فقط، وإنما علا فيها أيضاً صوت الشعوب، وظهرت منها جماعات مناهضة للجوء في بلدانها، أو على الأقل مطالبة بتقنينه لتدارك خطره، وأثره في نصيبها من الخدمات والموارد.
الفترة الماضية شهدت حضوراً للقضية، سواء على مستوى التشريعات المتعلقة بها، كما حدث في بريطانيا التي وافق برلمانها أخيراً على قانون يسمح بإرسال عدد من طالبي اللجوء فيها إلى رواندا، حيث ينتظرون مراجعة طلباتهم، أو التفاهمات بين بعض الدول والكيانات القارية المعنية، مثلما حدث بين كل من مصر ولبنان، والجانب الأوروبي.
الأزمة في لبنان متعلقة تحديداً باللاجئين السوريين، الذين تقول التقارير إنهم يتخذون من سواحله منطلقاً نحو أوروبا، وتحديداً عبر قبرص التي شكت من ارتفاع عدد قاصديها بالقوارب من لبنان، وانتهت النقاشات في هذا الشأن بإعلان أورسولا فون دير لاين، رئيسة المفوضية الأوروبية، من بيروت التي زارتها رفقة الرئيس القبرصي، عن مساعدات بقيمة مليار يورو، انتظاراً لتعاون أكبر من لبنان في مكافحة عمليات تهريب اللاجئين انطلاقاً من سواحله.
بعدها، اضطر نجيب ميقاتي، رئيس الوزراء اللبناني، إلى نفي أن يكون هذا الدعم غير المشروط «رشوة أوروبية»، مقابل إبقاء النازحين السوريين في لبنان.
في مصر أيضاً، يهاجم البعض السلطات تأسيساً على ما يعتبره فريق غياب الرؤية في التعامل مع الملف، أو محاولة توظيف وجود تسعة ملايين لاجئ لنيل مساعدات أوروبية تخفف العبء الذي تتحمله مصر في ظل اشتعال محيطها بأزمات سياسية تجعلها مقصداً للفارّين من تبعاتها.
وإن اكتفى مصريون بالمطالبة بتقنين وجود اللاجئين أو المهاجرين، دعا آخرون إلى إعادتهم إلى بلدانهم، أو أية وجهة يختارونها، شاكين من تأثير وجودهم في ظل الصعوبات الاقتصادية، لكنّ فريقاً ثالثاً يعتبرهم ضيوفاً على مصر، رافضاً ربط وجودهم فيها بأي معنى سياسي، أو اقتصادي، وأنهم عائدون بلا شك إلى دولهم حين تتبدل أوضاعها.
هذا الجدل الشعبي، أو المجتمعي المرتبط بهذا الملف لاح أيضاً في تونس، إذ خرج سكان مناطق فيها مطالبين بسرعة إجلاء آلاف المهاجرين غير الشرعيين القادمين من جنوب الصحراء، بعد أن اعتدى بعضهم على ممتلكاتهم، بخاصة حقول الزيتون والمواشي والمزارع التي يضربون خيامهم حولها.
والأمر متعلق هنا بآلاف المهاجرين الأفارقة المنتظرين لأن يحملهم البحر الأبيض المتوسط نحو ضفافه الأوروبية، ولا يخلو، كما في مصر ولبنان، من مخاوف شعبية من توطينهم في تونس، الأمر الذي تنفيه السلطات أيضاً.
وبين الاتحاد الأوروبي وتونس اتفاق على دعم مالي يواجه به تداعيات الهجرة، معظمه لضبط الحدود والأمن، لكن تجلياته لم تتضح بعد، غير أن هذا البعد الشعبي المستجد قد يعجّل بالتنفيذ.