بقلم: وليد عثمان – صحيفة الخليج
الشرق اليوم- لم تكن براءة وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) محل شك معظم، إن لم يكن كل، المتابعين منذ اللحظة الأولى لادعاء إسرائيل أن 12 من موظفيها شاركوا في هجوم السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، أو ما سمي «طوفان الأقصى».
وحتى إذا كانت التحقيقات خلصت حتى الآن إلى براءة عدد من هؤلاء الموظفين، فإن الأمر سينسحب على البقية؛ لأن إسرائيل لم تقدم، ولن تفعل، دليلاً على اتهاماتها التي كان واضحاً منذ البداية أنها تعكس رغبة في معاقبة «الأونروا» على نحو خاص بكل ما لهذه الوكالة من رمزية في مسار القضية الفلسطينية.
كان الهدف الإسرائيلي الواضح إسكات «الأونروا»، بل قتل دورها المهم في الملف الفلسطيني، وإسهاماتها منذ عام 1950 في غوث اللاجئين وتعليمهم وتوظيفهم في أراضيهم منذ الجيل الأول للنكبة، وصولاً إلى دعمهم اليوم في الأراضي المحتلة ثم خارجها.
صحيح أن الاستهداف الإسرائيلي لم يستثن منظمة أممية، وطال الأمم المتحدة نفسها وأمينها العام غير مرة إلى حد المطالبة بإقالته، غير أنها ركزت اتهاماتها على «الأونروا» لحرمان غزة من المساعدات، وقتها، أي مطلع العام الجاري، ليمثل ذلك ضغطاً على «حماس» من جهة، ومن جهة أخرى دفع الفلسطينيين إلى الهرب بأنفسهم خارج القطاع.
وبسبب هذه الاتهامات علّقت 16 دولة تمويلها البالغ 450 مليون دولار للوكالة، رغم تنبيه أصوات عاقلة في العالم إلى خطورة ذلك، وكالعادة، كانت الولايات المتحدة في طليعة الدول التي فعلت ذلك رغم مبادرة الوكالة إلى فصل الموظفين، وهو ما تبعه على الفور تحقيق أممي.
التحقيق انتهى قبل أيام خالصاً إلى تأكيد ما تتمتع به «الأونروا» من حياد يفوق ما لدى وكالات الأمم المتحدة الأخرى أو مثيلاتها من وكالات الإغاثة، واستأنفت بعض الدول تقديم المساعدات، غير أن الولايات المتحدة لم تبادر إلى ذلك، كما فعلت في المنع، رغم أنها أكدت في بداية الأزمة أنها تنتظر نتائج التحقيق وأقرت بالدور الحيوي للوكالة في تقديم المساعدات الإنسانية الضرورية للفلسطينيين في غزة والمنطقة.
ولا يمكن التغاضي عن المقارنة بين ردود فعل الولايات المتحدة وبعض الدول التي أوقفت دعم «الأونروا» على اتهام إسرائيل لها، وتجاه ما تعرضت له منظمات أممية وجهات عدة في غزة من قصف إسرائيلي قتل موظفين فيها، وعرقلة لعملها الإنساني.
ولا يمكن عدم الانتباه إلى صمت دول غربية عن انتهاك إسرائيل كل ما يتصل بالأمم المتحدة والقانون الدولي في غزة، بينما تسارع إلى تبني رواياتها تجاه المنظمات الأممية، وحين تثبت التحقيقات زيفها لا يتغير الموقف.
تتذرع الولايات المتحدة بأن قانوناً متعلقاً بالميزانية أوقف التمويل الأمريكي ل «الأونروا» عاماً، لكنها يمكن أن تلعب دوراً إذا كانت تريد إنصاف الوكالة، في تشجيع من أوقف دعمها على استئنافه مثلما فعلت كندا والسويد واليابان وفرنسا والاتحاد الأوروبي.