بقلم: كيم سنغوبتا- اندبندنت
الشرق اليوم– إذا أقدمت بريطانيا على تعليق مبيعاتها من الأسلحة لإسرائيل ستنضم بذلك إلى كندا وهولندا واليابان وإسبانيا وبلجيكا، التي نفذت هذه الخطوة بالفعل وسط دعم شعبي واسع إجمالاً، لكن قيمة مبيعات الأسلحة البريطانية لإسرائيل منخفضة نسبياً، إذ بلغت 42 مليون جنيه استرليني في عام 2022 من أصل مبلغ 70.6 مليار جنيه استرليني الذي حققته مبيعات الأسلحة حول العالم ذلك العام.
وصرحت ألمانيا بأنها ستواصل تصدير السلاح [إلى إسرائيل] في الوقت الراهن، لكن التقارير أضافت أنها تعيد النظر في طلب إسرائيلي للحصول على مزيد من ذخائر الدبابات، فيما تواجه البلاد دعوى قضائية رفعتها مجموعة من المواطنين كان بعض أفراد عائلتهم ضمن الضحايا في غزة.
وتعتمد إسرائيل اعتماداً وثيقاً على الإمدادات العسكرية الأميركية – فكل الطائرات الأجنبية التي تستخدمها أميركية الصنع، ما خلا طراز واحد فقط – لكن بريطانيا مسؤولة عن تزويد 15 في المئة من مكونات طائرات “أف – 35” الأميركية الصنع التي استخدمت في غزة.
وتقدر مجموعة الحملة ضد تجارة السلاح أن العمل على 36 طائرة “أف – 35” صدرت إلى إسرائيل قبل عام 2023 “جلب 368 مليون جنيه استرليني في الأقل لقطاع صناعة الأسلحة في المملكة المتحدة”.
وكثيراً ما شكلت فروع شركة تصنيع الأسلحة التابعة لإسرائيل “إلبيت سيستمز” في بريطانيا هدفاً للمتظاهرين، وأغلق مقر الشركة موقتاً في كنت في مارس (آذار) بعدما قطع الناشطون مدخله. والشهر الماضي كذلك، حكم على سبعة ناشطين آخرين بالسجن مع وقف التنفيذ بسبب الأضرار التي ألحقوها بمكاتب الشركة في بريستول خلال تظاهرة سابقة.
وتروج “إلبيت” لمسيرة “هيرميس 450” التي يعتقد أنها استخدمت في الهجوم القاتل على موكب المنظمة الخيرية، باعتبارها “العمود الفقري لجيش الدفاع الإسرائيلي”، وتقول إنها حلقت لمدة 700 ألف ساعة تشغيلية على مدار السنين. تعمل الشركة على إنتاج نموذجين متطورين آخرين، هما “هيرمس 900” و”هيرمس ستار لاينر”، وتأمل أن يكونا الأكثر رواجاً في سوق الأسلحة العالمية.
وصرح بزهاليل ماشليس الرئيس التنفيذي لـ”إلبيت” أخيراً بأنه يتوقع نمو عائدات الشركة بـ500 مليون دولار (395 مليون جنيه استرليني) سنوياً، قائلاً “ذلك ضروري جداً من أجل مساندة جيش الدفاع الإسرائيلي. إن الحرب ليست إيجابية، لكننا تلقينا كثيراً من الطلبات ونتوقع الحصول على مزيد. يزداد الطلب العالمي على التكنولوجيا التي نصنعها”.
ويقول أحد الضباط في فوج المدفعية الملكي المسؤول عن تشغيل مسيرات “تاليس ووتش كبير” إن مسيرة “ووتش كبير” من طراز “دبليو كاي 450″، “تعد تقليداً لمسيرة (هيرمس 450) بدرجة كبيرة، ولذلك من الواضح وجود شكل من نقل التكنولوجيا”.
وتوترت العلاقة بين إدارة بايدن وحكومة نتنياهو كثيراً منذ بداية الحرب، وقد صوتت الولايات المتحدة أخيراً لصالح قرار أممي لوقف إطلاق النار. واستنكر جو بايدن الضربة القاتلة على موكب منظمة الإغاثة قائلاً إنه “غاضب ومنفطر القلب” جراء ما حصل. وأضاف أن إسرائيل “لم تبذل جهدً كافياً لحماية عمال الإغاثة الذين يحاولون أن يوصلوا مساعدات للمدنيين الذين هم في أمس الحاجة إليها”.
ويرى بيتر ريكتس، وهو دبلوماسي سابق رفيع المستوى ترأس لجنة الاستخبارات المشتركة في ظل حكومة بلير، أن واشنطن قد تعيد النظر الآن بعلاقاتها العسكرية مع إسرائيل. وقال “كل مرة تقع فيها فظائع مثل هذه، أفكر بأنهم لا بد يقتربون من نقطة فرض الأميركيين بعض القيود على أسلحتهم”، لكن هذه الخطوة لا تبدو وشيكة في الوقت الراهن.
وفي اليوم نفسه الذي دان فيه بايدن الهجوم الإسرائيلي، وردت معلومات بأن إدارته تدرس احتمال بيع إسرائيل نحو 50 طائرة مقاتلة جديدة من طراز “أف 15″، و30 صاروخ “جو – جو” متطور ومتوسط المدى من طراز “أي أي أم-120” وعدداً من مجموعات الهجوم المباشر المشترك (جدام JDAM) التي تحول “القنابل الغبية”، أي غير الموجهة، إلى سلاح موجه بدقة. وفي اليوم السابق، علم أن الولايات المتحدة تمضي قدماً في حزمة أسلحة أخرى تتضمن أكثر من 1800 قنبلة من نوع “المطرقة”، أو “أم كيه 84” (MK84) تزن ألفي رطل و500 قنبلة “أم كيه 82” تزن 500 رطل.
وتؤكد واشنطن أن هذه الأسلحة ليست مخصصة بالضرورة للاستخدام في غزة، إنما يمكن استخدامها ضد أي عدو تواجهه إسرائيل – بما في ذلك “حزب الله” المسلح جيداً في لبنان وإيران وميليشياتها الوكيلة، لكن النقاد يقولون إن حكومة نتنياهو تمتلك مخزون سلاح أكثر من كافٍ للتعامل مع هذه التهديدات في الوقت الحالي، وإنه ليس من الضروري تزويدها بأسلحة إضافية.
وتقف إدارة بايدن والديمقراطيون أمام خيار صعب في هذا العام الانتخابي، إذ أدى عدم كبحهم للهجوم الإسرائيلي على غزة إلى تقويض الدعم الذي يتلقونه من الأميركيين المسلمين، والشباب وبعض الليبراليين – وهذا يهدد فرص فوز الرئيس بولاية ميشيغان التي تمثل ساحة معركة رئيسة في الانتخابات، وقد تلعب دوراً حاسماً في نتيجة الانتخابات نفسها.
لا شيء يضمن استعادة هذا الدعم الآن في حال وقف إمداد السلاح. لكن في المقابل، هناك احتمال حقيقي جداً بأن يؤدي فرض حظر شامل على مبيعات الأسلحة إلى مجيء نتنياهو إلى أميركا لإدانة الخطوة، فقد اتبع مساراً مشابهاً في عام 2015 بعد خلافه مع باراك أوباما، وألقى كلمة أمام جلسة مشتركة للكونغرس بدعوة من الجمهوريين. لفت مايك جونسون، رئيس مجلس النواب الحالي، وهو جمهوري، إلى نيته دعوة نتنياهو مجدداً هذا العام.
وتبدو الاحتمالات ضئيلة جداً بأن توقف أميركا شحنات السلاح وتقطع عن إسرائيل موردها الأساس، مهما كان قرار بريطانيا في المسألة.