الشرق اليوم– منذ شن الجيش الصومالي الحرب على حركة الشباب الإرهابية في الصومال، نجح في طردها من مناطق واسعة في وسط البلاد، بالتعاون مع عشائر تُسمى محليا بـ”معويسلي”، التي يميزها عن القوات الرسمية في ساحات القتال شكل الزي.
ويرصد محللان سياسيان صوماليان لموقع “سكاي نيوز عربية” ما دفع “معويسلي” للتعاون مع الجيش في الحرب على الإرهاب، وما سبب عودة حركة الشباب الإرهابية لبعض الأماكن التي طردها الجيش والقبائل منها في وقت سابق.
من هم المعويسلي؟
“معويسلي” كلمة صومالية تعني من يرتدون الإزار، وهو زي شعبي معروف باسم “المعويس”.
هذا “المعويس” يميزهم عن القوات الحكومية الفيدرالية التي تقاتل بالزيّ العسكري.
قاد زعماء بعض العشائر، منذ عام 2014، مسلحيها ضدّ حركة الشباب الإرهابية التي كانت تسيطر على مناطق شاسعة في وسط البلاد وجنوبها، بما فيها المناطق القريبة من العاصمة مقديشو، خاصة بعد أن فرضت الحركة على العشائر الضرائب والإتاوات وعاملتها بأسلوب التهديدات.
انتقلت شرارة الانتفاضة إلى المناطق كافة التي تقطنها قبيلة “هوية”، وتحديداً في إقليم هيران ومحافظة شبيلي الوسطى في هيرشبيلي، ومحافظتَي غلغدود ومدغ في ولاية غلمدغ، وجميعها في وسط البلاد.
يتسلّح مقاتلو معويسلي بالأسلحة الخفيفة والقليل من الأسلحة المتوسطة، وتتنوع مصادرها بين الشراء من المال الخاص، والدعم المقدَّم من السياسيين ورجال الأعمال في العشائر عبر توفير الأسلحة المتوسطة والسيارات المدرعة.
بالتزامن مع تولي الرئيس حسن شيخ محمود الحكم في مايو 2022، انتفضت عشيرة “حوادلي” في إقليم هيران في ولاية هرشبيلي (وسط)، ضد حركة الشباب الإرهابية.
مع إعلان الحكومة الحرب الشاملة (عسكريا واقتصاديا وإعلاميا ودينيا) على الإرهاب بداية من أغسطس 2022، نسقت بين الجيش والعشائر للتعاون في هذه الحرب، وزودت العشائر بالتموين والذخيرة والإخلاء الطبي ودفع أجور شهرية رمزية، مع وعد بدمجهم في الجيش الوطني مستقبلا.
تمكن الجيش والعشائر من تحرير نحو 70 مدينة وبلدة خلال عام واحد من القتال.
تسابقت العشائر في شتى مناطق الصومال للمشاركة في هذه الحرب التي باتت مصدر اعتزاز وفخر لها من ناحية إظاهر الشجاعة والتعاون في رفض الظلم.
حركة الشباب وورقة القبلية
الباحث الصومالي في العلوم السياسية، أشرف يوسف “إن قوات معويسلي تحظى حاليا بدعم كبير الرئيس حسن شيخ محمود، الذي يرى أن عشائر المناطق الوسطى تقوى موقعه، وتتوافق مع سياسته في محاربة حركة الشباب وهي عكس السياسة التي انتهجها سلفه محمد عبد الله فرماجو الذي عارض تسليح العشائر”.
ووفق يوسف، فإن حركة الشباب الإرهابية كانت تستغل ورقة المنافسات والصراعات القبلية في تمكين نفسها والانتشار.
ويضرب مثلا، بأنها كانت تفرض الإتاوات والجبايات وتصادر المحاصيل الزراعية لعشيرة حوادلي، فانتفض ضدها أفراد العشيرة عام 2014، وطردوها بالسلاح من أراضي العشيرة، وحرر مقاتلو “عويسلي” مناطق الريف بين محافظات محاس، بولوبوردي، وجللقسي، حتى وصلوا إلى حدود آدن يبال وغلعد بحلول عام 2018.
ولوقف هذا التقدم، استخدمت حركة الشباب ورقة القبلي؛ حيث ظهر بعض وجهاء منطقة شبيلي الوسطى في وسائل الإعلام يقولون إن قبيلة حوادلي غزت أراضيهم؛ ما أدى لتراجع حوادلي إلى حدودها في هيران، حتى تلقت العشيرة الدعم الحكومي عام 2022 فواصلت القتال ومطاردة الحركة، وبذلك تم إبطال ورقة القبلية، كما يقول يوسف.
تراجع مفاجئ
رغم سلسلة نجاحات للجيش والعشائر التي امتدت لحوالي عامين، تمكنت حركة الشباب الإرهابية للعودة إلى بعض الأماكن التي طُردت منها في وسط البلاد، مثل لاسجاكامي وسيرغو، وشنت عمليات إرهابية كبيرة، أحدثها الهجوم على فندق “إس واي إل”، 14 مارس الجاري، الواقع في أحد المداخل الرئيسية للقصر الرئاسي بمقديشو.
ويُرجع الكاتب الصومالي، عبد القادر علي ورسمة، استعادة الحركة بعض نشاطها إلى ما يلي:
الحكومة الفيدرالية الصومالية، دخلت حربها مع الشباب بدون تعاون مع الولايات الأخرى، ويلزم وجود استراتيجية وطنية واضحة للحرب.
يتهم بعض الساسة في الصومال الرئيس حسن شيخ محمود بأنه انشغل عن الحرب ضد الإرهاب بأمور التعديلات الدستورية؛ ما سبب شرخا داخليا في وقت كانت البلاد في أمس الحاجة للوحدة والتعاضد.
الحكومة تحتاج لكسب حلفاء بجانبها في هذه الحرب.
الخلافات البحرية مع إثيوبيا (الخاصة بصومالي لاند) سببت انشغالا وخللا في الموازين الداخلية.
ومارس الجاري، أطلقت الحكومة حوارا مفتوحا في مقديشو للاستماع لآراء المواطنين حول تعديلات الدستور، والتي تتمحور حول صيغة نظام الحكم الذي يفضل البعض أن يكون رئاسيا، والحياة الحزبية، وسلطات الولايات، وأسلوب المحاصصة في الحكم، وهي أمور تلقى خلافا حادا بين القوى السياسية والقبلية التي تتنافس على السلطة والثروة.
المصدر: سكاي نيوز