بقلم: علي حمادة – النهار العربي
الشرق اليوم- لم يحن الوقت بعد لإنهاء الحرب في غزة. ويبدو أن شهر رمضان المبارك سيبدأ الإثنين المقبل من دون أن يكون الوسطاء نجحوا في إنجاز تسوية مرحلية، وبالتالي فإن الحرب الإسرائيلية مستمرة. وقد تدخل مرحلة خطيرة للغاية مع اقتراب موعد الإطباق على مدينة رفح، وذلك بعد مغادرة مفاوضي حركة “حماس” القاهرة معلنين أن المفاوضات فشلت بسبب رفض إسرائيل إنهاء العدوان على غزة، والانسحاب من القطاع، وضمان حرية وصول المساعدات وعودة النازحين.
ومعنى هذا أن الحرب مستمرة إلى أن يلوي أحد الطرفين ذراع الطرف الآخر، أو أن يتدخل طرف ثالث (أميركا) بقوة كافية ليفرض على الطرفين واقع التعادل السلبي. وحتى الآن من الصعب التنبؤ بتدخل أميركي مختلف عما سبق، لا سيما في ضوء انطلاق السباق الرئاسي بين كل من الرئيس جو بايدن والرئيس السابق دونالد ترامب. فالسباق سيكون محموماً جداً، وملف الحرب في غزة والعلاقة مع إسرائيل سيشكلان ركناً من أركان اللعبة التنافسية. ولمن يتوهم أن أصوات العرب والمسلمين ستحدث فرقاً جوهرياً في السباق الرئاسي، أو ستدفع أحد المرشحين إلى الخروج عن ثوابت العلاقة الأميركية العميقة بإسرائيل، تفيد حقائق السياسة الأميركية الداخلية بأن إسرائيل ستواصل تلقي الدعم من الدولة العميقة في الولايات المتحدة، وبالتالي من الحزبين الديموقراطي والجمهوري ومرشحيهما في السباق الرئاسي. لا بل من المتوقع أن نشهد مزايدات انتخابية من جانب دونالد ترامب تهدف إلى إحراج موقف جو بايدن الضاغط، وأن بمقدار ضئيل على إسرائيل في حربها على قطاع غزة.
وقد فسر المراقبون تصريح المرشح دونالد ترامب قبل ثلاثة أيام الذي وجه فيه كلاماً لإسرائيل قائلاً: “أنهوا المهمة”، بأنه إما دعوة إلى إنهاء الحرب حيث وصلت، أو إجازة لتل أبيب بالمضي قدماً بعملية اجتياح مدينة رفح وحسم الحرب لمصلحتها. في مطلق الأحوال، ومع تكشف معلومات صحافية تفيد بأن الإدارة الأميركية مررت لإسرائيل العديد من صفقات السلاح بأسعار مخفضة من دون الرجوع إلى الكونغرس الأميركي، إضافة إلى معلومات أخرى تفيد بأن الخلاف بين الرئيس جو بايدن ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لن يؤدي إلى عرقلة المساعدات العسكرية الأميركية لإسرائيل، يمكن القول إنه لا فرق في الجوهر بين المرشحين الرئاسيين الأميركيين.
بناءً على ما تقدم، من المتوقع أن تشهد الأيام المقبلة وحتى مطلع شهر رمضان المبارك تصعيداً كبيراً على جبهتي خان يونس ورفح، وتلقائياً على جبهات أخرى في الإقليم حيث “قررت جميع الجبهات عدم وقف القتال حتى يتوقف العدوان على غزة”، وذلك وفق ما أعلن يوم أمس قيادي كبير في “حماس” لوكالة “رويترز”.
والتصعيد الأبرز متوقع على الحدود اللبنانية – الإسرائيلية بين “حزب الله” والجيش الإسرائيلي، إضافة إلى تصعيد من جانب جماعة الحوثي في اليمن. والسبب الرئيسي أن محور “الممانعة” الذي فشل حتى الآن في التدخل المباشر في الحرب، وآثر الاكتفاء بحرب “مشاغلة” من لبنان إلى اليمن، سيرفع بدرجة كبيرة من منسوب التصعيد العسكري في محاولة لإنقاذ حركة “حماس” ومربعها الأخير في رفح. ولا نستبعد أن يتم تحريك عاملي الضغط الداخليين، الأول في الضفة الغربية على خلفية تأجيج المشاعر الدينية (الصلاة في الحرم المقدسي) والعاطفية (الكارثة الإنسانية) في شهر رمضان، والثاني خلف الخط الأخضر في الوسط العربي في أراضي 1948.
لا تزال أمام الوسطاء ثلاثة أيام قبل بدء شهر رمضان المبارك. وعلى الرغم من الإعلان عن نية الأطراف معاودة التفاوض الأسبوع المقبل، فإن المؤشرات تدل إلى أن شهر رمضان يتجه لأن يصبح الأكثر خطورة منذ يوم السابع من تشرين الأول (أكتوبر) 2023!