الرئيسية / مقالات رأي / سوريا وتركيا.. العلاقات الصعبة

سوريا وتركيا.. العلاقات الصعبة

الشرق اليوم- كان لافتاً تصريح وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف خلال «منتدى أنطاليا الدبلوماسي» في تركيا قبل أيام وقوله: «إن الخطوات العملية لتطبيع العلاقات بين تركيا وسوريا أصبحت الآن مستحيلة؛ بسبب الوضع في قطاع غزة».

في هذا التصريح ربما كان الوزير الروسي الذي بذلت بلاده جهوداً مضنية للتطبيع بين أنقرة ودمشق خلال السنوات الماضية يحاول أن يقول بلغة دبلوماسية، إن كل الجهود التي بُذلت لتحقيق هذا الهدف فشلت من قبل الحرب على غزة ومن بعدها، وإن «الوضع في غزة» الآن هو مجرد تبرير لهذا الفشل؛ لأنه لو كانت هناك إرادة حقيقية للتطبيع لكانت الحرب على غزة هي الدافع له وليس العكس، خصوصاً أن مواقف سوريا وتركيا وكل الدول المنخرطة في مسار أستانا متماثلة في رفض الحرب الإسرائيلية، وتقف إلى جانب الشعب الفلسطيني الذي يواجه حرب إبادة يومية بدعم أمريكي وغربي.

قبل تصريح لافروف، كانت صحيفة «أيدنليك» التركية رسمت ملامح تفاؤل بشأن عملية التطبيع بقولها: «صفحة جديدة تُفتح في علاقاتنا مع دمشق؛ إذ تعقد وزارة خارجيتنا اجتماعات في منتدى أنطاليا الدبلوماسي لمناقشة موضوعات سياسية ودبلوماسية، وتحاول الدبلوماسية التركية من وراء الكواليس حل المشاكل الأخرى بخطوات حاسمة، وقريباً سيأتي بوتين إلى تركيا، وبناء على النتائج سيتم تحديد موعد وتنظيم لقاء بين أردوغان وبشار الأسد في موسكو».

لكن مصدراً في الرئاسة التركية أعلن في وقت لاحق أنه لا تتوفر لدى أنقرة أية معلومات حول خطط لعقد اجتماع في موسكو بين الرئيسين أردوغان والأسد. كما أن زيارة الرئيس الروسي إلى أنقرة التي كانت مقررة في فبراير/ شباط الماضي تم تأجيلها إلى موعد آخر مناسب للرئيسين، خصوصاً أن الرئيس بوتين منهمك بالانتخابات الرئاسية التي ستجري يوم 17 مارس/ آذار الحالي؛ لذلك فالزيارة «المؤجلة» لن تعقد قبل هذه الانتخابات، رغم أن المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف أكد على ضرورة الحاجة إلى التواصل المستمر بين الرئيسين، مذكّراً بأن بوتين تحدث عن استعداده للقدوم إلى تركيا «عندما يتم تحديد الوقت» عبر القنوات الدبلوماسية.

من البديهي أن تناقش قمة بوتين – أردوغان مبادرة حبوب البحر الأسود التي علقتها موسكو في منتصف يوليو/ تموز الماضي، لكن مسألة تطبيع العلاقات بين تركيا وسوريا سوف تكون في مقدمة القضايا التي سيتم بحثها، في محاولة لتجاوز العراقيل التي تحول دون ذلك، وهي عراقيل صعبة الحل لم يتمكن مسار أستانا رغم اجتماعاته ال21 التي عُقدت حتى الآن، وآخرها الاجتماع الذي عقد في أستانا عاصمة كازاخستان في 24 يناير/ كانون الثاني الذي كرر مواقف سابقة مثل «الالتزام الثابت بسيادة سوريا واستقلالها ووحدتها وسلامة أراضيها»، و«أهمية مواصلة الجهود لإعادة العلاقات بين تركيا وسوريا على أساس الاحترام المتبادل وحسن النية وعلاقات حسن الجوار»، و«التصميم على مكافحة الإرهاب بجميع أشكاله ومظاهره، ومعارضة الأجندات الانفصالية التي تقوّض سيادة سوريا وسلامة أراضيها، وتهدد الأمن القومي للبلدان المجاورة»، إضافة إلى «التنفيذ الكامل لجميع الاتفاقات المتعلقة بإدلب».

لكن مقررات أستانا فشلت في حل القضية الأساسية المتعلقة بتطبيع العلاقات التركية السورية والمتمثلة بالوجود العسكري التركي على الأراضي السورية، والحماية التي توفرها أنقرة لبعض الجماعات المسلحة التي تسيطر على مناطق واسعة في شمال سوريا، باعتبار أن هذه المسألة تشكل «العقدة» الأساسية التي تحول دون التطبيع.

سوف يبقى التطبيع مستحيلاً من دون انسحاب تركيا، ولا علاقة لغزة بالأمر.

المصدر: صحيفة الخليج

شاهد أيضاً

حكومة نتنياهو..تأزم داخلي وتجاذب خارجي

العربية- طارق فهمي الشرق اليوم– تواجه الحكومة الإسرائيلية أزمة جديدة متعلقة بتسريب معلومات أمنية تورط …