الشرق اليوم– التوتر كلمة سلبية ترتبط بالمخاوف والقلق والعجز عن اتخاذ القرارات الصحيحة، لكن له بعض الصور الإيجابية التي تساعد الجسم على إفراز مادة الأدرينالين، الذي يدفع بدوره إلى إنجاز المهام، و يعزز القدرة على حل المشكلات.
وقد صاحب الشعور بالتوتر الإنسان القديم كاستجابة مباشرة لمواجهة الخطر ووسيلة للحماية من الحيوانات المفترسة والتهديدات المختلفة.
تغيرت بالطبع التهديدات والتحديات التي يواجهها الإنسان في العصر الحديث، ولم يعد من المحتمل أن يواجه الإنسان تحديات تخص الحصول على طعامه أو تهديدات من حيوانات مفترسة إلا فيما ندر، لكن هناك تحديات جديدة، مثل إرهاق العمل ورعاية الأبناء ودفع الفواتير. كل هذه الضغوط تعطي إنذارات للعقل، وتضعه في وضع التحفز والتوتر المستمر الذي ينعكس على جميع مهامه اليومية.
علامات وأعراض التوتر المزمن
يعرف التوتر المزمن بالشعور الثابت بالضغط والإرهاق على مدى فترة زمنية طويلة، ويستنزف الطاقة النفسية والجسمانية للشخص ببطء، وتظهر علامات هذا الاستنزاف في صورة مجموعة أعراض تظهر معا لعدة أسابيع، ومن أهم هذه الأعراض، الآلام المتفرقة بالجسم، والأرق، وتغير السلوك الاجتماعي المعتاد، مثل البقاء في المنزل لفترات طويلة، بالإضافة إلى انخفاض الطاقة وعدم القدرة على التركيز، والانسحاب العاطفي، وقد يتطور التوتر المزمن إلى اضطرابات نفسية أخرى مثل الاكتئاب والوسواس القهري.
أسباب التوتر المزمن
قد تكون الصدمات الشخصية أو سوء المعاملة المستمر، مصدرين رئيسيين للتوتر المزمن، ويشمل ذلك العنف المنزلي وإساءة معاملة الأطفال والأحداث المؤلمة مثل الكوارث الطبيعية أو ظروف الحروب، أو الأمراض الخطيرة.
كما يعد الفقر أيضا سببا رئيسيا للتوتر والقلق المزمن، بسبب الآثار الطويلة للضغوط المادية والديون وانعدام الأمن.
يشير المتخصصون أن التمييز ضد شخص ما يمكن أن يكون مسببا للقلق مثل، التمييز ضد الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة أو المختلفين في اللون، واللذين غالبا ما يشعرون بالقلق بسبب الوصم المستمر تجاههم من المجتمع.
وتعد ضغوط العمل أيضا أحد أشهر مسببات القلق، لأن بعض أماكن العمل تفتقد المرونة والتعاطف مع العاملين، ما يسبب قلقا مستمرا لهم ويؤثر سلبا على صحتهم النفسية والجسدية.
كيف تعرف أنك تعاني من التوتر المزمن؟
يحدث التوتر المزمن نتيجة الاستجابة المتكررة للضغوط، ويبقى الجسم دائما في حالة من التهديد المتخيل حتى لأبسط الأشياء التي يمكن أن تمر ببساطة، لكنها تسبب كثيرا من الانزعاج، الذي يجعل الشخص متقلب المزاج بصورة مستمرة، وقلقا بشأن شيء ما لا يعرف جوهره تماما.
لا يترك التوتر للشخص فرصة للاعتناء بنفسه وحالته المزاجية، فهو يصبح مثل وحش يلتهم كل أسباب السعادة، وربما يحولها أيضا إلى العكس، بسبب النظرة التشاؤمية للشخص القلق، ولا يرتبط التوتر المزمن بوقت معين، لكنه يبقى مستمرا لفترة طويلة بسبب مشكلات كبيرة أو مشكلات تبادلية على مدى فترة من الزمن، وتستمر أعراضه لفترة أطول من شهر.
في بعض الأحيان يصبح الشخص المتوتر أكثر انفعالا مع المحيطين به، وقد يتوقف عن الرد على الرسائل، ويلغي خطط مقابلات الأصدقاء التي تتحول إلى عبء زائد عليه.
طرق بسيطة وفعالة للعلاج
يقول المتخصصون في علم النفس إن ممارسة التمارين الرياضية بانتظام تحافظ على مستويات هرمون الكورتيزول في الجسم تحت السيطرة، وتقلل الحركة اليومية مستويات التوتر، ويمكن ممارسة المشي لـ20 دقيقة يوميا من أجل تحسين الذاكرة والإدراك وتقليل التوتر.
لا يمكن إهمال دور تمارين وتقنيات الاسترخاء في تقليل التوتر وخفض مستويات الكورتيزول في الدم، وتتمثل تقنيات الاسترخاء في اليوغا، والتأمل والتنفس العميق والصلاة.
ويؤثر الطعام الذي يتناوله الشخص على كيفية استجابته للقلق والتوتر، وتشير الدراسات إلى أن بعض الأنظمة الغذائية قد تسبب الاكتئاب والقلق لا سيما التي تحتوي على كميات كبيرة من السكريات، في حين الأنظمة التي تعتمد على منتجات الأسماك والدهون الصحية، تقلل من مستويات التوتر.
وللحفاظ على التوازن يوصي الخبراء بتناول وجبات صغيرة غنية بالبروتين كل 3 ساعات لتجنب انخفاض نسبة السكر في الدم.
المصدر: الجزيرة