بقلم: ماريا معلوف- العين الإخبارية
الشرق اليوم– منذ مطلع الشهر الحالي كثرت تصريحات المسؤولين الإسرائيليين عن النية للاستعداد لتوسيع العمليات القتالية عبر التحول للهجوم على منطقة الحدود مع لبنان.
وبات الضغط الإعلامي على حكومة نتنياهو بضرورة تغيير الأوضاع في الشمال وتوفير “العودة الآمنة” للسكان إلى منازلهم إلى جانب إعادة الأسرى لدى حماس هو شعار المظاهرات التي تزعج حكومة نتنياهو.
واليوم أيضا أوقف هوكستين تواصله مع الحكومة اللبنانية بعد وساطاته المتكررة لإعادة ظروف تطبيق القرار 1701 وتبدو الدولة اللبنانية حائرة في محاولة معرفة سبب انقطاعه وحتى غيابه عن التواصل معها ولو هاتفيا.
ويرى مراقبون أن هوكستين ربما يكون قد جمد وساطته بين الطرفين في انتظار أن تتوصل دول المنطقة إلى “ملامح أساسية لهدنة في قطاع غزة”.
هنا في واشنطن وبالقرب من الكابيتول يرى بعض المحللين أن إسرائيل تستدرج الحزب وتكسر قواعد الاشتباك كل ساعة وتتجاوز ما يسمى بالخطوط الحمراء كل دقيقة وكأنها تريد إيقاعه في فخ الحرب المفتوحة.
وفي تقديري أن إسرائيل تريد في الحد الأدنى تحويل جزء من الجنوب اللبناني إلى منطقة غير مناسبة للإقامة، ولا يمكن التسلل إليها وتوجيه ضربات للمستوطنات بعد عودة السكان إليها وبالتالي سيكون من البديهي النظر في تعديل القرار 1701، والذي لا يمكن أن يتم إلا عن طريق مجلس الأمن.
أيضا فإن الولايات المتحدة هي الأخرى في مشكلة فتوسع الحرب يعني فتح جبهات لا تريدها واشنطن.
وهنا نطرح السؤال المحوري.. هل ستتوسع الحرب على الجبهة اللبنانية وتعلن إسرائيل قيامها بذلك؟ وللإجابة على هذا السؤال يمكنني قول التالي:
أولا: تسعى كل القوى الدولية إلى تفعيل الاتصالات في كل الجهات لمنع توسع الصراع في الجبهة اللبنانية وفي تقديري أن كل دول الشرق الأوسط كذلك تريد سرا وعلنا إحياء القرار 1701 سياسيا وإقناع حزب الله بضرورة العودة إلى ما بعد نهر الليطاني كما في القرار الأصلي.
ثانيا: التقدير هنا في واشنطن هو أن معركة رفح باتت قاب قوسين، وأن حكومة الحرب الإسرائيلية ستشن الحرب في نفس الوقت على الجبهة اللبنانية من أجل إلهاء العالم خصوصا إذا تأكد أن الطرق الدبلوماسية لن تنجح في إبعاد الحزب إلى ما بعد شمال الليطاني.
ثالثا: تبدو الدولة اللبنانية كمن لم يبق في جعبته سوى “الدعاء”، ذلك أننا نجدها كل ساعة تطالب دول العالم التي تريد الاستقرار والهدوء في لبنان وخصوصا في الجنوب بإدانة الاعتداءات الإسرائيلية.
رابعا: لقد حمل الأسبوع الماضي بكل ساعاته نذر توسيع الحرب وإرهاصات امتدادها إلى لبنان، وبات التراشق بالصواريخ والقصف المتبادل وكأنه مقدمة لبداية حرب أوسع على الجبهة اللبنانية.
خامسا: تبدو الصورة شديدة القتامة فحكومة الحرب الإسرائيلية هي أيضا في حيرة من أمرها، فمع قدرتها على شن الحرب في أكثر من جبهة، تعلن دوما أنها ترد على مصادر النيران اللبنانية وعلى البنية العسكرية لحزب الله، ووزير الدفاع الإسرائيلي يؤكد أنه ليس في مصلحة أحد فتح جبهة إضافية في الشمال والبوارج الأمريكية المتمركزة في الشرق الأوسط لا يمكنها إلا أن تدعم إسرائيل في حال تعثرها لأي سبب.
وعلى الجانب اليمني، فإن الحوثيين يتميزون بوقوعهم في موقع جغرافي مناسب يستطيعون من خلاله دعم حلفائهم في غزة وحزب الله عند توسع الحرب مع عدم اعتبار اليمن جبهة جديدة.
سادسا: يبدو شهر مارس/آذار ثقيلا على الأجواء اللبنانية وعلى الحدود المصرية كذلك، فترميم قدرات الجيش الإسرائيلي وتفعيل صورته الرادعة ومع البسالة التي أبدتها الفصائل الفلسطينية داخل غزة وخان يونس بات اليوم الجيش الإسرائيلي معها بحاجة إلى القضاء على تلك الفصائل في رفح على الحدود المصرية، وإلى إفراغ كل مكان يصل منه تهديد لمستوطناته حتى لو اضطر إلى إعادة دول بأكملها إلى العصر الحجري وعلى رأسها لبنان المدمر اقتصاديا والذي يغيب فيه اليوم إجماع وطني على محاربة إسرائيل.
سابعا: بالرغم من كل تلك الصورة الضبابية، وبالرغم من أن كل الأطراف ما زالت تتوقف كثيرا عند رغبتها في عدم اندلاع حرب كاملة بين إسرائيل ولبنان فإن توسع الحرب الإسرائيلية تجاه لبنان يبقى مرهونا بكثير من العوامل السياسية والعسكرية المرتبطة بالتطورات في رفح، لكن نتنياهو قد يرى في إشعال جبهة لبنان بشكل كامل مكاسب لإسرائيل وللتحديات المحيطة به هو بالرغم من عدم موافقة الولايات المتحدة حتى اللحظة على هذه الحرب وهو الذي يريد جرها إلى حرب مباشرة مع إيران ووكلائها في المنطقة، لكن نتنياهو ومن حوله قد يرون في حالة “الضباب الاستراتيجي” سببا معقولا لتوسيع دائرة الحرب تجاه لبنان من أقصاه إلى أقصاه وهو الذي بات يعلن بوضوح تأييده الحل السلمي في المنطقة وتطبيق القرارات الدولية بحرفيتها خصوصا القرار 1701.
وعموما وفي تقديري الشخصي فلن تطول فرصة الجهود الدبلوماسية للتوصل إلى حل بشأن الوجود العسكري لحزب الله بالقرب من الخط الأزرق، وهو ما تطلبه إسرائيل، ولن يستطيع حزب الله البقاء طويلا على شرطه بربط المفاوضات بشأن الانسحاب، بوقف الحرب في غزة وما واجهه من “سيوف حديدية” تطل برأسها لتصبح قوة عاتية لا تبقي ولا تذر ستجعل من “لبنان الضعيف” بوابة لبدء حريق في المنطقة كان الجميع في غنى عنه لولا ما اعتبره أنا حماقة الـ7 من أكتوبر/تشرين الأول ولولا ما سماه الحاكم الفعلي للبنان بـ”جبهة الإسناد”.