الشرق اليوم- مع دخول الحرب الأوكرانية عامها الثالث، أراد الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، توجيه رسالة خاصة، من الجو، إلى الدول الغربية التي تسعى لهزيمته في أوكرانيا، تقول إن روسيا قوية بما فيه الكفاية، وإنها عصيّة على الهزيمة.
قبل يومين من دخول الحرب عامها الثالث، توجه الرئيس الروسي إلى مدينة قازان، عاصمة تتارستان، وتفقد مصنع طائرات القاذفة الاستراتيجية «تو 160 إم»، حيث حلّق على متنها لمدة 40 دقيقة.
توصف هذه الطائرة ب«البجعة البيضاء» التي يمكنها الوصول إلى أي مكان في العالم، وتطير بلا توقف لمدة 25 ساعة، ولمسافة 12 ألف كيلومتر، من دون أن تتزود بالوقود، كما أنها تمتلك قدرات تسليحية خارقة، إذ بإمكانها حمل 12 صاروخ كروز، أو 12 صاروخاً نووياً قصير المدى، وإجمالي ما تحمله يصل إلى 14 طناً. والأهم أنها تستطيع بصواريخها النووية أن تغطي أرضاً تعادل مساحة القارة الأوروبية.
لم يكن تحليق بوتين بهذه الطائرة مجرد رحلة جوية، المهم هو رمزية الرحلة، ودلالاتها، فيما تخوض بلاده حرباً ضارية على الأراضي الأوكرانية في مواجهة 31 دولة أطلسية، لأنه يدرك من خلال مسيرة عامين من المعارك، أن روسيا يجب أن تمتلك القوة الرادعة، والقادرة على تحويل كل المخططات الأطلسية إلى سراب، وأن لا خيار أمامها إلا الانتصار، ولا شك في أن «البجعة البيضاء» هي واحدة من هذه الأسلحة الاستثنائية.
لطالما أعلن بوتين استعداده للمفاوضات من أجل التوصل إلى تسوية «إذا أراد الغرب»، لكن الغرب الذي أفشل مفاوضات سابقة عام 2022 يريد أن تكون الحرب الأوكرانية حرباً مفتوحة يستطيع من خلالها استنزاف روسيا، وإضعافها، وصولاً إلى ضرب وحدتها الداخلية، وإقصائها عن ساحة المواجهة القائمة لقيام نظام دولي جديد، ولجأ لتحقيق ذلك إلى كل وسائل الحرب المباشرة، وغير المباشرة، من دعم عسكري وعقوبات وحصار، لكن كل ذلك أدى إلى نتائج عكسية، فالجيش الروسي صمد، وحقق مكاسب ميدانية، والاقتصاد الروسي ما زال قوياً، فيما فشلت كل هجمات الجيش الأوكراني، ولم تُحدث الأسلحة الغربية أي فرق، وارتدّت العقوبات الغربية عليها أزمات، اقتصادية واجتماعية، متتالية، وهي الآن تواجه خلافات وانقسامات بشأن مواصلة دعم أوكرانيا، وعدم قدرة على تزويد القوات الأوكرانية بما يلزمها من ذخائر، وقذائف، ومعدات عسكرية، لتمكينها من الصمود، على الرغم من كل النداءات التي أطلقها الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، بالمسارعة في الدعم، واعترافه بصعوبة أوضاع قواته بعدما تلقت، خلال الأسابيع القليلة الماضية، سلسلة هزائم كان آخرها احتلال القوات الروسية مدينة أفدييفكا الاستراتيجية. إضافة إلى ما ظهر مؤخراً، من خلافات في هرم السطة الأوكرانية أدت إلى عزل وزير الدفاع، ثم قائد الجيش، فيما كانت القوات الأوكرانية تنزف على جميع الجبهات، حيث باتت أوكرانيا في وضع «جنود بلا أسلحة»، علاوة على أن أوروبا لا تستطيع التعويض عن غياب الدعم العسكري الأمريكي الذي يواجه «فيتو» في الكونغرس الأمريكي.
ورغم ذلك، لا يزال الرئيس الأوكراني يرفض الدخول في مفاوضات لوضع حد للمأساة الأوكرانية.. بديلاً لحرب قد تكون عواقبها أكبر وأخطر على بلاده.
المصدر: صحيفة الخليج