بقلم: عاطف الغمري – صحيفة الخليج
الشرق اليوم- لم تتوقف الاتهامات لحكومة نتنياهو بأنها تضم وزراء إرهابيين. وتتابعت هذه الاتهامات بدءاً من اتهام منظمات يهودية أمريكية للمستوطنين في الضفة الغربية بأنهم إرهابيون، وما نقلته صحيفة «واشنطن بوست» الأمريكية عن حاخامات يهود في أمريكا عمن وصفته بالوزير الإرهابي في حكومة نتنياهو، وهو بن غفير وزير الأمن القومي، وشبهته الصحيفة بالإرهابي مائير كاهانا الذي كان مصدر إلهام له، بل إن الشبهة مازالت تلاحق هذا الوزير بأنه متورط في اغتيال إسحق رابين رئيس الوزراء الأسبق، في سياق هذه الاتهامات كرر مؤخراً إيهود أولمرت رئيس الوزراء السابق في حوار تلفزيوني، نفس الوصف على وزراء حكومة نتنياهو، قال فيه «إنني أعلنت للإسرائيليين أن وزراء حكومة نتنياهو، خاصة بن غفير وزير الأمن القومي، وسموتريتش وزير المالية، هم إرهابيون وسفاحون وقتلة». وعندما يخرج رئيس وزراء إسرائيلي مثل أولمرت بهذه الاتهامات، فهو يتحدث عن علم وعن معرفة، وهو ما اتفق معه عليه رئيس الوزراء الأسبق إيهود باراك.
والاثنان أولمرت، كان عمدة للقدس من 2000-2002، قبل توليه رئاسة الوزراء من 2006-2009. والثاني باراك، كان وزيراً للحرب عام 2010، قبل أن يصبح رئيساً للوزراء، وتوليه رئاسة حزب العمل.
وقد ظل أولمرت حتى الآن متمسكاً بحل الدولتين والتفاوض مع الفلسطينيين، وإن كان هو نفسه يعي أنه يطلق نداءه في أجواء تراجع التأييد بين الإسرائيليين عموماً لحل الدولتين، وإمكان أن يعيش الإسرائيليون والفلسطينيون في سلام، لتصل نسبته الآن إلى 35% بعد أن كانت 50% عام 2013.
أولمرت أعلن آخر مواقفه في حوار أجرته معه صحيفة «بوليتكو» الأمريكية، وحين سئل عما إذا كان لا يزال يعتقد أن الوقت قد حان لقيام دولة فلسطينية قال «أعتقد أن هذا هو الحل السياسي الوحيد والواقعي لهذا النزاع الذي طال أمده. وليس هناك خيار آخر»، ثم تطرق إلى الهجوم غير الإنساني الأخير على غزة وقال: «بافتراض أن الحملة الإسرائيلية على غزة ستكون سريعة وحاسمة، بعد الثمن الفادح الذي دفعه المدنيون في غزة، إلا أن ذلك يمكن أن يتيح فرصة للسلطة الفلسطينية للتحرك وبدء مفاوضات جادة وإن كان ذلك يحتاج إلى تعاون مع إسرائيل».
ومن ناحية رئيس الوزراء السابق الآخر إيهود باراك، فقد طرح آراءه في حوار أجراه معه تلفزيون «فرنسا – 24»، والذي اختار للحوار عنوان «نتنياهو لا يتمتع في إسرائيل بثقة الناس والجيش»، وقال «إن نتنياهو جلب على إسرائيل أكبر فشل في تاريخها».
وفي حوار معه، أجرته مجلة «تايم»، ونشر في الرابع من ديسمبر/كانون الأول 2023، وصف فيه ما حدث يوم 7 أكتوبر بأنه أحدث تحولاً في الحالة النفسية للإسرائيليين. وضمن ما قاله في الإجابة عن أسئلة «تايم»، قوله «بالنسبة لجيلنا فإن تجربتنا الحقيقية التي أعادت تشكيل رؤيتنا للحياة كانت في أكتوبر 1973، وإنها شكلت لجيلنا وللأصغر منا سناً تجربة تعليمية للحياة، وإنها ستحدد ما الذي نفكر فيه عن إسرائيل».
وعندما سئل عما إذا كان يعتقد أن حل الدولتين يمكن إحياؤه بعد المذابح الجماعية في غزة؟ قال «أعتقد أن هناك حاجة في إسرائيل وحتى في ظل أقسى الظروف إلى عدم فقدان البحث عن هذا الحل. فالطريق السليم هو النظر في حل الدولتين، ليس بدافع العدالة للفلسطينيين، والتي لا تمثل أولوية قصوى لنا، ولكن لأننا نحتاج في ذلك إلى حماية أمننا، ومستقبلنا، وشخصيتنا كدولة».
إن ما يقوله الآن أولمرت وباراك سبق أن أعلناه قبل سنوات، ففي مارس 2023، وفى حوار مع جوناثان جوير بموقع X75 الإخباري، قال أولمرت موجهاً كلامه للإسرائيليين: «لو أنك تحب إسرائيل، فيجب عليك أن تعلن احتجاجك على حكومة نتنياهو فهي حكومة عدو لإسرائيل!»
وفي عام 2010 وجه تحذيراً لبلده من أن فشل الوصول إلى سلام مع الفلسطينيين سيجعل إسرائيل أمام خيارين، إما أن تكون دولة بلا أغلبية يهودية، وإما دولة عنصرية. ثم وجه نداء إلى اليمينيين واليساريين الإسرائيليين على السواء بقوله إن اتفاق سلام مع الفلسطينيين هو السبيل الوحيد الذي يضمن مستقبل إسرائيل كدولة صهيونية يهودية ديمقراطية، إذا كنتم تريدونها على هذا النحو.
كما أن باراك قال أيضاً إن استراتيجية إسرائيل تجاه الفلسطينيين، كانت دائماً تأتي بعكس النتائج التي توقعها نتنياهو.
ونفس المعنى جاء في افتتاحية صحيفة «هاآرتس» أكبر صحف إسرائيل توزيعاً، حين اتهمت نتنياهو بالفشل السياسي والأمني بعد هجوم 7 أكتوبر، وقالت إن تطبيق سياسة خارجية تتجاهل صراحة وجود حقوق للفلسطينيين هو فشل سياسي.
إذا كانت هناك شخصيات عسكرية وسياسية وجامعية في إسرائيل وهي قليلة يعلو صوتها أحياناً بعبارة محددة هي: أنقذوا إسرائيل بالتواصل مع الفلسطينيين إلى حل الدولتين، فإن صعود صوت رئيسين سابقين للوزراء بذات المطلب، بما لهما من خبرة بالشؤون العسكرية، وبطبيعة تعقيدات عملية حل الدولتين، فلا بد أن يلفت ذلك الأنظار، حتى ولو غطى عليه ضجيج دعاة والتعصب، وإنكار الحق التاريخي لأصحاب الأرض في أرضهم.