الرئيسية / مقالات رأي / بعد أفدييفكا!

بعد أفدييفكا!

الشرق اليوم- عندما يعلن أمين عام حلف الأطلسي ينس ستولتنبرغ، قبل أيام في بروكسل، خلال اجتماع وزراء دفاع حلف الأطلسي «أن انتصار بوتين في أوكرانيا سيكون خطراً حقيقياً، وأن دعمنا لأوكرانيا ليس صَدَقة بل هو استثمار في أمننا»، و«أن الحلف لن يسمح لروسيا بالانتصار»، ثم يدعو دول الحلف لإنتاج المزيد من الذخائر لمواجهة النقص الذي تعانيه القوات الأوكرانية جراء عدم قدرة الحلف على تلبية احتياجاتها في المعركة، إنما يريد أن يقول بأن الحرب الأوكرانية لن تتوقف، وأن المعركة مع روسيا ستطول ربما لسنوات، وأن وقودها سيكون أوكرانيا وجيشها وشعبها، وأن على دول الحلف أن تستثمر فيها بالسلاح الذي يبدو أنه بات هو الآخر يعاني من الشحّ في مستودعات جيوش هذه الدول، خصوصاً بعدما بات الدعم الأمريكي هو الآخر محل تساؤل.

لعل السؤال الذي يتبادر إلى الذهن وسط هذا الإصرار الأطلسي على هزيمة روسيا، هو كيف يمكن تحقيق الانتصار عليها فيما باتت كل دوله تعاني أزمةً في التسليح والذخائر، في حرب تستهلك ملايين القذائف والصواريخ والرجال، فيما لا تزال روسيا تنتج المزيد من الأسلحة والذخائر وتزوّد الميدان بالرجال؟

لقد اعترف ستولتنبرغ بأن الحلف يعاني مشاكل تتعلق بالاحتياطات العسكرية، ورغم ذلك ادعى أن «الناتو أقوى من روسيا»، وأضاف، «في بداية الحرب نفدت الإمدادات لدينا، وأعدادها الآن منخفضة للغاية، والآن نحن بحاجة إلى التركيز على كيفية إنتاج الذخيرة»، فكيف يمكن لجيش أن يقاتل وهو يعاني نقصاً في الذخيرة وينتصر؟ ثم وسط انقسام حول أهداف الحرب واستمرارها؟

ربما أرادت روسيا قبيل أيام من الذكرى الثانية للحرب الأوكرانية أن توجّه رسالة رمزية بالمناسبة إلى كل من أوكرانيا ودول حلف الأطلسي بأن يدها ما زالت طويلة، وأنها قادرة على تحقيق الانتصار على خط المواجهة، وإفشال كل الهجمات المضادة، بدءاً من الربيع الماضي إلى الآن، رغم كميات وأنواع السلاح الغربي الذي قدم للجيش الأوكراني.

إن إعلان موسكو الاستيلاء على مدينة أفدييفكا في جمهورية دونيتسك يوم السبت الماضي، واعتراف قائد القوات الأوكرانية ألكسندر سيرسكي بالانسحاب منها والانتقال إلى «خطوط أكثر ملاءمة»، وهي المدينة التي كانت تمثل عقدة دفاعية مهمة للجيش الأوكراني، هو رسالة رمزية روسية لكل من حلف الأطلسي وأوكرانيا بأنها قادرة على تحقيق الانتصارات، وأن الإصرار على مواصلة الحرب ورفض المفاوضات هو خيار انتحاري.

لقد أقر قائد المنطقة الأوكراني الجنرال أولكسندر تارنافسكي بوقوع العديد من الأسرى الأوكرانيين بيد القوات الروسية، وعزا أسباب الانسحاب إلى «فائض القوة البشرية والمدفعية والطيران لدى القوات الروسية».

المراقبون العسكريون اعتبروا الاستيلاء على إفدييفكا «انتصاراً لبوتين، ونقطة تحول في مسار الحرب»، باعتبار أن المدينة تمثل قيمة استراتيجية ورمزية للجانبين، فقد سبق أن سقطت بأيدي القوات الروسية لفترة وجيزة عام 2014 قبل أن تستردها القوات الأوكرانية، وتعتبرها موسكو نقطة استراتيجية لتأمين السيطرة على منطقة دونيتسك، مثلها مثل باخموت التي انسحبت منها القوات الأوكرنية خلال العام الماضي، بعد معارك ضارية مع القوات الروسية وقوات «فاغنر».

وزير الدفاع الروسي شويغو الذي أبلغ الرئيس بوتين بالانتصار، صباح السبت، وتحرير 31.75 كيلومتر مربع (مساحة المدينة)، ومقتل أكثر من 1500 جندي أوكراني، أكد أن «تحرير المدينة نقل خط المواجهة بعيداً عن دونيتسك».

يبدو أن روسيا مصممة على تحقيق أهدافها، ومن الواضح أن حلف الأطلسي سيعمل على هزيمتها.. لكن إذا كان الحلف غير قادر على هزيمة روسيا، فهل هو قادر على الاحتفاظ بما لديه؟.. وماذا بعد أفدييفكا؟

المصدر: صحيفة الخليج

شاهد أيضاً

حكومة نتنياهو..تأزم داخلي وتجاذب خارجي

العربية- طارق فهمي الشرق اليوم– تواجه الحكومة الإسرائيلية أزمة جديدة متعلقة بتسريب معلومات أمنية تورط …