الشرق اليوم– تترقب بكين حسم الانتخابات الرئاسية الأميركية التي تجرى في نوفمبر المقبل، وسط تباين التقديرات بشأن هوية المرشح “الأقل خطورة” على مصالح ثاني أكبر اقتصاد في العالم.
بحسب تقرير لمجلة فورين بوليسي، فإن القادة الصينيين يفضلون الرئيس الأميركي الحالي جو بايدن على الرئيس السابق دونالد ترامب، الذي من المرجح أن يكون مرشح الحزب الجمهوري.
أضافت المجلة أن:
مغامرة بكين الطويلة سوف تتأثر بشكل أوضح من خلال سياسات المرشح والانقسامات التي قد يطلق العنان لها.
بكين تعلم أنه لا يوجد أمل في تحسين علاقاتها مع واشنطن، سواء في عهد ترامب أو بايدن أو أي رئيس أميركي آخر.
لكن على الجانب الآخر، فإن عودة ترامب إلى البيت الأبيض ربما تكون في صالح الصين، على الأقل في المجال الاقتصادي. وحدد التقرير خمسة أسباب لذلك:
ترامب سيزيد من الانقسامات بين الولايات المتحدة وأوروبا.
يمكن لترامب أن يتراجع عن العقوبات المفروضة على روسيا.
من شأن فوز ترامب أن يعطي دفعة قوية للجهود التي تبذلها الصين من أجل إيجاد آليات مالية بديلة.
يمكن لترامب أن يزيد من هيمنة الصين على مصادر المواد الحيوية من الدول الناشئة.
تستفيد الصين من ضوابط التصدير الأميركية على التكنولوجيا النظيفة.
ويرى بعض المحللين، أن الصين ورقة ساخنة في الانتخابات السياسية، وأن الصينيين لديهم البرامج والإمكانات التي تمكنهم من التعامل مع أية إدارة تتولى الحكم في الولايات المتحدة سواءً كانت إدارة بايدن أم ترامب.
وأضافوا أن الصين تحاول الحفاظ على المكتسبات التي حصلت عليها، سواء في علاقاتها مع الولايات المتحدة والعلاقات الخارجية بشكل عام.
ملفات إقليمية ودولية بين البلدين
في حديثه مع موقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية”، يؤكد الباحث في الشؤون الصينية، حسين إسماعيل، أن الصين تنتهج سياسة ثابتة تجاه الولايات المتحدة الأميركية حتى مع تغيّر الإدارات؛ سواء كانت إدارة ديمقراطية أم جمهورية.
ويضيف: حدثت توترات بين الصين والولايات المتحدة بشأن القضايا التجارية، في فترة ولاية دونالد ترامب الأولى، وعندما جاءت إدارة بايدن لم تتحسَّن العلاقات بين البلدين بشكل لافت، بل حدثت أزمات نتيجة مواقف سياسية من جانب إدارة بايدن تجاة الصين، خاصة عندما زارت رئيسة مجلس النواب الأميركي السابقة نانسي بيلوسي تايوان، هذا بالإضافة إلى قضية المنطاد الصيني وعديد من القضايا الاستراتيجية المتعلقة بالبلدين.
ويوضح أن الصين دائمًا ورقة ساخنة في الانتخابات الأميركية، ودائمًا ما تحدث مزايدات من الحزبين الجمهوري والديمقراطي باتخاذ إجراءات مشددة تجاه الصين، لافتًا إلى أن هناك أمورًا أكثر من تصريحات ترامب التحريضية تحكم العلاقات الصينية الأميركية، وذلك فيما يتعلق بموازين القوى والارتباط التجاري والاعتماد المتبادل، إلى جانب قضايا إقليمية ودولية عديدة، مثل: قضية تغير المناخ، والقضية النووية في شبه الجزيزة الكورية، والأمن في المحيط الهادي بشكل عام.
ويعتقد إسماعيل بأن التجربة السابقة لدونالد ترامب في الحكم، قد تجعله يتخذ إجراءات تجارية واقتصادية متشددة تجاه الصين حال فوزه في الانتخابات الرئاسية المقبلة؛ وذلك وفقًا لما حدث في ولايته السابقة بالبيت الأبيض، ولكن الأمر لم يتعلق بالإدارة فحسب؛ بل بالمصالح العامة لأن المواطن الأميركي قد يتأثر بالإجراءات العقابية والتي تتعلق بفرض رسوم جمركية، مما ينعكس على فرص العمل في أميركا.
ويشير إلى تضرر الشركات الأميركية التي تستثمر في الصين من تطرف قرارات ترامب، مضيفًا: “ونحن شاهدنا خلال ولايته الأولى كيف انعكست فرض الرسوم على بعض المنتجات الصينية بشكل مباشر على المواطن الأميركي”.
ويستطرد: الصينيون لديهم البرامج والإمكانات التي تمكنهم من التعامل مع أي إدارة تتولى الحكم في الولايات المتحدة سواء إن كانت إدارة بايدن أو ترامب، خاصة أن الصين ظلت خلال الـ10 أعوام الماضية الأكثر تطورًا، مع ارتفاع معدلات النمو، بالإضافة إلى تزايد التطور التكنولوجي، وبالتالي قد يكون فرض الرسوم أو العقوبات ليس لديهما نفس التأثير مثلما حدث قبل عدة أعوام.
مصالح مشتركة
وفي سياق متصل يؤكد نائب وزير الخارجية المصري الأسبق، السفير علي الحفني، في تصريحات لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية”، أن الصين لديها حكمة في التعامل مع الشأن الخارجي، لذلك فهي تتمتع بخبرة بشأن التعامل أي رئيس في الولايات المتحدة مهما كانت آراؤه ومواقفه وسياسته، لأنها تدرك أنها تتعامل مع دولة مؤسسات وليست أشخاص.
ويوضح أن الصين تدرك جيدًا أن لديها مصالح مع الولايات المتحدة، خاصة أن حجم التجارة بينهما يقدر بـ700 مليار دولار، وأي ضرر سيلحق بدولة يؤثر بالطبع على الأخرى.
بحسب بيانات للإدارة العامة للجمارك الصينية، فإنه في النصف الأول من 2023، بلغ حجم التجارة بين الصين والولايات المتحدة 327.264 مليار دولار.
ويتابع: مخاوف الصين من الولايات المتحدة ممتدة عبر الـ70 عامًا الماضية، وليس الأمر مرتبطًا بولاية ترامب من غيره (..).
وأضاف: يستمر الخلاف بين البلدين سواءً بوجود بايدين أو ترامب لعّدة أسباب، تتمثل في:
إصرار الولايات المتحدة على نهج الضغوط واستخدام الملفات الشائكة، مثل ملف تايوان، فضلًا عن الوضع في المنطقة الغربية في الصين، وعلاقات الصين بدول الجوار، وبحر الصين الجنوبي وغيرها.
الميزان العسكري خاصة في منطقة المحيط الهندي والهادي والتحالفات مع دول المنطقة في مواجهة الصين، والتصدي للمبادرة العملاقة “الحزام والطريق” والتي امتد أثرها إلى ربوع العالم كافة، إضافة إلى اشتداد وتيرة المنافسة بين الدول الغربية والصين.
امتداد النفوذ الصيني عالميًّا من الجاذبية التي تكتسبها من المواقف والسياسات خاصة في الدول النامية، بجانب استمرار معدلات النمو المرتفعة.
الأسواق الصينية
بينما يرى أستاذ الاقتصاد المتخصص في الشؤون الصينية، الدكتور جعفر الحيسناوي، أن الصين ترحب بعودة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب مرة أخرى، على الرغم من تصريحاته بشأن فرض عقوبات اقتصادية كبرى عليها، وهذا الأمر يرجع لعدة أسباب هي:
ترامب يتميز بالاندفاع والتسرع في اتخاذ القرارات المتعلقة بأمور استراتيجية مهمة ربما تشكل أهمية كبيرة للصين.
الصين تحاول الضغط على الاقتصاد الأميركي من أجل دعم سوق الأسهم الداخلية، حيث اعتمدت على بيع الأسهم الصينية التي تخص الحكومة الصينية في أسواق الولايات المتحدة لدعم اليوان الصيني المترنح، وهذا من شأنه يشكل تهديدًا مباشرًا للاقتصاد الأميركي.
تصريحات ترامب تشكل ضغطًا نفسيًا وإعلاميًا من جانب، ومحاولة لتحقيق رضا الناخب الأميركي من جانب آخر.
المصدر: سكاي نيوز