الرئيسية / دراسات وتقارير / وسط فاتورة باهظة للحرب… البرهان و”حميدتي” يتعهدان مواصلة القتال

وسط فاتورة باهظة للحرب… البرهان و”حميدتي” يتعهدان مواصلة القتال

بقلم: إسماعيل محمد علي- اندبندنت
الشرق اليوم– في وقت أصاب الشلل حياة المواطنين السودانيين في كل أنحاء البلاد بسبب انقطاع خدمات الاتصالات والإنترنت بصورة كاملة لليوم السابع على التوالي، بخاصة الموجودين في مناطق القتال الدائر قرابة الـ10 أشهر بين الجيش وقوات “الدعم السريع” لناحية اعتمادهم على التطبيقات البنكية في شراء مستلزماتهم المعيشية، تزايدت المخاوف من اتجاه الحرب لمرحلة فاصلة خلال الأيام المقبلة أعقاب تعهد قائد الجيش عبدالفتاح البرهان بأن جيشه سيقاتل حتى تحقيق النصر، بينما توقع قائد “الدعم السريع” محمد حمدان دقلو “حميدتي” انتهاء الحرب قريباً لصالح قواته.

وقال البرهان، أمس الأحد، أمام جمع من العسكريين في منطقة الدبة بالولاية الشمالية إن “الجيش السوداني يتقدم في كل المحاور ويعمل جاهداً من أجل النصر ودحر ميليشيات (الدعم السريع) في القريب، مؤكداً أن الجيش لم ولن ينهزم، وأن ما يجري من قتال هو معركة كرامة”.

وأغلق قائد الجيش الباب أمام إيصال المساعدات للمناطق الخاضعة لسيطرة “الدعم السريع”، قائلاً إن “المتمردين يقتلون وينهبون ويطلبون من المنظمات الدعم والإغاثة، وهذا لن يكون إلا بعد وقف هذه الحرب ودحر هؤلاء المتمردين المجرمين من بيوت المواطنين والمؤسسات الحكومية والخدمية ومن كل المدن التي نهبوها واحتلوها في نيالا والجنينة ومدني والخرطوم وإرجاع كل المنهوبات التي سرقوها”.

وأشار إلى أن القوات المسلحة لا تقاتل وحدها وأن الشعب السوداني يقاتل معها ويساندها ويلتف حولها، لأن هذه الميليشيات نهبت أمواله وممتلكاته واغتصبت حرائره وقتلت أبناءه، مبيناً أن الشعب السوداني لن يقبل بهؤلاء المتمردين بل سيحاسبهم حساباً عسيراً.

وعلق البرهان على ما تردد عن إحباط محاولة انقلابية وسط الجيش بقوله “كل من يقول هنالك انقلاب كاذب، فالجيش على قلب رجل واحد، وكلنا مع بعضنا سننهي هذا التمرد”.

في المقابل، قال قائد قوات “الدعم السريع” محمد حمدان دقلو “حميدتي” في تسجيل صوتي بمنصة “إكس”، إن “الحرب ستنتهي سريعاً خلال الأيام المقبلة لصالحهم، وأنه بإمكان قواته السيطرة على كل المناطق في السودان لكنها اختارت السلام بينما اختار الطرف الآخر الحرب”.

وأوضح دقلو أن قواته خرجت من الخرطوم لأنهم صادقون في التوصل إلى السلام، قائلاً “لقد اخترنا السلام ولسنا ضعفاء، وإذا اختار الجيش الحرب نحن مستعدون لحسمها لأنها فرضت علينا”.

وأضاف مخاطباً الجيش السوداني “إن طائراتكم ومسيراتكم التي أتيتم بها أسقطناها وستنتهي”، مشدداً على قواته بضرورة حماية المواطن الذي فقد كل شيء.

وأكد قائد “الدعم السريع” بأنه سيكون قريباً في الميدان وأن الأمر سيكون مختلفاً في المستقبل وأن النصر قريب، لافتاً إلى أنه سيتم محاسبة كل فرد من قواته ارتكب جرماً.

معارك العاصمة

ميدانياً، تواصلت أمس الأحد المعارك بين طرفي القتال بمدن العاصمة الثلاث الخرطوم وأم درمان وبحري، وبحسب مصادر عسكرية تبادل الطرفان عمليات القصف المدفعي بينهما على جبهات القتال المختلفة، إذ قامت قصفت “الدعم السريع” مقر القيادة العامة للجيش بوسط العاصمة، وسلاح الإشارة ببحري، فضلاً عن سلاح المهندسين بأم درمان.

واستهدفت مسيرات الجيش تمركزات “الدعم السريع” بأم درمان القديمة والسوق الشعبية، كما شهدت مناطق حطاب والكدرو ببحري اشتباكات متقطعة، إضافة إلى منطقة سلاح المدرعات والذخيرة الواقعة جنوب الخرطوم.

كذلك شهدت مدينة أم درمان عمليات برية وحرب شوارع في ظل العملية التي بدأها الجيش السوداني مطلع يناير (كانون الثاني) واستطاع خلالها التوغل إلى داخل أحيائها القديمة عبر عدد من المحاور والانتشار بصورة واسعة داخل المدينة.

وأظهرت صور بثها الإعلام العسكري التابع للجيش السوداني تقدم الجيش في محور سوق مدينة أم درمان وانتشاره في عدد من أنحائه لأول مرة منذ بدء الحرب. كما بثت “الدعم السريع” مقاطع فيديو لأفرادها وهم يتجولون في مناطق المرخيات والمهندسين بأم درمان في إشارة إلى وجودهم في تلك المناطق.

اشتباكات بالفاشر

كما اندلعت أيضاً اشتباكات مسلحة بين الجيش وقوات “الدعم السريع” في الناحية الشرقية لمدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور، كذلك استهدف الطيران الحربي التابع للجيش تمركزات قوات “الدعم السريع” في منطقة جريد السيل، مما أدى إلى نزوج أعداد كبيرة من المواطنين والأسر باتجاه المناطق الآمنة خارج المدينة.

وتوسعت قوات “الدعم السريع” خلال الأشهر الماضية في عملياتها العسكرية بإقليم دارفور بهدف محاربة الجيش، وسيطرت على ولايات جنوب وغرب ووسط وشرق دارفور، بينما لا يزال الجيش يحتفظ بوجوده العسكري بمدينة الفاشر.

وسبق أن هددت الحركات المسلحة بقتال قوات “الدعم السريع” حال مهاجمتها مدينة الفاشر التي تؤوي أعداداً كبيرة من ضحايا الحروب.

شلل متواصل

وفي شأن تعطل خدمة الاتصالات والإنترنت، فما زال الوضع قائماً بتوقف هذه الخدمة لليوم السابع على التوالي مما أوقف كل المعاملات الحكومية المتعلقة بأجهزة التحصيل والإيرادات، مثل السجل المدني واستخراج جوازات السفر وتوثيق الأوراق الرسمية والشهادات، فضلاً عن توقف التحويلات النقدية عبر تطبيقات البنوك في ظل شح السيولة لدى المواطنين بخاصة الموجودين في مناطق النزاع كالخرطوم ومدن دارفور وولاية الجزيرة وأجزاء من إقليم كردفان، حيث يتبادل طرفا الصراع في السودان الاتهامات بقطع الاتصالات في مناطق عدة بالبلاد.

ووصف الباحث الاقتصادي مأمون الزين الخسائر المترتبة على انقطاع الإنترنت بالكبيرة، محذراً من أن استمرار غياب الخدمة سيؤدي إلى فقدان الحكومة السودانية عائدات إيرادية ضخمة.

وأشار إلى أن الاقتصاد السوداني يعاني بالأساس تعقيدات كبيرة، لكنها زادت مع اندلاع الحرب في الـ15 من أبريل (نيسان)، والآن الوضع مرشح لمزيد من الانهيار.

ونوه الزين بأن القطاع المصرفي في السودان أصبح في حالة أقرب إلى الشلل، كما توقفت تطبيقات البنوك والمصارف المخصصة للتعامل الإلكتروني، مع أنها الوسيلة الأكثر استخداماً في المعاملات المالية في البلاد، بما في ذلك عمليات البيع والشراء.

من جانبها قالت اللجنة التمهيدية لنقابة الأطباء إن قطع الاتصالات يعوق قدرة الأطباء على تقديم الاستشارات الطبية والمتابعة الصحية للمرضى عن بعد.

واستنكر تجمع الصيادلة السودانيين قطع “الدعم السريع” الاتصالات، وقال إن “قطع الشبكة يؤثر في حياة المواطنين وحصولهم على العلاج”.

فيما طالب وكيل الأمين العام للأمم المتحدة ومنسق الإغاثة في حالات الطوارئ مارتن غريفيث، جميع المعنيين في السودان العمل على إعادة خدمات الاتصالات في أنحاء البلاد فوراً.

وقال غريفيث، عبر حسابه بمنصة “إكس”، إن “انقطاع الاتصالات بالسودان يحول دون حصول الناس على الخدمات الأساسية ويعرقل الاستجابة الإنسانية”، مؤكداً أن هذه الممارسات غير مقبولة.

مؤتمر إنساني

في الأثناء، تعتزم هيئة محامي دارفور بالشراكة مع المجتمع المدني السوداني إقامة مؤتمر جامع خلال الأسابيع المقبلة لمناقشة الوضع الإنساني بولايات دارفور بعد عزلة الإقليم عن بقية البلاد، نتيجة توقف القوافل الإنسانية والتجارية أعقاب استيلاء قوات “الدعم السريع” على أربع ولايات فيه.

ويبحث المؤتمر كيفية إيصال المساعدات الإنسانية وتأمين الممرات الآمنة لوكالات الأمم المتحدة لتتمكن من الوصول إلى المناطق المتأثرة بالقتال.

وقال نائب رئيس مجلس أمناء هيئة محامي دارفور الصادق علي حسن إن “الأوضاع في إقليم دارفور فرضت تنظيم مؤتمر خاص بولاياته بخاصة بعد حالة العزلة التي يعيشها الإقليم، عقب توقف الإمدادات الغذائية والتجارية والمساعدات الإنسانية نتيجة الحرب الدائرة وتعدد الارتكازات والمجموعات المسلحة”.

وتابع “نعلم أن كل البلاد تعاني نفس الأزمة الإنسانية، وقد تكون ولاية الخرطوم وولايات دارفور والجزيرة أسوأ المناطق، لكن إضافة إلى الأزمات الإنسانية المماثلة فإن ولايات دارفور تكاد تكون في عزلة تامة، فعلاوة على توقف القوافل والمساعدات تعرضت المحاصيل الزراعية للنهب وفشل الموسم الزراعي العام الماضي نتيجة عزوف المزارعين لانعدام الأمان”.

ولفت حسن إلى النزوح الجماعي للأسر والأفراد فراراً من الحرب إلى جنوب السودان وأفريقيا الوسطى وتشاد وليبيا ومصر، ففي مناطق وسط دارفور وبالتحديد في جبل مرة لاذ الآلاف من الأهالي، إضافة إلى الجنود عقب انسحاب الجيش إلى المناطق الخاضعة لسيطرة حركة جيش تحرير السودان بقيادة عبدالواحد النور وهم في حالات وظروف إنسانية حرجة بسبب المجاعة جراء الشح في المؤن والغذاء”.

وأشار إلى أن كل هذه الأسباب وتفشي المجاعة في دارفور بصورة غير مشهودة في المناطق الأخرى التي تشهد ظروف الحرب المماثلة برزت الضرورة لدعوة كل الأطراف السودانية على رأسها طرفا الحرب (الجيش والدعم السريع)، والحركات المسلحة، علاوة على منظمات المجتمع المدني ووكالات الإغاثة الدولية والأمم المتحدة للعمل من أجل تسهيل وصول المساعدات الإنسانية.

وأطلقت الأمم المتحدة الأربعاء الماضي نداءً لجمع 4.1 مليار دولار لتلبية الحاجات الإنسانية الملحة في السودان، بما في ذلك دارفور. مشيرة إلى أن نصف سكان السودان، أي نحو 25 مليون شخص، يحتاجون إلى المساعدة الإنسانية والحماية. كما فر أكثر من 1.5 مليون شخص إلى دول أفريقيا الوسطى وتشاد ومصر وإثيوبيا وجنوب السودان.

توفير الأدوية

صحياً، قال وزير الصحة السوداني هيثم محمد إبراهيم إن توفير الدواء من أولى أولويات وزارته وعلى رأسها الأدوية المنقذة للحياة، مؤكداً أن الحاجة الدوائية الشهرية إلى هذه الأدوية تبلغ 30 مليون دولار.

وأشار إلى ضرورة وضع الترتيبات اللازمة لضمان استمرار العلاج المجاني وتغطيته أكبر عدد من المرضى، لافتاً إلى أهمية وضع ضوابط وموجهات للعلاج المجاني.

وعقد إبراهيم اجتماعاً لمناقشة كيفية توفير الإمداد الدوائي بمشاركة الجهات ذات الصلة من الصندوق القومي للإمدادات الطبية، والمجلس القومي للأدوية والسموم، والإدارة العامة للطب العلاجي، والإدارة العامة للصيدلة والعلاج المجاني، والشؤون المالية والإدارية، والصندوق القومي للتأمين الصحي.

ووجه بإعداد قائمة بالأدوية الضرورية المنقذة للحياة والعمل على توفيرها عبر المانحين والدول الصديقة والمنظمات، إضافة إلى ورقة من الإمدادات الطبية توضح رؤيتها لما بعد الحرب، داعياً الدول الشقيقة والمنظمات الدولية والإقليمية للوقوف مع المواطن السوداني ومواصلة تقديم الدعم، متمنياً مواصلة المبادرات من أبناء الوطن بالخارج للمساهمة في سد الفجوة وتوفير الأدوية المنقذة للحياة ودعم المستشفيات والعمليات والحوادث والبرامج القومية.

وأشار إلى أن الهدف من برنامج العلاج المجاني توفير العلاج للحالات الطارئة والحرجة بطريقة آمنة وسليمة وعاجلة في الزمن المناسب وبصورة منتظمة ومستقرة.

شاهد أيضاً

هل انتهى محور الممانعة؟

الشرق اليوم– هل انتهى محور المقاومة والممانعة الإيراني؟ سؤال يصح طرحه بعد مرور أكثر من عام على …