بقلم: مصطفى رستم – اندبندنت
الشرق اليوم– 34 شخصاً سورياً وعراقياً سقطوا في خضم الصراع الأميركي – الإيراني في المنطقة، و”30 دقيقة” متواصلة من الضربات المتلاحقة حولت أماكن تمركز الجماعات المسلحة المدعومة من طهران في البلدين إلى كتل من النار.
وتتواصل تداعيات وردود الضربات الأميركية بين مؤيد ومعارض رداً على مقتل ثلاثة جنود من الجيش الأميركي بعد استهداف “البرج 22” بالقرب من الحدود الأردنية – السورية في الـ28 من يناير (كانون الثاني) الماضي. وأعلن الناطق باسم مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض جون كيربي عن ضرب 7 مواقع منها 3 مواقع في العراق و4 في سوريا بمجمل 85 هدفاً.
وردت فصائل عراقية على الضربات باستهداف 3 قواعد أميركية في سوريا والعراق، حيث قصفت قواعد في التنف بجنوب شرقي سوريا والقرية الخضراء بدير الزور، وقاعدة حرير بشمال شرقي العراق بطائرات مسيرة، وهذا ما سيترك الحرب قائمة ومفتوحة بين حلفاء إيران والقوات الأميركية.
أهداف ثمينة
في المقابل لن تكتفي واشنطن بهذا القدر من الأهداف، بل تطمح لمزيد من الهجمات الأكثر قسوة، بخاصة مع ما يسري من انتقادات، ولا سيما من الحزب الجمهوري ونواب بمجلس الشيوخ عن تأخر الرد، وإعطاء فرصة لأهداف ثمينة بالنجاة، وهذا ما يفسر حديث الرئيس الأميركي جو بايدين “ردنا بدأ اليوم، وسيستمر في الأوقات والأماكن التي نختارها”.
وتحدثت مصادر أهلية في دير الزور بشرق سوريا عن استمرار القصف الأميركي واستهداف مواقع مدنيين. ولفت الناشط السياسي والحقوقي أحمد الشيخ من دير الزور في حديثه إلى “اندبندنت عربية” إلى حالة من الذعر أصابت أهالي المنطقة، لا سيما القريبة من مدينتي البوكمال والميادين، وهما من أكثر المدن التي تتمركز فيها الجماعات المسلحة المنضوية تحت الدعم الإيراني. وأضاف “بات واضحاً أن الضربات لن تتوقف حتى تجهز على كامل مواقع وتجهيزات تلك الفصائل، وهذا سيؤدي إلى نزوح جماعي بين ما تبقى من مدنيين في هذه الأماكن الريفية”.
ويعتبر الشيخ أن “اللافت بالصراع بين واشنطن وطهران كونه يدور دائماً في ساحات خارج البلدين، وهذا ما يعطيهما الفرصة لتنفيذ أي ضربات أو الرد عليها بكل راحة، وأكبر دليل عدم سقوط أي قتيل من الجانب الإيراني، بينما المعركة يسقط خلال وكلاء طهران من مدنيين وعسكريين”.
وهو ما أكده التصريح من جانب السفير الإيراني لدى دمشق حسين أكبري حول تعرض قواعد أو مستشارين إيرانيين للاستهداف بالضربات الانتقامية، وذكر على حسابه بمنصة “إكس”، “على النقيض من المزاعم بأن الاعتداء استهدف قواعد إيرانية ومستشارين إيرانيين كان الهدف البنية المدنية في سوريا”.
توسيع رقعة الحرب
أثناء ذلك، تتفق إيران والولايات المتحدة على قواعد اشتباك فيما بينهما، وهي تحييد الساحة الإيرانية من الغارات الأميركية، وفي المقابل لم يشهد الداخل الأميركي أي تهديدات إيرانية رداً على الضربات.
في المقابل طالب مشروعون بمجلس النواب الأميركي بضرورة استهداف طهران بصورة مباشرة، في حين وصف رئيس برنامج الدراسات الإيرانية بمركز الشرق الأوسط للدراسات نبيل عتوم هذه العملية بـ”الاستعراضية”. ويرى أنها تحمل في الوقت نفسه مجموعة رسائل لإيران ووكلائها في المنطقة بأن الولايات المتحدة مستعدة للتحرك في حال خرجت إيران عن دورها، ورسالة ثانية للاستفادة من المعركة الانتخابية في أميركا، كما يعتقد أن تل أبيب استفادت أيضاً كونها وجهت الأنظار عما يحدث في غزة. وأضاف “في حال لم تكن هذه الضربات شاملة ومستمرة ومفاجئة، فهي لم تحقق مهمتها، ومن ناحية ثانية فإن الولايات المتحدة أبلغت الجانب الإيراني والعراقي بالضربات”، بحسب قوله.
وبين المتخصص في الشؤون الإيرانية أن التحقيقات الأميركية الأولية أظهرت أن استهداف “البرج 22” في الأردن جاء بطائرة مسيرة إيرانية من نوع “شاهد”، بالتالي يجب أن تتجه الأنظار إلى إيران التي تعمد إلى تصدير الأسلحة الفتاكة إلى أذرعها بالمنطقة، وفق رأيه. وأضاف “يجب أن تطاول الضربات العمق الإيراني أولاً كأهداف تتعلق بمصانع الأسلحة وتصنيع الطائرات المسيرة ومعامل التقنيات وإنتاج الصواريخ وفرق الحرس الثوري”.
في غضون ذلك، اكتفت العاصمة دمشق بإطلاق تحذيرات حول تداعيات الضربة التي من شأنها أن تؤجج الصراع بالشرق الأوسط على نحو خطير، واعتبرتها طاولت مواقع وأراضي تحارب فيها تنظيم دولة “داعش”. وجاء في بيان الخارجية السورية “نرفض الذرائع والأكاذيب التي روجت لها الإدارة الأميركية لتبرير الاعتداء”.
وتوعدت إدارة بايدن بالرد بضرب أهداف في سوريا والعراق، في وقت تعرضت فيه القوات الأميركية وقوات التحالف الدولي لأكثر من 165 هجوماً منذ منتصف أكتوبر (تشرين الأول) الماضي من قبل فصائل موالية لإيران بعد عملية “طوفان الأقصى” التي شنتها حركة “حماس” على جنوب إسرائيل.