الشرق اليوم– هل ستمنع الضربات العسكرية الأميركية في العراق وسوريا الفصائل المسلحة الموالية لإيران من شن ضربات جديدة على أهداف أميركية؟ الجواب على ذلك غير مؤكد، ما يجعل الرئيس الأميركي جو بايدن في وضع مربك لإيجاد توازن بين الردع والتصعيد.
تتساءل مديرة قسم دراسات الأمن القومي والسياسات الدولية في مركز التقدم الأميركي للبحوث أليسون ماكمانوس “هل ستتوقف هذه الميليشيات فعلياً وتوقف هجماتها على البنى التحتية الأميركية؟ الجواب على الأرجح هو كلا”.
وتضيف ماكمانوس أن هذه الضربات تمثل “تغييراً كبيراً ويمكننا أن نقول إنه تصعيد كبير رداً على الهجوم الدامي على الجنود الأميركيين” في الأردن في 28 يناير (كانون الثاني) الماضي، لذلك “يجب عدم الاستهانة بها”.
وشنت الولايات المتحدة ضربات، صباح أمس السبت، استهدفت في كل من العراق وسوريا قوات إيرانية وفصائل موالية لطهران، رداً على هجوم بطائرة مسيرة على قاعدة في الأردن قرب الحدود السورية أسفر عن مقتل ثلاثة جنود أميركيين في 28 يناير الماضي.
ونددت بغداد ودمشق، السبت، بالضربات، فيما دعت موسكو إلى اجتماع طارئ لمجلس الأمن الدولي قالت مصادر دبلوماسية، إنه سيعقد بعد ظهر غد الإثنين.
من جهتها، دانت إيران “بشدة”، السبت، الضربات الليلية التي شنتها الولايات المتحدة، منددة بـ”انتهاك لسيادة سوريا والعراق”، بحسب المتحدث باسم الخارجية الإيرانية ناصر كنعاني، فيما اعتبرت حركة “حماس” الفلسطينية أن واشنطن تقوم بـ”صب الزيت على النار” في الشرق الأوسط.
وأعلنت الولايات المتحدة التي استخدمت قاذفات بعيدة المدى من طراز “بي-1بي” انطلقت من قاعدة في تكساس، أن الضربات “ناجحة”، مشددة مع ذلك على أنها لا تريد حرباً مع إيران.
وقالت واشنطن إنها أبلغت السلطات في العراق مسبقاً في شأن الضربات، الأمر الذي نفته بغداد.
وأشار الناطق باسم مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض جون كيربي إلى أنه تم استهداف 85 هدفاً في سبعة مواقع مختلفة ثلاثة منها في العراق وأربعة في سوريا، بما فيها مراكز قيادية واستخباراتية ومرافق تحتوي على طائرات مسيرة وصواريخ، بحسب وزارة الدفاع الأميركية.
وللولايات المتحدة نحو 900 جندي في سوريا و2500 في العراق المجاور في إطار تحالف دولي ضد تنظيم “داعش” الذي كان يسيطر على مساحات شاسعة من البلدين.
وأعلنت واشنطن هزيمة “داعش” في سوريا 2019 وفي العراق 2017، لكن التحالف بقي في البلاد لمحاربة الخلايا المتطرفة التي تواصل تنفيذ هجمات هناك.
تعرضت القوات الأميركية وقوات التحالف الدولي في العراق وسوريا لأكثر من 165 هجوماً منذ منتصف أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.
وتكثفت هذه الهجمات التي تبنت كثيراً منها “المقاومة في العراق”، وهي تحالف فصائل مسلحة مدعومة من إيران تعارض الدعم الأميركي لإسرائيل في الحرب بغزة ووجود القوات الأميركية في المنطقة، منذ السابع من أكتوبر يوم نفذت حركة “حماس” الفلسطينية هجوماً مباغتاً وغير مسبوق على الأراضي الإسرائيلية.
في موازاة ذلك، تستهدف ضربات أميركية أهدافاً للمتمردين الحوثيين في اليمن الذين هاجموا السفن التجارية في البحر الأحمر.
كتب دانيال بايمان من مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في مجلة “فورين بوليسي” أن “إدارة بايدن تحاول السير على خيط رفيع مع الضربات التي شنتها على العراق وسوريا”.
وأضاف بايمان “من جهة، تريد إنهاء الهجمات لتظهر لإيران وحلفائها أن هناك ثمناً يجب دفعه مقابل قتل جنود أميركيين وتقويض قدراتهم على تنفيذ مزيد من الهجمات في المستقبل”. وتابع “من جهة أخرى، تريد الإدارة الأميركية تجنب التصعيد الذي قد يؤدي إلى حرب شاملة في الشرق الأوسط”.
ويقول الأكاديمي المتخصص في شؤون الخليج وشبه الجزيرة العربية في جامعة جورج واشنطن غوردون غراي إن “الإدارة الأميركية تقوم بكل ما في وسعها لتتجنب الدخول في حرب أوسع مع إيران، لهذا السبب، لم تضرب أي أهداف داخل إيران”.
لكن بعض منتقدي بايدن الجمهوريين يشددون على ضرورة استهداف إيران في شكل مباشر، معتبرين أن الرد كان ضعيفاً ومتأخراً جداً.
وقال رئيس مجلس النواب الجمهوري مايك جونسون في بيان “للأسف، انتظرت الإدارة الأميركية أسبوعاً وأرسلت برقية إلى العالم، بما في ذلك إلى إيران، حول طبيعة ردنا”. أضاف أن ذلك “يقوض قدرتنا على وضع حد حاسم لوابل الهجمات التي تعرضنا لها خلال الأشهر القليلة الماضية”.
ويعتبر عدد قليل من الخبراء أن الضربات الأميركية ستجبر إيران التي تقدم الدعم المالي والعتاد والدعم العسكري للجماعات المسلحة من دون أن تسيطر عليها بالضرورة، على تغيير نهجها.
وأوضح دانيال بايمان أن “النطاق المحدود لأهداف الضربات الأميركية حتى لو استمرت لعدة أيام، لن يكون بمثابة ضربة قاضية لإيران من شأنها أن تجعل طهران تغير حساباتها”.
لكن الخبراء يقولون أيضاً إنهم لا يعتقدون أن إيران ستخاطر بالدخول في صراع مباشر مع القوة العسكرية الأكبر في العالم.
المصدر: اندبندنت