الشرق اليوم- كلما اقتربنا من موعد الانتخابات الرئاسية الأمريكية ازدادت مخاوف أوروبا من فوز الرئيس السابق دونالد ترامب، خصوصاً أن فوزه بولايتي إيوا ونيوهامبشاير عن الحزب الجمهوري أعطاه دفعة قوية كي يكون المرشح الجمهوري الوحيد الذي ينافس الرئيس جو بايدن.
فوز ترامب بالنسبة لأوروبا يعني أن يترك القارة عارية من الحماية السياسية والأمنية في وقت جاهرت فيه بالعداء لروسيا، وخاضت الحرب الأوكرانية على أمل هزيمة الرئيس فلاديمير بوتين، بالشراكة مع إدارة بايدن. كما أن فوز ترامب يعني أن مصير حلف الأطلسي الذي يشكل مظلة عسكرية للدول الأوروبية قد يصبح مجرد ذكرى كما «حلف وارسو» الذي انتهى مفعوله مع انهيار الاتحاد السوفييتي.
خلال فترة رئاسته السابقة لم يترك ترامب مناسبة إلا وهدد فيها أوروبا والحلف، وخلال حملته الانتخابية الحالية كرّر تهديداته متهماً الحلف بـ «استغلال بلادنا.. كما استفادت الدول الأوروبية منه».
ترامب يتعاطى بفوقية مطلقة مع أوروبا؛ لأنه يدرك أن هذه القارة القوية اقتصادياً، والكبيرة مساحة، ما زالت عاجزة عن أن تكون قوة سياسية وعسكرية من دون الولايات المتحدة؛ لأنها ولّت أمر أمنها لواشنطن، ومن يوكل أمنه لغيره يفقد قراره المستقل.
إضافة إلى المخاوف تجاه مستقبل الحرب الأوكرانية، وإمكانية وقف الدعم العسكري والمالي ومستقبل حلف الأطلسي، هناك مخاوف جدية من انتعاش اليمين الأوروبي من خلال ما يمكن أن يقدمه ترامب من دعم لأحزابه المتطرفة.
لقد حاولت بعض الدول الأوروبية، الخروج من تحت المظلة الأمريكية، والبحث عن تحالفات جديدة، من خلال الدعوة لتشكيل جيش أوروبي موحد، إلا أن المحاولة فشلت؛ لأنها لم تلقَ التأييد اللازم، وخصوصاً من جانب دول أوروبا الشرقية التي ترى أمنها في الحماية الأمريكية.
وصول ترامب إلى البيت الأبيض مجدداً سوف يباعد بين ضفتي الأطلسي، كما ستجد أوروبا نفسها تواجه وحيدة تحديات كبيرة، أهمها الحرب الأوكرانية، إضافة إلى ملفات أمنية وسياسية واقتصادية.
تخاف أوروبا أن يعاود ترامب ابتزازها بإنفاق المزيد في ميزانية حلف الأطلسي كي لا يتركه؛ إذ كان قد طالبها خلال فترة رئاسته الأولى بأن تزيد حصتها بنسبة 4% من دخلها القومي، وهو ما اضطرت لتلبيته.
يكشف تييري بريتون، المسؤول الأوروبي المكلف بشؤون الصناعة والتسليح لموقع «بوليتيكو»، عن جانب من حديث دار بين ترامب وأورسولا فون دير لاين رئيسة المفوضية الأوروبية عام 2020، إذ قال لها ترامب: «عليكم أن تفهموا أنه إذا تعرضت أوروبا لهجوم، فلن آتي لمساعدتكم ودعمكم»، وأضاف: «بالمناسبة، لقد مات الناتو وسوف نغادره».. ولم يغير ترامب قناعاته هذه.
يحق لدول الاتحاد الأوروبي فعلاً أن تقلق، وعليها من الآن أن تعيد النظر بنهجها وسياستها، وتعمل كدول مستقلة قادرة على الخروج من تحت العباءة الأمريكية.
المصدر: صحيفة الخليج