الشرق اليوم– عادة ما تشهد العملات المشفرة تذبذبات سعرية واسعة، تجلت بوضوح خلال الأسابيع الماضية، لا سيما بعد السماح بصناديق استثمارات متداولة للبتكوين، والتي على الرغم من توقعات المتعاملين بأنها سوف تُسهم في قفزة بأسعار العملة المشفرة الأكبر إلا أن الواقع يشير إلى عكس ذلك.
وتراجعت البتكوين بنحو 18 بالمئة منذ الإعلان عن الموافقة على صناديق الـ ETF، وهو الانخفاض الذي لا يعتقد محللون بأنه سوف يستمر، بعد استيعاب الأسواق التطورات الأخيرة، وفي ظل تمسك العملة المشفرة بمسار صعودي على المدى الطويل.
والأسبوع الماضي، رغم أن بتكوين قد انخفضت بشكل حاد إلى حدود الـ 39 ألف دولار في بداية التعاملات، للمرة الأولى منذ بدايات شهر ديسمبر الماضي، إلا أنها أنهت تعاملات الأسبوع على ارتفاع مغلقة عند مستوى 42131 دولاراً تقريباً.
ويعتقد محللون على نطاق واسع بأن عمليات البيع الكثيف الذي شهدته العملة المشفرة ربما وصلت إلى ذروته أخيراً، وهو ما أكده تقرير صادر عن “جيه بي مورغان”، بينما آخرون يتوقعون مستوى منخفضاً إلى 36 ألف دولار.
حققت العملة المشفرة مكاسب كبيرة في النصف الثاني من العام الماضي 2023 مدعومة بتأهب المستثمرين لصدور الموافقة على صناديق الاستثمار المتداولة.
لكن بعد الموافقة شهدت الأسعار تراجعاً فورياً بلغت نسبته حوالي 18 بالمئة حتى الآن وسط ضغوط بيعية.
ما هي أبرز الأسباب؟
أرجع خبير العملات الرقمية، أحمد شمس الدين، في تصريحات خاصة لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية” هذا التراجع إلى عدة أسباب:
مبيعات المستثمرين الذين اشتروا قبل الموافقة على صناديق الـ ETF تسببت في هذا الانخفاض.
الاستثمارات الكبيرة التي تدفقت على صناديق الـ ETF، خاصةً من BlackRock لم تكن مؤثر، لأن جزءًا كبيرًا من هذه الأموال والمقدر بـ 2.8 مليار دولار كان موجودًا في صناديق استثمار البيتكوين، وبالتالي حولت هذه الأموال من البيتكون إلى صناديق الـETF .
أسهمت مبيعات أصول FTX المفلسة أيضًا في تراجع الثقة.
في ظل هذه الأوضاع يبقى العرض والطلب هما سيد الموقف، وأحد العوامل الرئيسية التي تحدد سعر العملات الرقمية.
وسجلت البتكوين قفزة بنحو 160 بالمئة خلال العام الماضي 2023 وهو العام الذي شهد صحوة لسوق العملات المشفرة في ظل الاضطرابات السياسية والجيوسياسية والاقتصادية التي دفعت المستثمرين للبحث عن ملاذات آمنة وتنويع استثماراتهم.
وبعد أن بدأت البتكوين عام 2023 عند مستوى 16.6 ألف دولار، إلا أنها استطاعت أن تنهي العام عند مستوى فوق الـ 42 ألف دولار ورغم ذلك فإنها لا تزال بعيدة عن أعلى مستوى قياسي سجلته في نوفمبر 2021 عندما تجاوزت 68.7 ألف دولار.
وكانت البتكوين قد أنهت تعاملات الأسبوع الأول من العام الجاري 2024 عند 43832 دولاراً، فيما أنهت تعاملات الأسبوع الثاني من العام عند 43830 دولاراً، وأنهت تعاملات الأسبوع الثالث عند مستوى 41857 دولاراً، قبل أن تغلق في الأسبوع الأخير المُنتهي في 26 يناير عند مستوى 42131 دولاراً.
إلى أين تتجه البتكوين؟
محلل أول أسواق المال في مجموعة إكويتي، أحمد عزام، قال في تصريحات لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية”، إن هناك سببين لعدم إعطاء صناديق الاستثمار المتداولة للبتكوين دفعة كبيرة للعملات المشفرة حتى الآن، وهما:
تطبيق مبدأ معروف في أسواق المال مفاده أن “الأسواق اشترت الشائعة وباعت الخبر”، فهي اشترت الشائعة (أي سجلت طفرة) عندما أعلنت شركة BlackRock عن تقدمها لإنشاء صناديق البتكوين الفورية ” ETF ” في يونيو الماضي، إذ كان سعر البيتكوين في هذا الوقت 25 ألف دولار، ثم ارتفعت حتى وصلت إلى مستوى 42 ألف دولار للعملة “أي ما يقارب مستوى الـ 70 بالمئة من سعر العملة”، ثم وصلت إلى 49 ألف دولار مع إطلاق الصندوق، ثم بعد إعلان الموافقة عليه باعت الأسواق الخبر ببيع المستثمرين وحدثت عمليات لجني الأرباح، ليلي ذلك انخفاض في البيتكوين حتى وصلت إلى 42 ألف دولار.
العامل الثاني متعلق بطريقة الشراء في صناديق الاسثتمار المتداولة للبيتكوين الفورية والتي تتسم بأنها لا تحدث في الوقت الفعلي، فعندما يقوم الأفراد بشراء أسهم أو بيع هذه الصناديق لا يتم الشراء أو البيع في وقت القرار، وبدلًا من ذلك يتم شراء أسهم البيتكوين قبل يوم أو يومين على الأقل، حيث يقوم مصدر الـ ETF بإنشاء أسهم كي يتم استخدامها بعد ذلك لشراء البيتكوين وهي ألية غير مباشرة، تؤثر على سعر البيتكوين ولا تعكس سعر التداول وقت النشاط الفعلي.
وتوقع عزام أن انخفاض العملات الرقمية لن يستمر لفترة زمنية طويلة بسبب:
إمكانية زيادة الاستثمارات من صناديق التداول.
محدودية المعروض من البيتكوين والبالغ عددها 21 مليون عملة.
تنصيف مكافأة المعدنين سينتج عنه خفض المعروض من العملة مع زيادة الطلب عليها وهذا قد ينتج عنه بعض الدفعة للعملات الرقمية في الفترة المقبلة.
كثير من العملات الرقمية وعلى رأسها البيتكوين غير قابلة للنقل فهي في استثمارات طويلة الأجل.
ويشار إلى أنه خلال شهر أبريل المقبل سوف تجري عملية تنصيف البتكوين، أي تقليل مكافأة المعدنين للبتكوين، وهذا ما سينتج عنه خفض معدل المعروض.
ومن المعروف اقتصاديًا أن خفض المعروض يتبعه دفعه سعرية للأصل المالي.
وكان تنصيف البتكوين تاريخيًا يمثل دافعًا سعريًا لهذه العملة الرقمية الهامة، وهذا ما سينتج عنه دفع سعر إيجابي لتداول البتكوين والعملات الرقمية الأخرى ، حيث يمثل البتكوين ما بين 48 بالمئة إلى 50 بالمئة من مجتمع العملات الرقمية، وبالتالي فإن حدوث طفرة سعرية له سينعكس إيجابيًا على باقي العملات الرقمية عموماً.