الشرق اليوم- إذا كانت محكمة العدل الدولية بأغلبية ساحقة لم تتخذ قراراً بوقف إطلاق نار فوري في قطاع غزة، إلا أنها دعت إسرائيل إلى “اتخاذ كل الإجراءات لمنع الإبادة الجماعية” في القطاع، وعليها أن “تتأكد فوراً من أن جيشها لا يرتكب الانتهاكات بحق الشعب الفلسطيني، وتجنُب كل ما يتعلق بالقتل والاعتداء والتدمير بحق سكان غزة”، وعليها أن “ترفع تقريراً للمحكمة بشأن كل التدابير المؤقتة المفروضة خلال 30 يوماً”، و”على إسرائيل أن تتخذ كل الإجراءات التي في وسعها، لمنع ارتكاب جميع الأفعال، ضمن نطاق المادة الثانية من اتفاقية الإبادة الجماعية”، كما أكدت المحكمة “أن لجنوب إفريقيا الحق في رفع الدعوى ولا يمكن قبول طلب إسرائيل بردها”، وأكدت “أن لديها صلاحية للحكم بإجراءات طارئة في قضية الإبادة الجماعية المرفوعة ضد إسرائيل”. وهذه القرارات بحد ذاتها تعتبر تجريماً لإسرائيل لما ترتكبه ضد الشعب الفلسطيني من عمليات إبادة متواصلة، خصوصاً أن رئيسة المحكمة أشارت إلى البيانات والتقارير الأممية التي أكدت أن غزة “تحولت إلى مكان لليأس والموت.. ونحن نقّر بحق الفلسطينيين في قطاع غزة بالحماية من أعمال الإبادة الجماعية”.
وإذا كانت إسرائيل لن تلتزم بقرارات المحكمة التي تمثل صوت العدالة الدولية، كما لم تلتزم بكل القرارات التي صدرت على مدى 75 عاماً عن الشرعية الدولية المتمثلة بمجلس الأمن والجمعية العامة، إلا أن قرارات الأمس تعّري إسرائيل بصفتها دولة عنصرية معادية بالمطلق للقانون الدولي الإنساني، وتمارس بحق الشعب الفلسطيني جرائم ومجازر يومية.
لذلك لم يكن مستغرباً رد الفعل الإسرائيلي على قرارات محكمة العدل الدولية من رفض لها، إذ أعاد رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو قوله: «إن إسرائيل ملتزمة بحق الدفاع عن نفسها»، أي أن الجيش الإسرائيلي سوف يواصل حرب الإبادة وارتكاب المجازر، وقال إن تهمة «الإبادة الجماعية ضد إسرائيل ليست كاذبة، بل شنيعة، ويجب على الأشخاص المحترمين في كل مكان أن يرفضوها»، وكلام نتنياهو موجه إلى قضاة المحكمة، وهو يتهمهم بطريقة غير مباشرة بالكذب وغير الاحترام.
أما وزيره للأمن القومي إيتمار بن غفير، فقد اتهم المحكمة بأنها «معادية للسامية»، وهي التهمة الجاهزة ضد كل من ينتقد إسرائيل، حتى لليهود المعادين للسياسات الاسرائيلية المتشددة. وزعم بن غفير أن «المحكمة لا تسعى إلى العدالة، إنما تسعى إلى اضطهاد الشعب اليهودي».
جنوب إفريقيا التي خاضت معركة فلسطين أمام محكمة العدل الدولية، اعتبرت قرار المحكمة «انتصاراً حاسماً لحكم القانون الدولي، ومحطة مهمة في البحث عن العدالة للشعب الفلسطيني».
إن قرار محكمة العدل الدولية، هو قرار من أجل الإنسانية والعدالة والقانون الدولي، وقرار من أجل الشعب الفلسطيني، أعطاه بعض حقه.. بانتظار أن يستطيع العالم إلزام إسرائيل به.
المصدر: الخليج