الشرق اليوم– يستعد حلف شمال الأطلسي “الناتو” لإطلاق أضخم مناوراته العسكرية منذ نهاية الحرب الباردة والتي تحمل اسم “المدافع الصامد 2024″، بمشاركة 90 ألف جندي من الدول الأعضاء، في إشارة إلى اعتبارها دليلًا على “وحدة الناتو” في مواجهة التحديات الأمنية الراهنة.
ويعتقد محللون عسكريون ومراقبون في حديثهم لموقع “سكاي نيوز عربية”، أن تلك المناورات تستهدف بالأساس إيصال “رسالة ردع” لروسيا، وتأكيد “تضامن وتنسيق” الحلفاء في الرد على أي تهديد محتمل، في خضم الصراعات المتفاقمة مؤخرًا.
تفاصيل مناورات “المدافع الصامد”
تبدأ المناورات العسكرية الأسبوع المقبل وتستمر حتى مايو، بمشاركة جميع دول الناتو الـ 31، إضافة إلى السويد، المرشحة للانضمام لحلف الناتو رغم عدم التصديق على طلبها بعد، وتهدف إلى إظهار أن الحلف قادر على الدفاع عن جميع أراضيه حتى حدوده مع روسيا.
وفق وكالة الأسوشيتد برس، تأتي هذه المناورات في وقت تشهد الحرب بين روسيا وأوكرانيا جمودًا، إذ لا يشارك الناتو بشكل مباشر في الصراع، لكن يدعم تزويد كييف بأسلحة وذخائر وتوفير التدريب العسكري بشكل فردي أو في إطار تحالف.
كما تأتي المناورات بمناسبة الذكرى 75 لتأسيس حلف الناتو، بحسب وكالة رويترز، وتُعتبر الأهم منذ مناورة “ريفورجر” عام 1988، والتي جرت خلال الحرب الباردة.
في المناورة المرتقبة، ستنتقل القوات إلى أوروبا وعبرها حتى نهاية مايو فيما يصفه الناتو بأنه “سيناريو محاكاة لصراع ناشئ مع خصم قريب من نظيره”، إذ ستكون مصممة لمحاكاة الصدام مع تحالف وهمي يسمى “أوكاسوس”، وبموجب خطط الناتو الدفاعية الجديدة، فإن خصومه الرئيسيين هم روسيا والمنظمات الإرهابية.
قال القائد الأعلى للحلف في أوروبا الجنرال الأميركي كريستوفر كافولي، إن الحلف يحتاج إلى “التدرب على خططنا وتحسينها من خلال المناورات الصارمة”، وبالتالي ستكون تلك المناورات “دليلا واضحا على وحدتنا وقوتنا وتصميمنا على حماية بعضنا البعض”.
أشارت صحيفة “ذا هيل” الأميركية، إلى أنه من المتوقع أن تشمل المناورات تعبئة لسفن وأصول بحرية أخرى، إلى جانب مركبات وطائرات بما في ذلك طائرات “إف-35″، و”إف/إيه-18″، و”هارير”، و”إف-15″، وهليكوبتر، وطائرات بدون طيار.
أوضحت أنه في حين أن نشر القوات على نطاق واسع هو جزء من مناورات منتظمة لحلف شمال الأطلسي، إلا أنه يأتي بعد ما يقرب من عامين من العملية العسكرية الروسية الخاصة في أوكرانيا ووسط حالة تأهب متزايدة في أوروبا من اتساع الحرب، وبالتالي ستكون تلك المناورات “رسالة إلى موسكو وغيرها من الخصوم” بأن الحلف مستعد للدفاع عن حدوده.
أوضح “كافولي” أن المناورة ستشمل خصوصا قوات من “أميركا الشمالية” كتعزيزات للقارة الأوروبية، وستشارك فيها نحو 50 سفينة حربية و80 طائرة و1100 مركبة قتالية من أنواع مختلفة.
من جانبها، أعلنت وزارة الدفاع البريطانية، إرسال نحو 20 ألف جندي للمشاركة في المناورات، بالإضافة إلى سفن حربية وطائرات مقاتلة، حيث تشمل عملية النشر 16 ألف جندي من الجيش البريطاني سيتمركزون في شرق أوروبا، بالإضافة إلى مجموعة حاملة طائرات وطائرات هجومية من طراز “إف 35 بي” وطائرات استطلاع.
وفقا لصحيفة “تليغراف” البريطانية، حذر رئيس اللجنة العسكرية للناتو الأدميرال روب باور من إمكانية نشوب حرب شاملة مع روسيا في السنوات العشرين المقبلة، قائلاً إنه يتعين على المدنيين الاستعداد للأمر.
قبيل تنفيذ تلك المناورات، انعقدت اللجنة العسكرية لحلف الناتو في جلسة لوزراء الدفاع بمقر الناتو في بروكسل، حيث ركز قادة دفاع الحلف على مدى قابلية تنفيذ الخطط الدفاعية الجديدة، والتحول القتالي للحلف، ودعم الناتو المستمر لأوكرانيا، والتعاون العسكري مع الشركاء.
“ردع” لحرب كبرى
بدوره، يعتقد مدير الاستراتيجيات والتسليح بالمعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية ومقره لندن، والمسؤول السابق في حلف شمال الأطلسي، وليام ألبيركي، أن الناتو يحاول رفع كفاءته واستعداده تحسبًا لخوض حرب واسعة النطاق ضد روسيا.
وأوضح “ألبيركي” في تصريحات خاصة لموقع “سكاي نيوز عربية”، أنه “في العقود التي تلت نهاية الحرب الباردة، سمحت الولايات المتحدة لهذه القدرات العسكرية والمناورات واسعة النطاق بالتراجع، في حين أنه منذ عام 2014، تضمنت استجابة الناتو مناورات وعمليات نشر أكبر بما في ذلك سلسلة تدريبات “ترايدنت جنكشتر” (التي أجريت بشكل كبير في النرويج وشارك فيها نحو 51 ألف جندي)”.
وأشار إلى أن تلك المناورات تتسق بشكل جيد مع المناورات العسكرية الوطنية التي نُفذت مع حلفاء الناتو، بما في ذلك في إستونيا حيث شارك نحو 15 جندي من 10 دول مختلفة في المناورات التي أطلق عليها اسم “سيل” أو “القنفذ”، وكذلك تدريبات “الرياح المتجمدة 22” قبل أشهر قليلة من انضمام فنلندا إلى عضوية الحلف، إضافة لمناورات السويد الكبرى باسم “أورورا 23” التي أجريت في أبريل الماضي، وقبل ذلك المناورة التي أطلق عليها اسم “أناكوندا” في بولندا”.
وبشأن مدى كون تلك المناورات بمثابة “رسالة ردع لروسيا”، لفت المسؤول السابق في حلف شمال الأطلسي، إلى أن “كل هذه المناورات العسكرية المهمة تزيد من الفهم والتعاون، وقابلية التشغيل البيني، وجميع الأشياء الأخرى التي يتعين عليهم القيام بها لضمان أنه إذا كان هناك صراع، فإن جميع الحلفاء مستعدون للقتال والانتصار”.
وأضاف: “كما أنها بمثابة ردع لروسيا، فكلما رأت موسكو أن الحلفاء لديهم القدرات والعزم على القتال، قل احتمال أن تهاجمهم”.
المصدر: سكاي نيوز