بقلم: كمال بالهادي- صحيفة الخليج
الشرق اليوم– ليست المرّة الأولى التي يهدد فيها ترامب و أنصاره بفوضى وحتى بحرب أهلية إذا استمرت محاكمته و أُقصي من السباق الرئاسي في هذه السنة الانتخابية، ولكنّ الضغوط التي تمارس على المرشح الجمهوري الأبرز من شأنها أن تجعل مثل هذه التصريحات والتهديدات أكثر جدّية في المستقبل.
بعد إعلان نتائج الانتخابات الرئاسية وإقرار فوز الرئيس بايدن في انتخابات عام 2020، لم يكن أحد يتصوّر أن تبلغ الاحتجاجات اقتحام مبنى الكونغرس في مشهد قرأه المراقبون على أنّه الضربة التي قصمت ظهر الديمقراطية الأمريكية. وأن تتم العودة في بداية السنة الجديدة إلى مثل هذه التهديدات من قبل ترامب نفسه وأنصاره، فذلك يعني أن الديمقراطية الأمريكية توضع مرة أخرى على المحكّ. فقبل أسبوع من بداية الحملة الانتخابية التمهيدية في الحزب الجمهوري، يقف ترامب أمام المحكمة في واشنطن، مواجهاً اتهامات بمحاولة قلب نتائج الانتخابات الرئاسية الماضية، ليردّ بكل وضوح بأن استمرار الملاحقات بحقه بوصفه رئيساً سابقاً والمرشح الجمهوري الأوفر حظاً للانتخابات الرئاسية، قد يؤدي إلى فوضى في الولايات المتحدة. وقبل أشهر، وتحديداً في شهر يونيو( حزيران) الماضي، وعند بدء محاكمة الرئيس السابق ترامب، هدد أنصاره بحرب أهلية للتخلص من بايدن والمشرعين والقضاة الذين يحاكمون المرشح الجمهوري لانتخابات 2024، بل إن بعضهم كتب أنّه «ربما حان الوقت لتلك الحرب الأهلية».
ويبدو أن الضغوط على مرشح الحزب الجمهوري الأكثر حظاً للفوز بترشيح الجمهوريين في عموم الولايات المتحدة، خلال الانتخابات التمهيدية، والمتمثلة في المحاكمات القضائية من جهة، والسعي إلى إقصائه من الانتخابات التمهيدية في بعض الولايات التي يسيطر عليها الديمقراطيون، ستزيد من حدة المعارضة السياسية، وربما تحولها إلى «عنف سياسي» واضح خلال الحملة الانتخابية للرئيس السابق ترامب. إذ تشير تقارير أمريكية إلى أنّ الديمقراطية من ولاية مين، التي قامت بإقصاء الرئيس السابق دونالد ترامب من الاقتراع التمهيدي للحزب الجمهوري في الولاية، زارت البيت الأبيض مرتين في العام الماضي، حيث التقت الرئيس جو بايدن وأشارت في تصريحات لها إلى أن نظام المجمع الانتخابي هو من بقايا تفوق العرق الأبيض.
وولاية «مين» هي الولاية الثانية التي تصدر مثل هذا القرار في شهرديسمبر( كانون الأول) الماضي، إذ أصدرت المحكمة العليا في كولورادو حكمها الذي أزال ترامب من الاقتراع في وقت سابق من كانون الأول/ ديسمبر، في ضوء اتهامات تخص «تحريضه على التمرد» فيما يخص أحداث السادس من يناير(كانون الثاني) عام 2021، التي شهدت اقتحام أنصار للرئيس السابق مبنى الكابيتول في واشنطن.
ولا تخفى رغبات الرئيس بايدن في إقصاء ترامب، لأن استمراره في الانتخابات سيقود إلى فوز ساحق لترامب الذي تعهد بأنه عندما يصل إلى البيت الأبيض ثانية سيتولى محاكمة بايدن. ولهذا استهل بايدن حملته بالتركيز على المرشح الجمهوري أكثر من تركيزه على أجندته الانتخابية. إذ وصف بايدن الانتخابات الرئاسية المقبلة في تشرين الثاني/ نوفمبر 2024 بأنها تتمحور حول «ما إذا كانت الديمقراطية لا تزال قضية مقدسة في الولايات المتحدة». مضيفاً أن حملة ترامب «تدور كلها حوله، وليس حول أمريكا»، ومستخدماً أول حدث انتخابي له هذا العام لتحذير الناخبين من إعادة انتخاب ترامب إلى البيت الأبيض. واتهم بايدن الرئيس السابق ب«رفض إدانة العنف السياسي»، مشيراً إلى أن قضايا «الدفاع والحماية والحفاظ على الديمقراطية، ستظل المحور الأساسي لرئاستي». وفي ختام خطابه، قدم بايدن تحذيرات بشأن التهديد الذي يمثله ترامب على الديمقراطية الأمريكية.
أمريكا التي تشهد تراجعاً في مكانتها العالمية، وخسارات استراتيجية في عدد من الملفات الدولية، تعيش أزمة سياسية حقيقية، والانتخابات القادمة، ستؤكّد تهالك النظام الديمقراطي الأمريكي.