بقلم: وليد عثمان – صحيفة الخليج
الشرق اليوم– منذ السابع من أكتوبر الماضي وإلى الآن، انمحى تقريباً القطاع، و”بات بكل بساطة غير صالح للسكن” بتعبير مارتن غريفيث، منسق الشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة، وإن كانت الصور والقصص المتدفقة على مدار الساعة لا تحتاج إلى تعليق أو توصيف.
في الربع الأول من المأساة، وفق اصطلاحات المحاسبة، لا وقت للتساؤل عمن بدأ وأسباب ذلك، فهذا لا يزال من المؤجلات بفعل الدم المسال والأرواح المفقودة، لكن لا بأس من تمنّي نهاية لا تبدو قريبة ولا واضحة الملامح، بل إن ما بعد هذه النهاية قد يكون أكثر ما يشغل الساعين إليها.
قبل بلوغ النهاية، هناك كثير مما ينبغي التوقف عنده، ومنه ما شاع عن “وحدة الساحات”، وهو أحد أهم الشعارات التي سقطت في خضم حرب غزة، ومعه سقطت وجوه وكسدت بضاعتها القائمة على التسخين والتجييش ثم إدارة الظهر إلا حين التفاوض على ما يعد مغانم لها، ولو على جثث الآخرين.
لم يتأكد، ولم يُستبعد، حتى الآن، إن كان قرار “حماس” في السابع من أكتوبر الماضي الهجوم على إسرائيل اتخذته الحركة منفردة، بل لا يقين إن كان صدر فقط عن ذراعها العسكرية من غير مشاورة القيادة السياسية. ورغم ذلك، لا يصدق كثيرون أن تقدم “حماس” على التصعيد غير عالمة أو عابئة بالعواقب الإقليمية والدولية، ما يعني أنها تحسبت لذلك جيداً، والبديهي أن يكون في قلب الترتيبات مشاورة من يجمعهم بالحركة “محور المقاومة”، أو توحدهم معها ساحات المواجهة.
لذلك، يذهب أصحاب هذا الاعتقاد إلى أن “حماس” ومن تحمسوا لما يوصف بانتصاراتها يعتريهم شعور بالخذلان من شركاء الساحات؛ لأنه كان يمكن مضاعفة هذه “الانتصارات” إذا أحاطوا بإسرائيل من كل جانب، وبذلك تنتهي في أيام وتعود فلسطين كاملة محررة.
سواء، سبق التصعيد في غزة تنسيق بين “حماس” وشركائها، أم لا فصمتهم مستغرب، وما حققه بعضهم من مكاسب في عز الأزمة يفاقم تساؤلات الخذلان والتجارة بالفلسطينيين. أما جناح الخطابة في هذه الشراكة، فهو الأكثر إثارة للريبة رغم أن نار الاستهداف تطاله كل يوم، وهو الذي ربط تحركه نصرة لغزة والفلسطينيين بما تفعله إسرائيل على جبهته.
الحاصل أن إسرائيل هي التي وحّدت هذه الساحات بأن جعلتها كلها مهددة، فسقطت مرحلة من الشعارات المتاجرة بالقضية، ولذلك أهميته في صوغ نهاية مأساة غزة.