بقلم: أنور إبراهيم- العين
الشرق اليوم- الأزمة السودانية بمختلف الأسماء والمصطلحات التي تطلق عليها، استمرت لأكثر من 8 أشهر متواصلة وأدت لتدمير الأخضر واليابس والبنية التحتية للمدن السودانية. انطلاقاً من العاصمة السودانية الخرطوم، وهي مدينة باتت تشهد خراباً، وصولاً لمدن أخرى، ولم يتبقَّ فيها سوى النيلين الأزرق والأبيض اللذين لم تدمرهما الحرب. ظلت ملفات الأزمة السودانية تنتقل بين عواصم دول الجوار السوداني؛ القاهرة وأديس أبابا وأسمرا، لإيجاد حلول لها دون أن يكلل المسعى بنجاح، وسط تطورات المشهد السياسي السوداني الذي وصل لطريق مغلق تماماً، مع ازدياد وتيرة الحرب والهجرات للسودانيين، وتأزم الوضع بصورة كبيرة يوماً تلو آخر. الأزمة السودانية التي بات الجميع يتهم فيها الطرفين بتأجيج الصراع بين الدعم السريع والقوات المسلحة “المجلس السيادي”، يرى آخرون أنها تتحرك بدعم وتحريض من قبل النظام السابق، كما يحلو للبعض ربط الصورة الحالية للمشهد وتحركات الشارع السوداني، الذي يعتبر المتضرر الأول والأخير.
هناك مجموعات ترى أن الحركة الإسلامية السودانية تحاول الولوج للمشهد من خلال دعم طرف دون الآخر، خاصة في ظل تحركات باتت تظهر لقيادات المؤتمر الوطني في محيط المنطقة السودانية عبر دول الجوار السوداني، وهي بحد ذاتها جعلت مكوناً سياسياً آخر في السودان “الحرية والتغيير” وآخرين ينتقدون تحركاتها ويتهمونها بأنها تعمل على تأجيج الصراع في الشارع السوداني.
بات المشهد السوداني أكثر ضبابية في ظل الانقسامات الحالية، بمصطلحات متعددة ظهرت في الشارع وتسميات تطلق من قبل الدعم السريع والمجموعات التي تتهم قيادات المجلس السيادي بالانتماء للنظام السابق “حكومة المؤتمر الوطني”، ومجموعات القوات المسلحة والموالية لها تتهم القوى الأخرى بأنها تعمل بتوجيهات من جهات خارجية. ومن وقت لآخر يتفاءل الجميع بظهور نجم في الأفق قد يؤدي لتضميد جراح السودانيين، ولكن التحركات الإقليمية والدولية، تعمل على دعم طرف دون آخر وكانت سبباً لتصعيد الخلاف مرة أخرى، وفشل التحركات التي يقوم بها المجتمع الدولي والإقليمي من أجل زرع ولو نسبة ضئيلة من آفاق السلام في سماء السودان.
وبعد تحركات “إيغاد” الأخيرة لخلق تقارب ودعوة الطرفين؛ رئيس المجلس الانتقالي السوداني الفريق عبد الفتاح البرهان، وقائد الدعم السريع الفريق محمد حمدان دقلو (حميدتي)، للقاء مرتقب بينهما، تعالت الأصوات والتنبؤات بأنه سيكون ما بين عنتيبي الأوغندية وجيبوتي، لتعلن “إيغاد” و”الخارجية” السودانية عدم قدرة حميدتي على الوصول والمشاركة في القمة المرتقبة التي كان ينتظرها الجميع بفارغ الصبر، لنعود مرة أخرى لمربع الاتهامات في المشهد السوداني بين الطرفين المتصارعين، وحرب تطول مدناً أخرى خارج إطار وحدود العاصمة الخرطوم التي وصفت بأنها أشبه بمدينة للأشباح.
وما بين جيبوتي وإثيوبيا وكينيا وأوغندا، ظلت لقاءات القيادات السودانية المتصارعة تتأرجح من أجل شرح موقف كل طرف والوضع الذي وصل إليه السودان خلال الحرب التي اندلعت بينهما، وهو بدوره أدى إلى الانقسامات بين قيادات “إيغاد” والاتحاد الأفريقي.
وكان الجميع يضع آمالاً على لقاء جيبوتي الذي كان من المقرر إقامته قبل نهاية عام 2023، ولكن بعد تحركات مكوكية فشل اللقاء الذي كان تحت رعاية “إيغاد” بعد أن تقرر أن قائد الدعم السريع لم يستطع الوصول إلى جيبوتي دون ذكر تفاصيل حول أسباب عدم مشاركة حميدتي، في الوقت الذي كان يقوم فيه بجولة في دول المنطقة ما بين كينيا وأوغندا وجيبوتي وإثيوبيا، ليُعلن فشل المفاوضات أو كما يصح أن يطلق عليها لقاء جيبوتي تحت رعاية “إيغاد”.
اللقاء المقترح الأخير للفريق البرهان وقائد الدعم السريع، أياً كان نوعه “مفاوضات مشاورات، تفاهمات، اتفاق.. إلخ” في أي منطقة وتحت رعاية أي جهة، قد يكون له دور كبير في إخماد نار الحرب، إن كانت هناك إرادة سودانية لوقف نزيف الحرب في بلد ربما إن استقر سيكون له مستقبل واعد ليس للشعب السوداني فقط بل للمنطقة كلها.