بقلم: طارق فهمي- العربية
الشرق اليوم– تتداخل كثير من ارتدادات حرب غزة على مجمل ما يجري في إطار الاستعدادات الأميركية لانتخاباتها الرئاسية المقبلة الـ 60 لعام 2024، والتي تُجرى كل أربع سنوات، والمقرر إجراؤها في 5 نوفمبر 2024.
وفي مناخ متجاذب، وصراع متراكم بين الحزبين «الديمقراطي» و«الجمهوري»، وفي ظل تحديات تواجه الحزبين، وتتعلق بنمط التصويت والاتجاهات العامة، ومزاج الجمهور وشركات الإعلام والاتصال، والمتعلقة بإدارة العملية الانتخابية في ظل رهانات على أن قضايا الداخل، واهتمامات الرأي العام الأميركي ستسبق أية قضايا خارجية، وهو أمر مرتبط أيضاً بثوابت حقيقية لا يمكن التخلي عنها في إطار كلاسيكيات العملية الانتخابية، وفي ظل ما يجري من تقديرات واستطلاعات الرأي العام، والتي ترتبط ببرامج الحزبين، والقدرات التصويتية للكتل السياسية، إضافة إلى تصويت الشرائح العليا المتوسطة في الولايات المتحدة، والتي لا ترتبط فقط بالموقف العام من حرب غزة، وغيره مع استدعاء الدور الأميركي في أزمة أوكرانيا من قبل، وفي ذاكرة الأميركيين ما جرى في انتخابات بوش الابن، ومؤخراً ما يمكن أن يمس مسار ما سيجري في غزة، انطلاقاً إلى قضايا أخرى في الشرق الأوسط وخارجها.
فقد أدى الدعم الأميركي لإسرائيل في حربها على غزة إلى تصاعد الانتقادات تجاه السياسات الأميركية المتبعة، وانتقاد قيام إدارة الرئيس بايدن بتقديم الدعم العسكري لإسرائيل، ومساندتها الهجمات التي تشنها إسرائيل على المدنيين، مما يتعارض مع القيم الديمقراطية التي تتبناها الولايات المتحدة، وأنه على الرغم من تأكيد الرئيس بايدن في عام 2022 دور الولايات المتحدة في تعزيز حقوق الإنسان والقيم المنصوص عنها في ميثاق الأمم المتحدة، فإنها تستمر في دعم إسرائيل، سياسياً ومالياً وعسكرياً في حربها ضد غزة، وذلك على الرغم من جرائم الحرب التي ترتكبها إسرائيل في القطاع. ومما سيزيد من التنديد بالمعايير الأميركية المزدوجة، وفي ظل التحذير من خطورة قيام الولايات المتحدة بالموافقة على مطالب رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو ببقاء القوات الإسرائيلية في غزة بعد انتهاء الحرب، وفي ظل رهانات على أن الهجمات التي تتعرض لها القوات الأميركية في المنطقة في ظل استمرار حرب غزة ستزيد من مطالبة الرأي العام الأميركي بالعودة إلى أميركا والانسحاب من المنطقة، خاصة أن حساسية الرأي العام الداخلي تجاه الخسائر الأميركية ستزداد على نحو خاص إبان فترة الانتخابات الرئاسية المرتقبة، خلال عام 2024. كل هذه التطورات قد تؤدي إلى تراجع شعبية بايدن، وارتفاع شعبية ترامب.
وفي حال أجريت الانتخابات اليوم فإن بايدن سيحصل على نسبة 44% من الأصوات، بينما سيحصل ترامب على 46% من الأصوات، كما أن دعم إدارة بايدن لإسرائيل من شأنه أن يضع التقدميين الشباب، وبعض الناخبين الأميركيين العرب بشأن إعادة انتخاب بايدن من عدمه لولاية ثانية محل تشكك، وفي ظل انقسامات حادة بين أعضاء الحملة الانتخابية للرئيس بايدن بشأن كيفية التعامل مع الحرب بين إسرائيل وحركة «حماس».
وتظهر هذه الانقسامات بشكل كبير بين أعضاء الحزب «الديمقراطي» الأكبر سناً المؤيدين لإسرائيل، والتقدُميين الأصغر سناً الذين هم أكثر تعاطفاً مع الفلسطينيين، ولهذا ظهر تخوف «الديمقراطيين» من تأثير موقف بايدن بشأن الحرب بين إسرائيل و«حماس» على إعادة انتخابه في ولاية ميشيجان إلى التحذيرات التي أصدرها أعضاء الحزب «الديمقراطي» بولاية ميشيجان لبايدن حول استمرار نهجه المؤيد لإسرائيل في حربها على غزة، ويلاحظ في المقابل توظيف الرئيس السابق ترامب الحرب بين إسرائيل و«حماس» في السباق الرئاسي، ليتهم بايدن بجلب الفوضى والإرهاب، وإلقاء اللوم على بايدن فيما يتعلق بتصاعد الصراعات حول العالم خلال فترة رئاسته، ومقارنتها بفترة رئاسة ترامب التي لم تشهد مثل تلك الحروب. ومن ثم ستحمل الانتخابات الأميركية المقبلة العديد من المفاجآت، خاصة في ضوء تتابع الأحداث الدولية التي تلعب فيها الولايات المتحدة دوراً محورياً، بالإضافة إلى الأزمة الاقتصادية الداخلية، والتي تمثل عاملاً محورياً بالنسبة للناخب الأميركي.
فهناك حالة من عدم الرضا نتيجة الدعم المطلق العلني لإسرائيل، ومن داخل الكونجرس يواجه بايدن حالة استياء من جانب التيار التقدمي أو اليساري، كما يواجه غضباً من الأميركيين من أصول عربية مسلمة، وهي فئة كانت تناصر بايدن بشكل، وذلك سيؤثر بلا شك على فرصه الانتخابية.
وهناك تحفظات عديدة أيضا تجاه الآلية التي تتعامل بها إدارة بايدن مع المطالب الخاصة بوقف إطلاق النار، وهي لم تمارس ضغوطاً على إسرائيل بهذا الصدد، بل تشجعها على الاستمرار، مع مراعاة ضعف المتنافسين (ترامب وبايدن)، سيظهر بعض المرشحين من المستقلين، والذي بدوره سيرجح كفة بايدن، أو ترامب، وهذا عنصر سلبي سيؤثر في اختيار رئيس كفؤ، لأن تشتيت الأصوات سيسهم في نتيجة انتخابية تجعل الرئيس ضعيفاً.
وفي ظل استمرار محاكمات ترامب، فمن الممكن وحسب نتائجها أن تدفع الناخبين إلى مسار بعيد عن المرشحين الاثنين ترامب وبايدن، كما لا تزال المخاوف الاقتصادية ذات أولوية وبشكل عام، أصبح «الديمقراطيون» أكثر تعاطفاً مع الفلسطينيين، مقارنة بالإسرائيليين في العقدين الماضيين، ما يؤكد أننا أمام متغيرات حقيقية في مشهد الانتخابات الرئاسية المقبلة.
الوسومالشرق اليوم الولايات المتحدة الأمريكية مقال رأي
شاهد أيضاً
حكومة نتنياهو..تأزم داخلي وتجاذب خارجي
العربية- طارق فهمي الشرق اليوم– تواجه الحكومة الإسرائيلية أزمة جديدة متعلقة بتسريب معلومات أمنية تورط …