الرئيسية / مقالات رأي / السودان ومخاوف الفشل

السودان ومخاوف الفشل

بقلم: علي قباجة – صحيفة الخليج

الشرق اليوم- بينما وصلت الأوضاع الإنسانية في السودان إلى حالة كارثية، في ظل الاحتراب الذي تتوسع رقعته بين الجيش والدعم السريع، لا يبدو أن ثمة أُفقاً مرتقباً للتوصل إلى حل ينقذ البلاد من براثن الفشل الذريع، والذي قد لا تبرأ منه لعقود مقبلة، على الرغم من المبادرات العديدة وآخرها إرسال منظمة «إيغاد» لقادة طرفي الصراع دعوات رسمية إلى عقد لقاء مباشر بينهما، لوقف الحرب الدموية التي أتت على الأخضر واليابس

هذه الدعوات تنتظر موافقة الطرفين حتى الآن مع دخول مناطق جديدة في الصراع كولاية الجزيرة، إضافة إلى الاشتباكات التي لم تتوقف بالأسلحة الثقيلة في باقي المناطق، والتي أسفرت عن كوارث أصابت السكان بفواجع لا تنتهي، إذ نزح ولجأ ملايين الناس داخلياً وخارجياً، وسط حالة من الجوع الشديد. وحسب الأمم المتحدة، فإن أكثر من 17 مليون نسمة يعانون انعدام الأمن الغذائي الحاد، هذا فضلاً عن آلاف الضحايا المدنيين.

دعوة «إيغاد» تأتي بعد محاولات حثيثة لأطراف عدة لجمع الطرفين بصيغة توافقية، توقف النزف الحاصل، ويبدو أن ثمة قبولاً لخطوة المنظمة من ناحية المبدأ، مع بعض الشروط من قبل كل طرف، إلا أن مجرد اللقاء، يعد فرصة جديدة يمكن أن تكون مخرجاتها مثمرة نحو حكومة مدنية، ومنع عسكرة البلاد، والتوصل إلى حلول لمستقبل الدعم السريع في الجيش أو الأجهزة الأمنية؛ بحيث لا إقصاء لأي طرف، وصولاً إلى حكومة مدنية.

كي يتحقق ذلك، لا بد أن تكون هناك جدية نحو الحل الفعلي، لا لشراء الوقت؛ لفرض وقائع جديدة تحسن الشروط، خصوصاً أن الوقت من دم، وليس هناك فسحة في ظل الظروف الحالية التي تهدد البلاد بالدمار الشامل، مع انتشار الموت في كل جانب، وإذكاء صراعات كانت خامدة، والتي بدورها قد تهدد البلاد بانقسام بشكل لا رجعة فيه، جرّاء تحفز أقاليم للانفصال.

السودان يمر بمرحلة دقيقة جداً، وبلحظات مفصلية، فإما أن تتواصل الحرب، وتتحول البلاد إلى كانتونات، كل جهة تضرب الأخرى، لأجل مصالح شخصية أو حزبية أو مناطقية، وإما أن يتم التعالي على كل ذلك، والبدء بمفاوضات جدية، تعيد الدولة إلى مسارها الصحيح، بحكومة مقتدرة تدير شؤون العباد والبلاد، وتعالج الأزمات التي خلّفتها الحرب، وتبدأ البناء الذي يتطلب سنوات، وعدم إضاعة الفرص؛ لأنها قد لا تعاد إلا بظروف أسوأ وأشد، وعندها من الممكن أن يكون الوقت قد نفد على كثير من الأمور التي كان ثمة فرصة لإصلاحها.

شاهد أيضاً

أمريكا والمسكوت عنه!

العربية- عبدالمنعم سعيد الشرق اليوم– الدولة تتكون من شعب وسلطة وإقليم؛ ويكون الشعب فى أعلى …