بقلم: أمال شحادة – اندبندنت
الشرق اليوم– رغم الضغوط التي تمارسها الولايات المتحدة على متخذي القرار في إسرائيل للتقدم نحو خطة لليوم الذي يلي حرب غزة تضمن وجود السلطة الفلسطينية، فإن الحكومة الإسرائيلية تواصل وضع خطط تتماشى ورغبتها في منع وجود للسلطة، وفي الوقت نفسه تكون مقبولة من الأميركيين.
خطة إسرائيلية
هذا ما كشفته وثيقة سرية سُربت من أروقة وزارة الخارجية الإسرائيلية، التي يعمل على بلورتها فريق خاص بإشراف وزير خارجية تل أبيب إيلي كوهين، الذي طلب أن تضمن الخطة عدم وجود للسلطة الفلسطينية بشكلها الحالي، لكنها ليست بعيدة عما يطلبه الأميركيون.
كشف هذه الوثيقة جاء بعد توضيح الموقف الإسرائيلي أمام وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن، الذي وصل إلى إسرائيل لمناقشة مختلف الملفات المتعلقة بالوضع الأمني في المنطقة، وعملية “طوفان الأقصى” بشكل خاص، وفيها أكد موقف واشنطن بضرورة العمل على تقوية السلطة الفلسطينية وضمان وجودها في غزة ضمن أي حل يتفق حوله بعد انتهاء الحرب.
وفي الملف اللبناني واصل الإسرائيليون تهديداتهم في أعقاب تصعيد تبادل القصف بين “حزب الله” والجيش الإسرائيلي.
وفيما طلب الإسرائيليون من أوستن ضمان التوصل إلى تسوية دبلوماسية مع “حزب الله” في غضون أسابيع قليلة على أن تشمل إبعاد عناصره 10 كيلومترات عن الحدود في الأقل، طالب أوستن بمنح وقت أطول للجهود الدبلوماسية التي بحسب قناعته سيتم التوصل من خلالها إلى اتفاق يضمن أمن الحدود الإسرائيلية مع لبنان وإعادة السكان المبعدين عن بيوتهم منذ مشاركة “حزب الله” في الحرب الأخيرة.
بنود الوثيقة
الوثيقة التي كشفت في إسرائيل تم تقديمها إلى مجلس الأمن القومي لاستكمال بلورتها، وهي تهدف إلى ضمان وجود الجيش الإسرائيلي، وفي الوقت نفسه قدرة الفلسطينيين على إدارة حكمهم بأنفسهم من دون سلطة فلسطينية ولا أي جهة مقربة من حركة “حماس”.
الخطة أدرجت ضمن فصلين الأول بينهما حول المستوى الأمني وبموجبه:
- ضمان حرية كاملة لعمل الجيش الإسرائيلي في أرض غزة.
- منع التضخم العسكري وتنفيذ نزع السلاح بشكل كامل.
- إنشاء مناطق عازلة.
- وضع آلية لمنع التهريب والرقابة على “محور فيلادلفيا” ومعبر رفح، وضمان عنصر دولي له صلاحيات تنفيذية في هذا السياق.
- ضمان مساحة بحرية آمنة.
وتفصل الوثيقة عمليات معمقة وطويلة الأمد تتطلب من بين أمور أخرى، تغييراً أساسياً في برامج ودور “أونروا” في قطاع غزة.
الفصل الثاني في الوثيقة يركز على المستوى المدني والحكومي، ومما جاء فيه:
- الآلية الدولية لتقديم الخدمات الإنسانية.
- إدارة الحياة اليومية بطريقة متكاملة: الدول الرئيسة والهيئات الدولية العاملة في القطاع والكيانات المحلية غير المرتبطة بـ”حماس”.
تصعيد الأسرى
وفي حين تركز الضغوط الأميركية والدولية على رسم مخطط اليوم الذي يلي الحرب، يصعد أهالي الأسرى في إسرائيل احتجاجاتهم بالتركيز على ضرورة التوصل إلى صفقة فورية.
ومع نشر حركة “حماس” فيديو لثلاثة أسرى إسرائيليين بعد أيام قليلة من مقتل ثلاثة آخرين بنيران الجيش الإسرائيلي، اتسعت الاحتجاجات لتشمل آلاف الإسرائيليين الذين يرفضون أي ادعاء للقيادة بأن تكثيف القصف والعمليات في غزة هو الوسيلة للضغط على “حماس” للخضوع والتراجع عن شرطها لصفقة أسرى بوقف القتال.
يعتبر الأهالي أن كل يوم يمر من دون عودة ذويهم يشكل خطراً أكبر على حياة الأسرى، لكن جهودهم حتى اللحظة لم تثمر عن شيء، في الوقت نفسه تتعمق الخلافات داخل الحكومة حول تقديم المساعدات الإنسانية والوقود لغزة، وهو قرار اتخذه الكابينت الحربي بعد ضغوط مكثفة من واشنطن مقابل منح الجيش الإسرائيلي وقتاً لاستمرار القتال في القطاع.
ضغط وإخضاع
ويرى المعارضون لهذه الخطوة أنها أكبر مساعدة لـ”حماس” لإعادة تجهيز نفسها، خصوصاً ما يتعلق بالوقود، وبرأيهم إذا كانت إسرائيل تريد ممارسة الضغط على الحركة فيكون بوقفها هذه المساعدات حتى تخضع وتتراجع عن تعنتها حول الصفقة وتقبل بمفاوضات وفق الشروط التي تريدها إسرائيل.
ووفق المحامي والمحلل الاقتصادي نحاميا شترسلر، فإن الطريقة الأفضل لمواجهة “حماس” هي “وقف كل التموين، بما في ذلك الوقود والغذاء والمياه، وعندها سيخرج المواطنون إلى تظاهرات ضد الحركة التي بدورها ستقوم بالاستسلام”.
وفي رأيه يجب على الجيش وقيادته تغيير طريقة القتال وتوجيه القصف والعمليات القتالية إلى المكان الذي تعاني فيه غزة من نقص نسبي في التموين. ويقول “الواضح أن تفوق (حماس) النسبي هو في المعارك في المناطق المأهولة المكتظة بشكل خاص، والأكثر تحصيناً في العالم، التي يعرف فيها عناصر الحركة كل زاوية وزقاق، وقد كان لديهم أيضاً الوقت الكافي من أجل حفر الأنفاق وإعداد الأكمنة وزرع العبوات”.
ويضيف شترسلر “لا يوجد لغزة وقود أو كهرباء مستقلة أو غذاء خاص بها، ولا حتى مياه نقية، يجب أيضاً الفهم أن تحقيق الانتصار في الحرب لا يتم فقط عندما يتم قتل المخرب الأخير، بل عندما تسقط روح القتال لدى العدو ويصاب باليأس ويرفع اليدين، ولا يوجد أي شيء يبعث على اليأس أكثر من نقص الوقود والكهرباء والغذاء والمياه”.
وتابع المحلل الاقتصادي “في اللحظة التي يكون فيها الجمهور و(حماس) جائعين وعطشى وليس لديهم كهرباء أو وقود، فإن الجمهور سيخرج إلى تظاهرات ضخمة ضد القيادة، مما سيؤدي إلى خفض شامل في المعنويات وكسر الرغبة في القتال والاستسلام”.
ويحظى موقف شترسلر بدعم أمنيين وعسكريين منهم غيورا إيلاند وهو أحد جنرالات الاحتياط بالجيش الإسرائيلي.
هجوم لبناني
وفي الجبهة الشمالية تجاه لبنان، حذر أمنيون وسياسيون من تداعيات فتح جبهة جديدة إلى جانب غزة، وذلك في أعقاب تصريحات ثلاثي الكابينت الحربي، بنيامين نتنياهو ويوآف غالانت وبيني غانتس، بأن إسرائيل لن تحتمل الانتظار أكثر من أسابيع قليلة الوضع القائم في منطقة الشمال واستمرار انتشار “حزب الله” على طول الحدود مع تل أبيب.
وحذر متحدث الجيش الإسرائيلي، دانيال هاغاري، مساء أمس الثلاثاء، من استمرار “حزب الله” في قصف بلدات الشمال وإدخال طائرات مسيرة، ودعا الجمهور إلى الالتزام بالبقاء في أماكن آمنة.
وأعلن الناطق بلسان الجيش الإسرائيلي لوسائل الإعلام الأجنبية جوناثان كون ريكوس، أن إسرائيل تقترب أكثر فأكثر من أي وقت مضى من حرب تجاه لبنان، لا سيما أن “حزب الله” أطلق أكثر من ألف نوع من الصواريخ والقذائف باتجاه إسرائيل، منذ اليوم الذي انضم فيه إلى عملية “طوفان الأقصى”، محذراً من أن يجر “حزب الله” المنطقة إلى “حرب غير ضرورية يمكن أن تكون لها عواقب مدمرة على الدولة اللبنانية وشعب لبنان”.
وأعرب المتحدث عن رغبة إسرائيل في التوصل إلى حل دبلوماسي يضمن الأمن على طول الحدود الشمالية، مضيفاً “لكن في الوقت نفسه الجيش الإسرائيلي يواصل كافة استعداداته لأي طارئ، وللعمل أيضاً من أجل إزالة أي تهديد للحدود بالوسائل المتاحة له، حتى هذه اللحظة”.