بقلم: يونس السيد – الخليج
الشرق اليوم- لا تعكس التصريحات الأخيرة لكبار المسؤولين في الإدارة الأمريكية، وعلى رأسهم الرئيس بايدن تغييراً حقيقياً في الموقف الأمريكي الذي يتماهى مع الموقف الإسرائيلي من الحرب على قطاع غزة، بقدر ما تعكس سعي الإدارة إلى تجميل صورتها السياسية والأخلاقية في مواجهة العزلة الدولية الناجمة عن انخراطها المباشر في مستنقع هذه الحرب.
صحيح أن هناك خلافاً ظهر إلى العلن بين واشنطن وتل أبيب حول اليوم التالي للحرب، بما يعنيه ذلك من ترتيبات لمستقبل قطاع غزة، إلا أن هذا الخلاف لا يلغي حقيقة الدعم الأمريكي المطلق لإسرائيل، عسكرياً وسياسياً واقتصادياً، بما في ذلك تغطيتها سياسياً في مختلف المحافل الدولية، وحمايتها من المساءلة والعقاب على جرائم الحرب التي ترتكبها ضد الفلسطينيين في كل مكان. وبالتالي، فإن التراجع الظاهري في الموقف الأمريكي، وتوجيه الاتهامات لحكومة نتنياهو بأنها الأكثر يمينية وتطرفاً في تاريخ إسرائيل، والمطالبة بتغييرها، لأنها ترفض “حل الدولتين”وتخسر دعم المجتمع الدولي، ليس سوى محاولة لاتخاذ خطوة إلى الوراء، بعدما وجدت نفسها تغامر بسمعتها وصورتها في الساحة الدولية، لا سيما بعد استخدامها “الفيتو” في مجلس الأمن وتصويتها ضد قرار وقف إطلاق النار الذي تبنته الجمعية العامة للأمم المتحدة بأغلبية ساحقة.
والأسوأ بالنسبة لواشنطن وتل أبيب معاً هي التحولات الجارية في الرأي العام العالمي، بما في ذلك داخل الولايات المتحدة وحتى داخل الإدارة الأمريكية لصالح وقف الحرب ووقف “مقتلة” الأطفال والنساء والمدنيين الفلسطينيين الأبرياء في قطاع غزة.
لكن أسوأ ما يواجه الإدارة الأمريكية، التي ستدخل مع بداية العام المقبل سنة انتخابية يحتدم فيها الصراع بين الديمقراطيين والجمهوريين، هو عدم قدرتها على الاهتمام بقضايا المنطقة، أو معالجة تداعيات الحرب الإسرائيلية قي غزة، والتي ستنعكس عليها بالتأكيد، خصوصاً أنها منحت إسرائيل الوقت الكافي (نحو شهرين ونصف) لتحقيق الأهداف المشتركة، وهي القضاء على حركة “حماس” وإطلاق سراح المحتجزين لديها، وتقديم ولو صورة إنجاز حقيقية واحدة، يمكن أن تسوقها أمام الرأي العام المحلي والدولي.
وربما يكون الأمر أكثر خطورة، إذا انتهت الحرب الإسرائيلية بالفشل، وهو احتمال بدأت الإدارة الأمريكية تأخذه بالحسبان، عبر الحديث عن مرحلة جديدة في الحرب تكون أقل حدة للقصف العشوائي، وهي بحد ذاتها تؤشر إلى خطوة تراجعية، وتكرار الحديث عن تجنب قتل المدنيين وإدخال المساعدات، حتى لا تغرق في وحول غزة وتداعيات الفشل المحتمل الذي قد تجلبه سياسات نتنياهو واليمين الإسرائيلي المتطرف.