بقلم: هوبارد من إسطنبول
الشرق اليوم- ما زالت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) تجني الفوائد من هجومها المفاجئ على إسرائيل يوم السابع من أكتوبر، حيث اكتسبت مكانة بين الفلسطينيين وسممت علاقات إسرائيل بالعالم العربي وأعادت القضية الفلسطينية إلى الأجندة الغربية، في حين غدت إسرائيل عالقة في حرب لا يمكن أن تنتصر فيها.
وبعد مرور شهرين من القصف الإسرائيلي المتواصل، وحالة الخراب التي صار إليها معظم قطاع غزة، وعدد القتلى الهائل والمتزايد، فإن إسرائيل لم تقتل كبار قادة حماس ولم تستعد المحتجزين لدى الحركة ولم تقدم أدلة مقنعة على أنها قادرة على تحقيق هدفها المتمثل في القضاء على حماس التي لا يظهر لها وجود إلا عندما يخرج مقاتلوها لمهاجمة الدبابات الإسرائيلية أو إطلاق الصواريخ على إسرائيل.
ارتفاع سقف هدف إسرائيل يشكل ميزة إضافية لحماس التي تستطيع أن تعلن النصر بمجرد بقائها على قيد الحياة للقتال في يوم آخر، وقال أحمد فؤاد الخطيب، محلل سياسات الشرق الأوسط إن “إسرائيل ستبقى عالقة في هذه الحرب التي لا يمكن الانتصار فيها، والتي ستتسبب في موت ودمار هائلين”.
وحشية لم يسبق لها مثيل
ما الذي يمكن أن تحققه إسرائيل بالضبط، علما أن مواصلة الحرب من الممكن أن تؤدي مع الوقت إلى الإضرار باقتصادها ومكانتها الدولية، في حين يشجع ذلك جيلا جديدا من الفلسطينيين على كراهية إسرائيل، وكل ذلك يعود بالنفع على حماس.
ولئن كان الهجوم المفاجئ الذي قادته حماس على إسرائيل “همجيا”، تقول الصحيفة، فإن الرد الإسرائيلي جاء بوحشية لم يسبق لها مثيل.
أسقطت إسرائيل آلاف القنابل على غزة وشنت غزوا بريا بهدف تدمير الهياكل العسكرية التابعة لحماس، فكانت الحرب كارثية على سكان غزة البالغ عددهم 2.2 مليون نسمة.
وأضافت أنه قتل منهم أكثر من 15 ألف شخص، ثلثاهم من النساء والأطفال، وأرغم نحو 85% منهم على مغادرة منازلهم، وهم يواجهون الآن تحديات متزايدة في العثور على الغذاء والماء والمأوى والرعاية الطبية.
ومع أن التقديرات تشير إلى أن عدد مقاتلي حماس يصل إلى 25 ألفا، يزعم المسؤولون الإسرائيليون أن بضعة آلاف منهم قتلوا في غزة، فإن مقاتلين من حماس وغيرها من الفصائل المسلحة يواصلون مهاجمة القوات الإسرائيلية داخل غزة، وقد قتلوا أكثر من 90 جنديا منذ بداية الغزو البري الإسرائيلي، حسب الصحيفة.
ورغم حالة الحرب، يستمر التنسيق بين أعضاء حماس داخل غزة وخارجها، مما سمح للقادة المقيمين في قطر بالتفاوض على تبادل المحتجزين بالأسرى.
وفي بيروت استضافت حماس ندوة عامة لتقييم “إنجازات وتحديات” الحرب حتى الآن، وقال ممثلها أحمد عبد الهادي إن المعركة تمثل “نقلة نوعية” في الصراع مع إسرائيل، وإن حماس والفلسطينيين قبلوا التضحيات اللازمة لإبقاء القضية الفلسطينية حية.
وأضاف أن “الشعب الفلسطيني ومقاومته كان عليهم اتخاذ قرار إستراتيجي مكلف، لأن تكاليف تصفية القضية الفلسطينية وإهدار حقوق الفلسطينيين ستكون أكبر بكثير”.
إسرائيل قد تخسر
وبينما تعتبر إسرائيل والولايات المتحدة ودول أخرى حماس منظمة إرهابية، فإن السلطة الفلسطينية التي تعترف بحق إسرائيل في الوجود ولديها سلطة محدودة في أجزاء من الضفة الغربية، تتعرض لانتقادات متزايدة من الفلسطينيين الذين يعتبرونها فاسدة وغير ديمقراطية ومخترقة لأن قواتها الأمنية تنسق مع إسرائيل لاعتقال المقاتلين الفلسطينيين.
وخلصت الصحيفة إلى أن الرئيس الأمريكي جو بايدن وغيره من المسؤولين دعموا إسرائيل بشكل كامل طوال الحرب، لكنهم في الأسابيع الأخيرة، خلطوا هذا الدعم ببعض القلق من أن الدمار الهائل وارتفاع عدد القتلى يمكن أن يقوض أهداف إسرائيل الأوسع، وجددوا دعواتهم لحل الدولتين بين إسرائيل والفلسطينيين باعتباره السبيل الوحيد لتحقيق سلام طويل الأمد.
وختمت التقرير بما نشره جون ألترمان، نائب الرئيس الأول لمركز الدراسات الإستراتيجية والدولية في واشنطن، بعد مرور شهر على الحرب، تحت عنوان “إسرائيل قد تخسر”، إذ أشار إلى أن الحرب قد تخدم أهداف حماس طويلة الأمد من خلال سحب الدعم من السلطة الفلسطينية لصالح الحركة، كما قد تزيد من عزلة إسرائيل عن دول العالمين العربي والنامي ويعقد علاقاتها مع الولايات المتحدة وأوروبا، مستنتجا أن “هذه هي الخطوة الأولى الضرورية لعكس القوة التي تكتسبها إسرائيل من الاندماج في المنطقة والعالم” من وجهة نظر حماس.
ترجمة: الجزيرة