بقلم: شون أوغرايدي- اندبندنت
الشرق اليوم– هل بوسع حزب العمال بقيادة سير كير ستارمر أن ينتج نوعاً من تأثير “هاينيكن” من خلال إنعاش أجزاء من المجتمع الانتخابي التي لم يتمكن أسلافه من بلوغها؟ (Heineken Effect هي مزاعم أطلقتها جعة هاينيكن بإنعاش إلى مناطق ليس بمقدور منتجات جعة أخرى بلوغها). ونتحدث هنا عن الناخبين الريفيين. يبذل وزير البيئة في حكومة الظل ستيف ريد أقصى جهده لتحضير أمر ما، وقد صرح في مؤتمر اتحاد الأراضي والأعمال التجارية في لندن وهي منصة جديدة للناطق الرسمي باسم الحزب أن حزب العمال بقيادة ستارمر “سيعامل مجتمعاتنا الريفية باحترام”. وينطوي هذا التصريح على انتقاد ضمني مفاده أنهم لم يقوموا بذلك منذ بداية الألفية الثانية. وقال “أصبحنا في غاية البعد عن تطلعات مجتمعاتنا الريفية ومشكلاتها. لن يحصل هذا بعد اليوم”.
كما حصل مع عديد من أقسام المجتمع الانتخابي، شرعت المحن التي عاناها حزب المحافظين باب الفرص لأحزاب المعارضة.
فهل يحتاج حزب العمال لأصوات المناطق الريفية لتحقيق الفوز؟
ربما لا، نظراً إلى أن الغالبية العظمى من البريطانيين يعيشون في الدوائر الانتخابية الحضرية وضواحي المدن، ولكن لا شك أن هناك عديداً من المجتمعات شبه الريفية وبلدات الأسواق، حيث بوسع حزب العمال إحراز تقدم. شهدت كثير من المناطق المشابهة تغيراً مع مرور الوقت لصالح أحزاب المعارضة مع انضمام خريجين شباب والعائلات المهنية إليها، كما أن حزب المحافظين خسر الدعم التقليدي بعد أن أخفق في حماية الخدمات العامة ودعم المزارعين بعد بريكست والحفاظ على الأنهار والبحار خالية من التلوث وإرساء سياسة متماسكة تتعلق ببناء المنازل والتنمية. في بعض المناطق يسود انزعاج حول ما الذي ستلحقه اتفاقات ما بعد بريكست مع مواقع على غرار أستراليا ونيوزيلندا بإيرادات المزارع، كما فاقم ارتفاع أسعار النفط والطاقة من خيبة الأمل والشعور بالإحباط.
في حال أراد حزب العمال تصوير نفسه كحزب وطني حاكم فعلاً، يحتاج في الأقل أن يتحدث مع الناخبين في القرى والبلدات حيث يشعر البعض أنهم “متروكون” كما يحصل في المدن الساحلية والمجمعات السكنية.
ما مدى ضعف حزب العمال في المناطق الريفية؟
إنه ضعيف إلى أقصى الحدود. فمن أصل 124 دائرة انتخابية مصنفة ريفية، فاز حزب العمال بمقعدين فقط خلال الانتخابات العامة الأخيرة في دائرتي هيمسوورث ونورث دورهام. ويشكل هذا العدد أقل مما حاز عليه الحزب الوطني الاسكتلندي وحزب بليد سيمرو اليساري ناهيك بالحزب الديمقراطي الليبرالي. وتسبب ضعف التمثيل وهشاشة القاعدة الحزبية في السابق بعرقلة محاولات إعادة البناء فضلاً عن تفوق الديمقراطيين الليبراليين بصفتهم منافسين خصوصاً في الجنوب والجنوب الغربي. وبرز أخيراً تحد أصغر على الحكومة المحلية من جهة حزب الخضر كما حصل في سوفولك على سبيل المثال.
ما المسائل التي تتطلب حلاً؟
بوسع حزب العمال أن يبلي حسناً في مجال الخدمات العامة والنقل (الحافلات والسكك الحديد الفرعية) وتلوث الأنهار ومن خلال روابط وثيقة أكثر مع الأسواق الأوروبية وسهولة الوصول إلى تلك الأسواق للإنتاج ومن أجل مجيء العمال الموسميين للقيام بأعمال الزراعة والبستنة. يقدم حزب العمال للمزارعين ومالكي الأراضي فرصة الوصول إلى طاقة أنظف وأقل كلفة وواردات غذائية أقل إضافة إلى اتفاق بيطري مع الاتحاد الأوروبي.
ماذا يقول حزب المحافظين؟
يتهم المحافظون حزب العمال بأنهم يستخدمون “الانتهازية السياسية المنافقة”. وبصورة موضوعية أكثر، بوسعهم القول إن المصالح الحضرية ستتقدم دائماً على المصالح الريفية لدى المجالس الاستشارية الداخلية لحزب العمال مع اختبار قلة من الموجودين في القيادة الحياة الريفية. وتتضمن نقاط الضعف لدى حزب العمال في المناطق الريفية الخطط للتخفيف من قواعد التخطيط في مجال الإسكان والتنمية التجارية (وهو أمر جدلي على رغم المطالبات المستمرة لبناء منازل ريفية بأسعار مقبولة وميسورة الكلفة) ومزارع طاقة الرياح البرية والأبراج وخطوط الكهرباء المرتبطة بها فضلاً عن المخاوف المتعلقة بكلفة وفعالية مضخات التسخين الكهربائية لاستبدال الأنظمة القائمة على النفط والغاز لتدفئة الممتلكات التي تكون غالباً قديمة العهد وضعيفة العزل.
هل بوسع حزب العمال الفوز بالأصوات الريفية؟
تكمن الأخبار الجيدة بالنسبة إلى حزب العمال في أن بعض نتائج الانتخابات الفرعية الأخيرة تفترض أنه بوسع الحزب تحقيق اختراقات قليلة. إن التقلبات والمكاسب الكبيرة وحتى القياسية التي تحققت في وسط بيدفوردشاير وفي سيلبي وأينستي على التوالي تفترض أنه بوسع حزب العمال في الأقل الدخول في تحد وتبيان أنه ليس بوسع الحزب الديمقراطي الليبرالي وحده اقتناص تلك المقاعد.
تشير التقارير الحالية إلى أن حزب العمال يستهدف مناطق بيشوب أوكلاند وكوبلاند وواركينغتون وترورو وفالموث وكلويد الغربية في الانتخابات المقبلة. بالنسبة إلى المحافظين، تشكل الدوائر الانتخابية الريفية الإنجليزية خطهم الدفاعي الأخير، وفي حال فقدوا مقاعد “جدار المزارع” سيزول الحزب عن الوجود.
ألم يصوت المزارعون لصالح بريكست؟
نعم البعض فعل ولكن لم يحصل ذلك بالغالبية الساحقة. في الواقع، عام 2016 قال اتحاد المزارعين الوطني بأن مصالح المزارعين “تتحقق على أفضل وجه من خلال البقاء ضمن الاتحاد الأوروبي”، وفي جميع الأحوال، تراجعت أهمية خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي كقضية بارزة. ولم تعد تشكل مكسباً للمحافظين كما كانت عام 2019 عندما سيطر الإحباط والتعب من بريكست على الحملة الانتخابية. وأدت خسارة اليد العاملة والأسواق الموسمية إلى إعادة تقييم نجاح الخروج من الاتحاد الأوروبي.
ماذا عن صيد الثعالب؟
إنها مسألة يهتم بها بشكل كبير طرفا النزاع ولكنها مع ذلك ليست مسألة انتخابية مصيرية وحاسمة على النتائج، فضلاً عن ذلك، من المغالطات القول إن أي شخص يعيش في الريف يدعم الرياضات الريفية. في كل الأحوال، من المستبعد أن يعيد حزب العمال النظر في الموضوع لأنه كما وجد توني بلير سابقاً، إن إقرار قوانين تتعلق بالصيد بواسطة كلاب الصيد تتطلب كثيراً من الجلسات البرلمانية مقارنة بالجدوى التي ستنتج منها.