بقلم: جيمس زغبي- الاتحاد
الشرق اليوم– تشير العديد من الأحداث التي وقعت في الأسابيع القليلة الماضية إلى واقعنا المخيف. فعندما يتعلق الأمر بحرية التعبير حول الأحداث بين إسرائيل وفلسطين، فإننا على أرض محفوفة بالمخاطر.
من الواضح أن الرأي العام قد تحول في اتجاه أكثر تأييداً للفلسطينيين، وخاصة بين الأميركيين الشباب والملونين. وحتى الآن، تم تسجيل هذه الحقيقة بشكل رئيس في بيانات الاقتراع. ولكن مع الأسابيع الستة الماضية من الهجوم الإسرائيلي الوحشي على غزة، كان هناك تدفق من البيانات الداعمة للحقوق الفلسطينية والمعارضة للحرب الإسرائيلية التي لا هوادة فيها ضد الشعب الفلسطيني.
كان من المتوقع أن يتم مواجهة الدعم المؤيد للفلسطينيين من قبل الجماعات الداعمة لإسرائيل. لكن ضراوة الهجمات المضادة المؤيدة لإسرائيل كانت مثيرة للقلق. فقد دعت منظمة يهودية أميركية كبرى تزعم أنها تدافع عن الحقوق المدنية الجامعات إلى حظر «طلاب من أجل العدالة في فلسطين» (وهي منظمة ناشطة للطلاب الجامعيين مؤيدة للفلسطينيين في الولايات المتحدة وكندا ونيوزيلندا)، ووصفتها بأنها معادية للسامية. وفي خطوة غير عادية، دعت حكومة الولايات المتحدة إلى التحقيق فيما إذا كان من الممكن اتهام الطلاب بـ «تقديم الدعم المادي للإرهاب». وفي حين أن بعض الطلاب لم يتوخوا الحذر في اختيار الكلمات للتعبير عن دعمهم للفلسطينيين، إلا أنه لا يوجد ما يدعم التهمة الخطيرة المتمثلة في الإرهاب. وقد استجابت بعض الجامعات بحظر «طلاب من أجل العدالة في فلسطين»، إلى جانب منظمة «الصوت اليهودي من أجل السلام»، وهي منظمة وطنية تضم الشباب اليهود الأميركيين التقدميين الداعمين لحقوق الفلسطينيين. وعلى الرغم من عضويتها اليهودية، تم وصف هذه المنظمة أيضا بأنها معادية للسامية من قبل نفس المدافعين عن إسرائيل.
قبل أسبوع، أرسل رئيس الحزب «الديمقراطي» في إحدى ولايات الغرب الأوسط بياناً صحفياً، يدين فيه مسؤولي منظمة «حزب الديمقراطيين الشباب» (وهي أكبر منظمة حزبية سياسية يقودها الشباب) في أحد أبنية الجامعات بالولاية. وانتهى البيان بنص أصرت الجماعات المؤيدة لإسرائيل على أنه بيان مثير للجدل. وبدلاً من أن يقولوا «من النهر إلى البحر، فلسطين ستصبح حرة»، كتبوا «ليكن كل فلسطيني حراً، من النهر إلى البحر».
وعلى الرغم من الجهود التي بذلها الطلاب، اتهمهم رئيس الحزب في الولاية باستخدام لغة معادية للسامية، وجعل الطلاب اليهود يشعرون بعدم الأمان في الحرم الجامعي، ودعم الإبادة الجماعية ضد الشعب اليهودي، ودعاهم إلى الاستقالة من مناصبهم المنتخبة في المجموعة الديمقراطية. ولتبرير هذا الرد القاسي، استشهد الرئيس بتعريف العبارة الأصلية، الذي قدمته مجموعة مؤيدة لإسرائيل.
وفي الأسبوع الماضي، أصدرت «جمعية التضامن لأميركا الوسطى بولاية ماريلاند (كازا)» وهي منظمة مجتمعية محترمة في ولاية ماريلاند تدافع عن المهاجرين وتقدم الخدمات لهم، بيانا لدعم الشعب الفلسطيني. وأدانت الجمعية ما قامت به حركة حماس يوم 7 أكتوبر، وأدانت أيضاً حملة القصف الإسرائيلية التي أودت بحياة آلاف الفلسطينيين. وورد في بيان «كازا» أنهم باعتبارهم أشخاصا ملونين، فإنهم يتعاطفون مع النضال من أجل العدالة والحرية لأن «النضال الفلسطيني يعكس انتصارنا».
وقد قوبل تضامن جمعية «كازا» برسالة من مجموعة من المشرعين والمسؤولين المنتخبين في ولاية ماريلاند يطالبون الجمعية بإلغاء بيانها، واصفين إياه بأنه «معادي للسامية». وباعتبارهم مشرعي الولاية الذين يقررون ميزانية الولاية، فقد ذكروا بشكل أكثر وضوحاً: «قد يكون هذا هو الوقت المناسب لإعادة تقييم آلية الولاية لتقديم المساعدات المالية والدعم لمجتمع المهاجرين لدينا». ونظرا لأن الآلاف من المهاجرين يعتمدون على جمعية «كازا» للحصول على الخدمات المهمة والمناصرة، فقد شعروا بأنهم مضطرون للاعتذار وإلغاء البيان. ولم يتراجع المشرعون بعد عن تهديدهم بوقف تمويل الجمعية.
وأخيراً، فإن مقالة افتتاحية نشرت في صحيفة «نيويورك ديلي نيوز»، هذا الأسبوع تدعو إلى إعادة تأسيس «رابطة الدفاع اليهودية» سيئة السمعة، يجب أن تثير القلق والغضب. وبدلاً من ذلك، فقد تم تمريرها دون تعليق من المسؤولين المنتخبين الذين يشعرون بالقلق إزاء انتشار الكراهية. وأشاد كاتب المقال، وهو فاعل خير بارز في نيويورك، بمؤسس «رابطة الدفاع اليهودية» «مئير كاهانا» وأشاد بفضائل الرابطة، مدعياً أنها تمثل اليهود الأقوياء، وتُعد رداً حازماً على تعاملات تستهدف سلامتهم. وتجاهل الكاتب الحقائق المتمثلة في أن الرابطة كانت لعقود من الزمن مدرجة في قائمة مكتب التحقيقات الفيدرالي للإرهاب، وكانت مرتكباً رئيساً للعنف الإرهابي خلال السبعينيات والثمانينيات، وتم حظرها في إسرائيل باعتبارها جماعة عنصرية أنتجت أمثال الشخص الذي ذبح المصلين المسلمين في المسجد الإبراهيمي في الخليل، والشخص الذي اغتال رئيس الوزراء إسحاق رابين. إن قيام إحدى الصحف الأميركية الكبرى بنشر مثل هذا المقال دون تعليق هو أمر يشير إلى مدى خطورة الوضع.