بقلم: منار الشوربجي- المصري اليوم
الشرق اليوم– خرج الآلاف فى واشنطن، العاصمة، فى مظاهرة دعم لإسرائيل، قالت القنصلية الإسرائيلية فى واشنطن إنها كانت تضم 290 ألف شخص. لكن المتخصصين فى فحص تلك الأرقام قالوا إن العدد لا يزيد على 15 ألف شخص، وهو ما يعنى أن القنصلية وضعت من عندها 265 ألفًا! غير أن الأهم هو أن تقارير صحفية نشرتها مواقع يهودية أمريكية تقدمية ذكرت أن المنظمات المناصرة لإسرائيل كانت قد أعلنت عن منحة مقدارها 250 دولارًا تحت اسم «تكاليف انتقال» لواشنطن العاصمة! ورغم أن العدد الفعلى الذى تلقى أموالًا ليحضر المظاهرة غير معروف إلا أن تضخيم الرقم فى حد ذاته يشير إلى القلق الإسرائيلى من المظاهرات الضخمة التى خرجت فى كبرى المدن الأمريكية دعمًا لفلسطين. وبينما خرجت تلك المظاهرة المناصرة لإسرائيل فى واشنطن، كانت أعداد ضخمة من اليهود الأمريكيين تغلق كوبرى جامعة بوسطن، وترفع لافتات تطالب بوقف إطلاق النار.
وفى الوقت الذى كان فيه لوبى إسرائيل يعلن أنه خصص مائة مليون دولار فى الانتخابات القادمة لهزيمة الجناح التقدمى من الأعضاء الديمقراطيين بمجلس النواب لأنه جرؤ على انتقاد إسرائيل ودعا لوقف فورى لإطلاق النار، كانت النائبة الديمقراطية اليهودية بيكا باليانت تدعو هى الأخرى لوقف إطلاق النار. و«باليانت» بذلك تكون قد انضمت لعشرات الآلاف من اليهود الأمريكيين الذين دعوا قبلها لوقف إطلاق النار. وهى حادت عن موقفها السابق الداعم لإسرائيل الذى اتخذته قبل شهر. وفى كلمتها أمام الكونجرس داعية لوقف إطلاق النار قالت «باليانت»: «أنا لا أزعم أننى أعرف كيف يمكن حل ذلك الصراع الممتد لعقود، ولكن ما أعرفه هو أن قتل المدنيين وقتل الأطفال أمر بغيض وغير مقبول بالمطلق». والحقيقة أن موقف «باليانت» لا يتوافق فقط مع موقف عشرات الآلاف من اليهود الأمريكيين وإنما يتفق أيضًا مع موقف أغلبية الديمقراطيين بل وأغلبية الرأى العام الأمريكى فى اللحظة الراهنة. ففى استطلاع للرأى أجرته «رويترز» و«إيبسوس»، تبين أن 68% من الأمريكيين يريدون وقفًا لإطلاق النار. أما توزيع تلك النسبة بين الديمقراطيين والجمهوريين فكانت أن ثلاثة أرباع الديمقراطيين ونصف الجمهوريين يؤيدون وقف إطلاق النار. غير أن الأهم من ذلك هو أن المؤيدين لإرسال أسلحة لإسرائيل انخفض إلى 31% من الأمريكيين، بينما يعارض إرسال تلك الأسلحة 43% منهم. وفى الاستطلاع نفسه، قال 41% إنهم مع إرسال أسلحة لأوكرانيا، فكانت تلك مفارقة بالغة الدلالة. إذ برزت الفجوة بين مواقف أعضاء الكونجرس ومواقف من يمثلونهم. فالمعارضة فى الكونجرس لإرسال أسلحة لأوكرانيا أعلى بكثير منها لدى الرأى العام، بينما تظل معارضة إرسال السلاح لإسرائيل محدودة فى الكونجرس وأكثر اتساعًا لدى الرأى العام. ولعل موقف الرأى العام الأمريكى الداعم لوقف إطلاق النار والمعارض لإرسال الأسلحة لإسرائيل هو السبب وراء موقف إدارة «بايدن» التى ترفض الإفصاح عن نوعيات الأسلحة التى أُرسلت مؤخرًا لإسرائيل وحجمها!
وتشير استطلاعات الرأى، الواحد تلو الآخر، إلى أن جماعتين تحديدًا من ناخبى الحزب الديمقراطى هما الأكثر تعاطفًا مع الفلسطينيين ورفضًا للاحتلال، وهما الشباب والسود.
والحقيقة أن القضية الفلسطينية لم تحسم يومًا الانتخابات فى الولايات المتحدة. لكن الشباب والسود الأمريكيين حسموا معركة الرئاسة السابقة لصالح «بايدن». ومن هنا، يغدو السؤال الأكثر أهمية هو: إلى أى مدى يمكن أن يؤثر موقف «بايدن» والكونجرس الداعم لجرائم إسرائيل فى غزة على معركتى الرئاسة والكونجرس فى انتخابات 2024؟!.