بقلم: أنور إبراهيم- العين
الشرق اليوم– رغم أن المنطقة الشرق أفريقية، واجهت صراعات من قديم الزمان، فإن الحرب السودانية التي اندلعت قبل أشهر بين القوات المسلحة السودانية والدعم السريع، تعد الأسوأ لعوامل عدة. ومن بين تلك النزاعات: الحروب الإثيوبية المتواصلة، مروراً بحرب الجنوب السوداني منذ عام 1983 “الحركة الشعبية والحكومة”، فالحرب الإثيوبية الإريترية 98-2000، وصولاً إلى الحرب الصومالية بين القوات الصومالية وحركة الشباب الصومالية، وحروب رواند بين الهوتو والتوتسي، وحرب تيغراي الأخيرة في شمال إثيوبيا. إلا أن أغلب تلك الصراعات كانت في مناطق لم تشهد استقراراً لفترات طويلة، مما ولّد خبرات لدى شعوبها في الحروب من خلال التغييرات السياسية.
وخلال أغلب الأحداث التي اندلعت كانت تجد تلك الشعوب المأوى في أقرب الدول إليها، ومنها السودان الذي لعب دورا كبيرا في استضافة العديد من اللاجئين من دول القرن الأفريقي، وكذلك لعب دورا في دعم جميع الأطراف، التي كانت تتحرك داخل الأراضي السودانية، مثل الحركات المسلحة الإثيوبية والأحزاب الإريترية التي ما زالت أعداد كبيرة منها تلجأ من وقت لآخر إلى السودان. تلك الصراعات أثرت على العديد من المناطق، مشكِّلةً نوعاً من التغيير الديمغرافي لبعض المناطق في شرق وغرب وجنوب السودان. لكن في ظل الأزمة التي يمر بها السودان، اختلفت الحروب والصراعات؛ فالحرب السودانية تعد الأولى من نوعها التي تندلع في العاصمة السودانية الخرطوم وتتحرك لباقي المناطق، كما أنها تعتبر جديدة على شعب مسالم واجه تحديات عدة. إن عمليات النزوح الجماعي جراء الحرب لم تستطع بقية الأقاليم السودانية استيعابها، مما أدى إلى النزوح لدول الجوار، مثل إريتريا ومصر وإثيوبيا.
إلا أن عمليات النزوح تلك كانت عبئا ثقيلا على الشعب السوداني، بسبب تحديات الطبيعة والثقافات والبيروقراطية الإدارية في بعض المناطق مثل إثيوبيا وإريتريا ومصر “صعوبة الإجراءات الخاصة بالدخول والخروج والتأشيرات في المعابر الحدودية والتي كانت أكبر العقبات”. وخلال العقود الماضية، اعتاد الشعب السوداني أن يكون مستضيفاً للشعوب المتضررة على أراضيه، فكانت جهوده بارزة في استقبال شعوب من دول مجاورة عدة.
اقتصادياً، تأثرت العديد من المناطق الحدودية في دول عدة مثل: إثيوبيا وإريتريا وتشاد التي كانت تعتمد على تجارة الحدود، من الوارد من المصانع السودانية، فكانت أن بدأت عملية عكسية أن يتم تهريب وإرسال البضائع من تلك الدول إلى المناطق السودانية المتاخمة لها، وهي عملية عكسية لم يكن يعتادها الشعب السوداني، مما أدى لانتقاد بعض المنتجات التي يتم استخدامها حاليا في تلك المناطق “عملية اندماج”. وكانت للحرب السودانية تأثيرات اجتماعية وسياسة واقتصادية وأمنية، ليس على السودان فحسب، بل على الدول المجاورة كافة، والدول الأخرى البعيدة عنها في المنطقة، وتربطها به العديد من العوامل والعلاقات السياسية والاقتصادية.
تظل الحرب السودانية في وقتنا الحالي الأسوأ، بعد أن شهدنا أحداثًا وحروبًا وصراعات متعددة في المنطقة الأفريقية خلال سنوات مضت، لكن فيما يبدو فإن التقييم الأخير للحرب السودانية سيكون الأسوأ في حالة حصر جميع الأضرار داخليا وخارجيا.