بقلم: محمد المنشاوي – الجزيرة
الشرق اليوم- أفادت تقارير بظهور خلافات بين إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن والحكومة الإسرائيلية برئاسة بنيامين نتنياهو بشأن طبيعة وكيفية الاستمرار في شن هجماتها على قطاع غزة، وبشأن تصورهما لمستقبل القطاع.
وتأتي هذه الخلافات بعد مرور أكثر من 40 يوما على بدء عملية “طوفان الأقصى” والعدوان الإسرائيلي على غزة الذي أدى إلى استشهاد قرابة 12 ألف فلسطيني وإصابة نحو 30 ألفا آخرين، مع تدمير كامل للبنية التحتية ومؤسسات مدنية مختلفة وعلى رأسها المدارس والمستشفيات.
وفي هذا السياق، تحدّث خبير صناعة الأسلحة والميزانية العسكرية الأمريكية بمعهد “كوينسي” وليام هارتونغ، بشأن الموقف الأمريكي من التطورات في القطاع.
وشغل هارتونغ سابقا منصب مدير برنامج الأسلحة والأمن في مركز السياسة الدولية، وهو مؤلف عدة كتب، منها “أنبياء الحرب: لوكهيد مارتن وصنع المجمع الصناعي العسكري”، و”دروس من العراق: تجنب الحرب القادمة”، و”الأسلحة للجميع”.
وأدار هارتونغ سابقا برامج في مؤسسة أمريكا الجديدة ومعهد السياسة العالمية. كما عمل كاتب خطابات ومحلل سياسات للمدعي العام لولاية نيويورك روبرت أبرامز.
وفي ما يلي نص الحوار:
كيف تقيّمون سياسة الرئيس بايدن تجاه الحرب على غزة ولماذا اتخذ هذا الموقف؟
من المفهوم والمتوقع من الرئيس بايدن، نظرا لدعمه طويل الأمد لدولة إسرائيل، أنه سيرغب في مساعدتها في الدفاع عن نفسها بعد الهجمات المروعة التي شنتها حركة المقاومة الإسلامية (حماس).
لكن أن يصبح بايدن عامل تمكين إسرائيل لتشن حربا شاملة على غزة قتلت الآلاف من المدنيين يعد أمرا غير مقبول أخلاقيا وغير حكيم سياسيا وإستراتيجيا. ولن يؤدي ما يجري إلى بيئة أكثر أمانا لشعب إسرائيل، وسيضر بمكانة بايدن السياسية في الداخل وسمعة الولايات المتحدة ونفوذها في الخارج.
بعد أكثر من 40 يوما من العدوان على غزة، كيف تنظر إلى رؤية بايدن لكيفية إنهاء هذه الحرب؟
من غير الواضح وجود رؤية لدى إدارة الرئيس بايدن لإنهاء الحرب.
يشعر تيار الشباب التقدمي في الحزب الديمقراطي بالصدمة من سياسة بايدن تجاه الحرب في غزة، وخاصة عدم الدعوة بعد إلى وقف إطلاق النار، كيف يؤثر ذلك على آمال بايدن الرئاسية لعام 2024؟
يشعر عديد من الناشطين الشباب بالغضب من دعم الإدارة السياسي والعسكري والمالي لحرب الحكومة الإسرائيلية على غزة، ولن يصوتوا للرئيس بايدن عام 2024 نتيجة لذلك، خاصة إذا كانوا في ولايات متأرجحة مثل ميشيغان، إذ من المرجح أيضا أن تمتنع الجالية الفلسطينية الأميركية عن دعم بايدن، فقد يحدث ذلك فرقا.
والأسئلة المهمة المطروحة هنا هي كم من التقدميين الأصغر سنا كانوا يخططون للتصويت لصالح بايدن في المقام الأول؟ وما الولايات التي يوجدون فيها؟ وهل الخوف من إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب الثانية يقود بعضهم إلى التصويت لبايدن على مضض؟
قبل 8 أشهر، أصدرت إدارة بايدن توجيها رئاسيا يحظر نقل الأسلحة إلى البلدان التي يُحتمل أن تستخدمها لاستهداف المدنيين. ومع ذلك، لا يزال البيت الأبيض يوافق على تقديم المساعدات العسكرية لإسرائيل، فهل ينتهك البيت الأبيض توجيهاته الخاصة ولماذا؟
تنتهك الإدارة بالتأكيد توجيهاتها الخاصة في هذا المجال. لكن جميع السياسات من هذا النوع، تقريبا، تترك مجالا للرئيس للتنازل عن هذه المتطلبات أو تجاهلها بناء على الظروف. وقد قررت إدارة بايدن أن دعم إسرائيل في هذه اللحظة يفوق المخاوف بشأن الضرر الذي يلحق بالمدنيين.
ورغم أنها حثت إسرائيل على احترام القانون الدولي، وحماية المستشفيات، وتنفيذ فترات توقف للسماح بدخول المساعدات الإنسانية، فإنها لم تعالج المشكلة الكبرى، وهي أن القصف الجوي المكثف للمناطق المكتظة بالسكان سيقتل أعدادا كبيرة من المدنيين، ولا يمكن إلا لوقف إطلاق النار أن يضع حدا لذلك على نطاق واسع.
وصف السيناتور الجمهوري توم تيليس المطالبين بوقف إطلاق النار بأنهم “ساذجون” أو “بغيضون”، ما رأيك في موقفه الذي يمثل كثيرين في الكونغرس؟
يحاول السيناتور تيليس نزع الشرعية عن المعارضة المشروعة والضرورية. إن وقف إطلاق النار هو السبيل الوحيد لمنع آلاف الفلسطينيين الآخرين من الموت.
من السذاجة الاعتقاد أن دعم الحرب على غزة يخدم مصالح الولايات المتحدة، أو قد يؤدي إلى شرق أوسط أكثر أمنا، ناهيك عن وضع أكثر أمانا لشعب إسرائيل.
ماذا تقول لمواطني الشرق الأوسط الذين يستغربون دعم إدارة بايدن الكامل لإسرائيل بعد السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي؟
لا يمكنني التحدث باسم إدارة بايدن، الأمر متروك لهم لشرح سياستهم في ما يتعلق بالحرب في غزة، ولماذا لا تدعم وقف إطلاق النار أو تستخدم نفوذها الكامل مع الحكومة الإسرائيلية للضغط من أجل وقف الهجمات.
خلافا للحالة الأوكرانية، لماذا تعتقد أن الأسلحة الأميركية المقدمة لإسرائيل تُحاط بسرية كبيرة من حيث الأنواع والكميات؟
تفخر إدارة جو بايدن بدورها في تزويد أوكرانيا بالأسلحة التي تحتاجها للدفاع عن نفسها أمام “الغزو” الروسي. وربما لا تريد هذه الإدارة تسليط الضوء على الدور المحتمل لأسلحة أميركية محددة في ارتكاب جرائم حرب محتملة في غزة.
إن عمليات نقل الأسلحة إلى إسرائيل ليست محاطة بالسرية حرفيا، ولكن هناك تفاصيل أقل بكثير مما كانت عليه في حالة أوكرانيا. وهناك بعض المعلومات المتاحة حول توفير القنابل وقذائف المدفعية والبنادق المحتملة وجميع الأنظمة التي يمكن استخدامها مباشرة في حرب غزة.
هل تعتقد أن الولايات المتحدة تنتهك قوانين محلية أو دولية بدعم وتسليح عمليات الجيش الإسرائيلي في غزة؟
أنا لست خبيرا قانونيا، لكن توريد الأسلحة إلى بلد ينتهك قواعد القانون الدولي يمكن أن يورط بالتأكيد الدولة الموردة.
لماذا تعتقد أن إدارة بايدن زودت إسرائيل بقذائف 155 مليمترا المعروفة بإلحاق الضرر بالمدنيين مع انتقال الهجمات إلى أحياء أكثر اكتظاظا بالسكان؟
رغم المحاولات الهامشية من إدارة بايدن لحث إسرائيل على الحد من وفيات المدنيين، فإنها زوّدت حكومة نتنياهو إلى حد كبير بأي أنظمة طلبتها، وهذا يدفعنا للقول بعدم وجود شفافية كاملة حول محتوى المساعدات العسكرية الأميركية.
في ظل أي ظروف تتوقع أن يدعو الرئيس بايدن إلى وقف فوري لإطلاق النار؟
إن الضغط الشعبي والدولي المستمر، والمقترن بالاعتراف بأن جميع الهجمات على غزة تقوّض الوضع الأمني في إسرائيل والشرق الأوسط والعالم، هو الأمر الوحيد الذي يمكن أن يغيّر نهج الإدارة.