الشرق اليوم- حيرت الظاهرة المعروفة باسم “ديجا فو” (Déjà vu) العلماء، منذ فترة طويلة للغاية، ولم يجدوا تفسيرا دقيقا للشعور الغريب، بأن حدثا ما جديدا يبدو مألوفا للغاية كما لو أنه حدث بالفعل.
وأطلق على الظاهرة اسم “ديجا فو” نسبة إلى المصطلح الفرنسي Déjà vu والذي يعني “سبق رؤيته”.
وتقول سنام حفيظ، طبيبة نفسية، وأخصائية في علم النفس العصبي ومديرة إكلينيكية للخدمات النفسية الاستشارية الشاملة في مدينة نيويورك: إن الظاهرة “تشير إلى شعور غريب ومميز بأن الشخص قد مر بالفعل بالوضع الحالي أو الحدث الحالي، على الرغم من أنه حدث جديد وغير مألوف”. مضيفة لشبكة “فوكس نيوز” أن “ديجا فو ظاهرة غريبة. يبدو الأمر وكأنه موجة قوية من الإلمام باللحظة الحالية كما لو كان الشخص يعيش تجربة سابقة من جديد”.
وقالت إنه على الرغم من أن السبب الدقيق لظاهرة “ديجا فو” ما يزال غامضا إلى حد ما، فقد تم اقتراح العديد من النظريات لتفسيرها.
ويشير البعض إلى أن الظاهرة قد تكون مرتبطة بكيفية معالجة الذكريات في الدماغ، ما قد يؤدي إلى تأخير أو أخطاء في استرجاع الذاكرة.
ويواجه نحو 60% إلى 70% من الأشخاص الذين يتمتعون بصحة جيدة أحد أشكال ظاهرة “ديجا فو” خلال حياتهم وفقا لموقع WebMD. بينما تقول نظريات أخرى إنها قد تنجم عن معالجة الدماغ للمعلومات من خلال مسارات متعددة في وقت واحد.
وتوضح الدكتورة سنام أن هناك نظرية أخرى مثيرة للاهتمام تتعلق بفكرة الذكريات المخزنة بطريقة معقدة ومترابطة في الدماغ.
وتشرح: “بغض النظر عن الآلية الدقيقة، فإن ديجا فو هي تجربة عابرة ومشتركة لا تدوم إلا لفترة وجيزة، وتؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ولا تعد حالة مرضية. وعلى الرغم من أن ديج افو ما تزال لغزا، إلا أنها ما تزال أيضا تمثل وجها رائعا للوعي البشري”.
ومن المثير للاهتمام أن ظاهرة “ديجا فو” من المرجح أن تحدث بشكل أكثر لدى الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و 25 عاما، وفقا لموقع Health.com.
وقال المصدر نفسه: “الأشخاص الحاصلون على قدر أكبر من التعليم، وأولئك الذين يسافرون كثيرا، والأشخاص الذين يمكنهم تذكر أحلامهم، هم أيضا أكثر عرضة لتجربة ديجا فو”.
ومع ذلك، توضح الدكتورة سنام أن تكرار تجارب “ديجا فو” يمكن أن يختلف بين الأفراد، وقد يكون لدى البعض تجارب غير متكررة، في حين قد يواجهها آخرون في كثير من الأحيان.
وأشارت إلى أنه “من المهم ملاحظة أن ديجا فو لا ترتبط بأي حالة طبية أو نفسية معينة. إنها عادة ما تكون تجربة قصيرة وعابرة، وتعد جانبا طبيعيا من الإدراك والذاكرة البشرية”.
وتقول الدكتورة سنام إن ظاهرة “ديجا فو” في حد ذاتها لا تعد عادة حالة طبية ولا ترتبط باضطراب طبي أو نفسي محدد.
ومع ذلك، هناك بعض الحالات الطبية والاضطرابات العصبية التي قد تحدث فيها تجارب شبيهة بظاهرة “ديجا فو” بشكل متكرر أو في شكل متغير، وتشمل:
– الصرع: يتم أحيانا الإبلاغ عن ظاهرة “ديجا فو” على أنها عارض من أعراض النوبات الجزئية لدى المصابين بالصرع. ويمكن أن تكون علامة تحذير على أن النوبة على وشك الحدوث.
– الصداع النصفي: قد يعاني بعض الأفراد المصابين بالصداع النصفي من أحاسيس تشبه “ديجا فو” كجزء من مرحلة الهالة ( مجموعة من الأعراض العصبية قبل ظهور الصداع).
– صرع الفص الصدغي: يرتبط هذا الشكل المحدد من الصرع بوجود تشوهات في الفص الصدغي للدماغ ويمكن أن يؤدي إلى تجارب “ديجا فو” المتكررة والمكثفة.
– الفصام: قد يتم أحيانا الإبلاغ عن ظاهرة “ديجا فو” كعارض من أعراض الفصام، على الرغم من أنها مجرد واحدة من العديد من الأعراض المحتملة المرتبطة بالاضطراب.
– القلق أو التوتر: يمكن أن تؤدي المستويات العالية من القلق أو التوتر في بعض الأحيان إلى تشوهات في الإدراك والشعور بعدم الواقعية، والتي قد تشمل مشاعر تشبه ظاهرة “ديجا فو”.
وعلى الرغم من أن تجربة “ديجا فو” في غالبية الأحيان ليست علامة على وجود حالة طبية، إلا أن حدوثها بشكل متكرر، خاصة إذا كانت مصحوبة بأعراض أخرى غير عادية، فمن المستحسن استشارة الطبيب لاستبعاد أي حالات طبية أو عصبية كامنة.
المصدر: نيويورك بوست